آلية خصخصة الكهرباء في لبنان
تستحوذ عبارة الخصخصة أو التخصيص أو الخوصصة على اهتمام معظم دول العالم سواء كانت متقدمة أو نامية وهي جميعها تسميات لمصطلح اقتصادي بالغة الإنكليزية أو الفرنسية لكلمة privatisation.
لا يوجد مفهوم دولي متفق عليه لكلمة الخصخصة، حيث يتفاوت مفهوم هذه الكلمة من مكان إلى اخر ومن دولة إلى أخرى.ولكن لو اردنا تعريف هذه الظاهرة التي أصبحت موضوعا رئيسيا يتم استخدامه في معظم الدول، فانها فلسفة اقتصادية حديثة ذات استراتيجية، لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة، من القاع العام إلى القطاع الخاص. فالدولة، في المفهوم الاقتصادي الحديث، يجب ان تهتم بالامور الكبيرة كالامور السياسية والادارية والأمنية والاجتماعية التي ترتبط بسياستها العليا, اما سائر الامور الأخرى فيمكن تامينها من قبل القطاع الخاص وذلك في اطار القوانين والأنظمة الت تضعها الدولة وتنظم من خلالها عمل هذا القطاع.
كان حجم القطاع العام في لبنان ، عشية اندلاع الحرب في لبنان محدوداً ، اذْ لم تتجاوز حصته من الناتج المحلي الاجمالي الـ 15 في المئة ، ولم تشكل الاستثمارات العامة ، كمتوسط سنوي ، خلال الفترة الممتدة من العام 1964 لغاية 1970 اكثر من 18 في المئة من مجموع الاستمثارات.
تكوّنت بنية القطاع العام بصورة اجمالية من مرافق خدمية آلت ادارتها الى الدولة لاسباب عدة اهمها انتهاء عقود الامتياز التي كان امر ادارتها وتشغيلها في عهدة شركات خاصة اجنبية .
تضررت مرافق القطاع العام في أثناء الحرب وتدهور بالتالي اداؤها الامر الذي استوجب ، بعد دخول البلاد مرحلة السلم الاهلي ، اعادة تأهيلها كي تستانف تقديم خدماتها.
في هذا الاطار تم طرح مسألة الخصخصة ، اي في سياق البحث في سبل اعادة بناء هذه المرافق وهيكلتها من ناحية التمويل ، بعدما خاب الامل المعقود على تدفق مساعدات خارجية ، ومن ناحية الاصلاح الاداري حيث الخيبات مزمنة بسبب الاعتبارات الطائفية والفساد السياسي المتجذر .
لعل اول طرح رسمي لمسألة الخصخصة كان في قــرار مجلس الوزراء ( حكومة الرئيس عمر كرامي ) بتاريخ 11/3/1992 القاضي بتكليف لجنة خبراء وضع ” تصور عام لخطة عمل اقتصادية مالية لمعالجة الضغوطات التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني وتقديم مقترحات لتحقيق الاستقرار التدريجي وتدعيم النهوض الاقتصادي ” . وقد دعا تقرير اللجنة الى ” ضرورة تخصيص ( خصخصة ) بعض الأنشطة العائدة لقطاع الدولة مثل خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية وجمع النفايات وغيرها من الانشطة العامة “. وقد بررت اللجنة اللجؤ الى الخصخصة بعدم توفر الشروط المؤاتية لاجراء اصلاح اداري حقيقي من جهة ، ومن جهة اخرى لتشجيع اجتذاب مدخرات اللبنانيين في الداخل والخارج ، الامر الذي يشكّل اداة تسريع لقيام سوق مالية نشطة .
في العام 1992 اوصى خبراء البنك الدولي ” حيال اهتراء الوضع الاداري العام للحكومة وفي المؤسسات العامة “ومحدودية قدرة القطاع العام على التمويل ، ان يتولى القطاع الخاص تشغيل بعض المشاريع التي يتم تأهيلها وصيانتها ، وان يلعب دوراً رئيساً في تطوير البنى التحتية في المرحلة الاولى من خطة اعادة الاعمار . كما اوصى الخبراء ، لاسباب تتعلق بالفعالية والتمويل ، بتخلي الدولة عن عدد من المصالح في القطاع العام ، بينها قطاع الاتصالات وقطاع الطاقة ، وايلاء امر تطويرها بصورة كاملة للقطاع الخاص .
وفي تقرير لاحق لخبراء من البنك الدولي جرى وضعه في العام 1995 أضيف ، في معرض تبرير اللجوء الى الخصخصة ، الى مسّوغَي التمويل وتعذر الاصلاح الاداري ، مسوّغات اخرى : زيادة الفعالية المرتجاة من اداء المرافق العامة ، وتفرّغ الحكومة لقضايا وأنشطة لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها ، وتوسيع فرص الاستثمار لموارد القطاع الخاص .
ان للخصخصة شروطا يقتضي توفرها لضمان نجاحها . أبرز هذه الشروط السوق التنافسية الحرة ، والسوق المالية والمتطورة ، المؤهلات الادارية العالية . اذا كانت هذه الشروط غير متوفرة فانه يقتضي توفيرها من خلال خطة الاصلاح المالي وما تنطوي عليه من برامج تصحيحات هيكلية في المدى القصير تهدف الى اعادة التوازن الى ميزان المدفوعات ، وخفض الانفاق العام ، وتهدف على المدى الطويل الى تطوير العرض الداخلي للخدمات والسلع ، وتحسين اداء جهاز الانتاج ، والحد من هدر المواد المتاحة ، ودعم القدرة التنافسية للانتاج .
فالخصخصة ممكن أن تلعب دورا إيجابيا و لكن إن أردنا أن تكون كذلك من خلال وضع المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة. و للأسف هذا غير موجود في لبنان مما يؤدي إلى هدر أموال الشعب اللبناني و إلى إحتكار القطاعات المخصخصة.
إن أردنا أن ننظر اليوم إلى موارد الدولة اللبنانية التي تخصخص مثل : لم النفايات و قطاع الإتصالات الخلوي فتعتبر غير مبنية على أساس المصلحة العام فلبنان كلفة المخابرة فيه عالية جدا و لا يوجد فيه سوقا تنافسيا بل نحن في زمن إحتكار لهذا القطاع مما يؤشر إلى وجود محاصصة و تقاسم الأرباح فيما بين الساسة.
و إن نظل سائرون في هذا النهج أعتبر منذ اليوم أن إقتصادنا سوف يدمر أكثر و أكثر و أن مستقبليا سوف تخصخص قطاعات عدة و في نفس المنطق و التصرف أي المحاصصة و الإحتكار.
ما يجب أن نفعله هو وضع هيئة ناظمة للخصخصة مهمتها إختيار المناقصة الأفضل و إبرام العقود التي تصب في مصلحة الدولة اللبنانية و من بعد ذلك متابعة تنفيذ هذه العقود، مما يؤدي إلى تنافس أكبر فيما بين الشركات و إلى تأمين خدمة أفضل بالسعر الأرخص. فهذا أمر ضروري في حال أردنا تبني الخصخصة.
و ممكن إنشاء شركات مساهمة ، يتمكن المواطن اللبناني من شراء أسهم فيها و يكون دور هذه الشركة أن تتنافس مع الشركات المسموح لها بخصخصة أي قطاع و ذلك لتمكين المواطن اللبناني أيضا الإستفادة من الأرباح التي ستجنيها الشركات . و ذلك يدفع إلى التنافس بين الشركات و القضاء على الإحتكار الحاصل و تمكين المواطن اللبناني من الإستفادة من الأرباح الناتجة عن الخصخصة، مما يحفزه في متابعة الملفات في القطاع العام و ذلك يؤدي إلى إردياد الشفافية في الدولة.
الخصخصة ممكن أن تكون مورد ناتج للدولة و للمواطن سوية إن أردنا أن يكون كذلك.
فخصخصة الكهرباء ليست الخيار الاقتصادي الأمثل، وهي حتماً ليست خياراً اجتماعياً، فالفشل هنا تكون له آثار بالغة لا تُمحى، والمعايير المطلوبة تصبح دقيقة أكثر… ويبقى السؤال الأساس، لماذا اللجوء إلى القطاع الخاص ما دامت الدولة قادرة على تأمين «24/24 ساعة كهرباء»؟
إضافةً إلى الأسباب العلميّة القائلة بأنّ نقل قطاع الكهرباء إلى القطاع الخاص ليس عمليّة ناجحة حتماً وفقاً للتجارب المسجّلة حول العالم، هناك خصوصيّة لهذا القطاع الطاقوي في لبنان، فسيطرة رأس المال الخاص عليه لها تداعيات سلبيّة اجتماعياً، كما أنّ جدواها ليست بحسب الاعتقاد السائد.
تجارب كثيرة حول العالم توضح أنّ خصخصة قطاع الكهرباء لا تؤدّي دائماً إلى تحسين أدائه وجعله مربحاً. البرازيل وولايات أميركيّة وكنديّة وبلدان و في أفريقيا اكتشفت أنّ العمليّة مكلفة اقتصادياً واجتماعياً.
في لبنان قطاع الكهرباء لم يذق نكهة الاستثمار العام طيلة عقد من الزمن، بسبب ضعف سياسات التوجيه. والآن مع ضعف الإنتاج مقارنةً بالطلب المتزايد تزداد الحاجة بقوّة إلى استثمارات تعوّض النقص الحاصل، الذي يزداد باطّراد.
وفي دراسته التفصيليّة عن وضع الكهرباء في لبنان (انتهى من إعدادها في كانون الأوّل عام 2008) يقول البنك الدولي إنّ حاجة لبنان من الكهرباء سترتفع بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2015 لتبلغ 20598450 ميغاوات ساعة، ما يعني زيادة الطاقة الإنتاجيّة بواقع 1500 ميغاوات ساعة. أي ما يعادل استثمارات قيمتها مليار دولار، وفقاً للدراسة نفسها.
غير أنّ تحديد مصدر تلك الأموال لا يزال يطرح تساؤلات عدة، هل تُرصد اعتمادات لها من الموازنة العامّة، أم «يُشرّك القطاع الخاص»؟
يمكن التسليم في هذا السياق بأنّ الجدوى العامّة تُحدّد فقط إذا جرت ملاقاة الجدوى الاجتماعيّة، على اعتبار أنّ ما يحتاج إليه قطاع الكهرباء في لبنان معروف (الاستثمار في تطوير القدرة الإنتاجيّة). فتلك الاستثمارات يمكن أن ينفّذها القطاع العام أو القطاع الخاص أو مزيج من الاثنين. ويتّضح أنّ إدارة القطاع برأس المال الخاص ليست دائماً عمليّة ناجحة. فالتداعيات الاجتماعيّة قد تتحوّل وخيمة نظراً للطابع الاستراتيجي التي تتمتّع به الكهرباء. تداعيات لُحظت في بلدان أخرى حول العالم خصخصت قطاعها الكهربائي. ففي أستراليا على سبيل المثال تراجع عدد الوظائف في قطاع الكهرباء بنسبة تفوق 60 في المئة إلى 33 ألف عامل. الشركات العملاقة التي سيطرت على قطاع الكهرباء في البلدان التي لجأت إلى إعادة الهيكلة نحو الخصخصة هي مؤسّسات يحكم عملَها أساساً مبدأُ تعظيم الربح لا طبعاً الرعاية الاجتماعيّة. واللافت هو أنّ تلك الشركات لا تنفكّ تقلّص دائرتها وتلجأ إلى عمليّات الاندماج والاستحواذ ما يركّز «القدرة الكهربائيّة» في يد مجموعة محدّدة غير مرنة في مسائل الرعاية الاجتماعيّة وغير مراعية للمعايير البيئيّة.
بأيّ شروط ستجري خصخصة قطاع الكهرباء في لبنان؟
وهنا تكمن عقدة أساسيّة يزداد تجاهل مفاعيلها. فالبنك الدولي يشير في دراسته المذكورة إلى أنّ تطوير القدرة الإنتاجيّة عبر استثمارات القطاع العام يؤدّي إلى كلفة تبلغ 6.58 سنتات للكيلووات ساعة، فيما ترتفع تلك الكلفة إلى 8.19 سنتات عبر استثمارات القطاع الخاص… فإذا لجأ القطاع العام إلى الاستثمار حالياً، ولم يخصخص، سيوفّر على الشعب أعباءً مستقبليّة لها تبعات اجتماعيّة كبيرة.
تلك الأعباء حتميّة نظراً إلى أنّ «الطرف المشتري بمجرّد أن يُمسك القرار سيُترجم كلّ تصرّفاته بمعيار الربح والخسارة»، وفقاً لحمدان. وإذا جرى بالفعل تكريس نهج الخصخصة في الكهرباء «يصل الباحث إلى حدّ التساؤل: هل استمرار نزف الكهرباء هو شرط لاستمرار النسق السائد للأرباح والخسائر؟
.
وعن «الخصوصيّة اللبنانيّة» في ما يتعلّق بالجباية ومستوى السرقة المتوزّعة في جميع المناطق اللبنانيّة، يلفت حمدان إلى الدراسة التي أعدّها مركزه، التي تفيد خلاصتها الأساسيّة أنّ الناس من كل الفئات، بمن فيهم الفقراء ومتوسّطو الدخل «مستعدّون للدفع في مقابل ضمانات حقيقيّة بحصولهم على الكهرباء». وعموماً فإنّ أيّ هيكلة للقطاع إن كانت على صعيد الإنتاج أو التوزيع «يجب أن تراعي التشطير بحسب الاستهلاك الشهري أو بحسب المناطق» بسبب «الخصوصيّة» نفسها، ومن المعروف أنّ تلك الاعتبارات لا يستطيع القطاع الخاص أن يحترمها، وأن يرتّب حساباته وفقاً للمعايير الاجتماعيّة.
حسابات القطاع العام يُفترض أن تكون في المبدأ اجتماعيّة ـــــ استراتيجيّة وطبعاً لا تهمل الجدوى الاقتصاديّة التي يقول وزير الطاقة آلان طابوريان إنّه يستطيع تأمينها عبر «خطّة متكاملة» لزيادة الإنتاج. ولكن في لبنان هناك تعقيدات أخرى تجعل الصوت يعلو في كثير من الأحيان من أجل إشراك القطاع الخاص على الرغم من أنّ العائدات الاقتصاديّة مشكوك فيها، فيما جدواها الاجتماعيّة غير موجودة أبداً (على أساس نسبي، أي مقارنةً بوضع الأساس قبل الخصخصة.
فأصبحت معضلة الكهرباء في مقدمة الاهتمامات، وبات إيجاد الحلول والمخارج من الضرورات الوطنية والملحّة في المرحلة المقبلة، وهي ضرورات لا تحتمل أي تأجيل، ولا سيما أن البنك الدولي أشار، في دراسته التفصيليّة عن وضع الكهرباء في لبنان، إلى أنّ حاجة لبنان من الكهرباء سترتفع بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2015، لتبلغ حوالى 3000 ميغا واط، ما يعني أن هناك حاجة إلى زيادة الطاقة الإنتاجيّة بواقع 1500 ميغا واط في خلال السنوات الست المقبلة
ونشهد اليوم تحركات ناشطة من بعض الجمعيات الخاصة والمدنية في محاولة منها للدفع نحو حلول تجنّب لبنان مستقبلاً مظلماً، منها «جمعية الطاقة المستدامة»، التي أسسها الرئيس جاك صراف مع مجموعة من رجال الأعمال، والتي تبذل جهوداً في هذا السياق، وجهودها مشكورة.
.
فأقترح عدم حصرية شراء الكهرباء من شركة كهرباء لبنان، بكلام آخر اعتماد الأسلوب المعتمد في بريطانيا اليوم، حيث بإمكان المستهلكين الكبار أن يشتروا كهرباء من عدة مصادر في اليوم الواحد، وخلق تنافسية حقيقية، فالكهرباء سلعة مثلها مثل أي سلعة أخرى، فإذا كان لا بد من الاتجاه إلى الخصخصة، نريدها خصخصة تنافسية لا توزيعاً لقالب الجبن، وكلنا يعرف أن الاحتكارات ستجعل من سعر الكهرباء حتماً الأغلى في المنطقة.
ان لكهرباﺀ لبنان، كمؤسسة عامة، موقعاً وطنياً واجتماعياً جامعاً، فهي منذ انشائها فــي منتصف خمسينات القرن الماضي، احدى علامات الوحدة اللبنانية، سواﺀ من حيث تغطيتها الشاملة لنسبة نحو 85% من المناطق اللبنانية الــمــأهــولــة ام مــن حيث تعرفتها الموحّدة ام من حيث سياسة المساواة التي تمارسها. اما المسلّمة الثالثة التي تستدعي اهتمام الجميع الى حدّ القلق، فتتعلق بانعكاسات ازمة الكهرباﺀ على مستويي الاقتصاد العام (الماكرو) والاقتصاد الجزئي (الميكرو) في لبنان، ولنقل على الدولة في دورها التدخلي والخدماتي، وعلى الــمــواطــن فــي حقوقه كمستهلك وصاحب حاجة هي حقّ له”. ولفت الى” ان عجز الكهرباﺀ المتفاقم هو احد الاسباب الاساسية لتفاقم العجز في موازنة الدولة، وان مساهمات الدولة المستمرة في دعم هذا القطاع قد ارهقت الخزينة دون ان تنقذ القطاع.
لقد اعتبرت البرامج الاصلاحية المتعاقبة، ومنها تلك المعتمدة في المؤتمرات الدولية لدعم لبنان مثل باريس 1 وباريس، 2 ان معالجة موضوع الكهرباﺀ هي عنصر اولي من عناصر الاصــلاح ببعديه الاقتصادي والاجتماعي”.
هذه الارقام، الموثّقة، تكشف لنا ما يلي:
أهمية دور الدولة في تأمين حماية المنشآت، ضرورة قيام الدولة، اما المسلّمة الاخيرة فترتبط باهمية الكهرباﺀ في بلد خدماتي مثل لبنان… وأختم “اضيئوا الكهرباﺀ في لبنان كي نضيﺀ من لبنان العالم كله… فتبقى” سرجنا موقدة “ونكون حقاً” ابناﺀ النور “و” نور العالم”.
فلا يوجد حل واحد لكل مشاكل الكهرباﺀ لان القطاع يواجه مشاكل عدة ومترابطة، ومعالجتها تــتــطــلــب خــطــة مــتــكــامــلــة وليست مــجــتــزأة”. وأرى أن طبيعة القطاع وبناه التحتية تجعل تنفيذ أي خطة إصلاحية يستغرق ما يقارب الخمس سنوات. و الخطة تتألف من نقاطا عدة لحل أزمة الكهرباﺀ أبرزها:
- · إمكان تشغيل الطوربينات بطاقة غير المعتمدة الآن لخفض الكلفة.
- · إعتماد الطاقة الشمسية بدلا من الكهرباﺀ في مجالات عدة.
- · ترشيد الطاقة من خلال استعمال “لمبات توفير” ومنع استيراد “اللمبات” التي تستهلك كمية أكبر من الكهرباﺀ.
- · فتح باب التوظيف في مؤسسة كهرباﺀ لبنان لأن ملاك المؤسسة يحتاج الى 5 آلاف موظف بينما عدد الموظفين اليوم لا يتعدى الالفين بمعدل أعمار بين 58 و60 سنة.
- · إيجاد هيكلية مقسمة الى فئات عدة وخصخصة بعضها على سبيل التجربة.
- · طرح شراكة بين القطاعين العام والخاص.
- · تخفيف العبء الملقى على عاتق الحكومة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، وذلك من خلال خفض الانفاق العام وزيادة قدرة التوليد الكهربائية;
- · خفض الوقت والتكلفة اللازمين لبناء المحطات الكهربائية وتشغيلها.
- · ايجاد مصدر اضافي لرأس المال;
- · ادخال المنافسة;
- · تحسين كفاءة التشغيل وزيادة الموثوقية
- · نقل التكنولوجيا;
- · الرد على ضغوط كبار المستهلكين الباحثين عن خيارات ذات تكلفة معقولة
و الخطة الإصلاحية، تقضي بتعيين هيئة منظمة لقطاع الكهرباﺀ واعتماد تعرفة ترتبط بكلفة الإنتاج بالتزامن مع اعتماد سياسة دعم موجّه. فنحن اليوم نعاني مما أسميه الدعم العشوائي إذ أننا ندعم كلفة الكيلوواط ساعة. فكلما زاد استهلاك المشترك للطاقة كلما كلّف الدولة أكثر. ولهذا السبب نلحظ أن بعض من يسرق كميات قليلة من الكهرباﺀ يكلف الدولة أقل من البعض الذي يدفع فاتورته كاملة ولكنه يستهلك كميات كبيرة. أما في نظام الدعم الموجّه، فلا يكون الدعم للإنتاج بل يكون موجّهاً للمواطن الفقير أو للمنطقة المحرومة أو لقطاع اقتصادي معيّن.
فيجب الاستمرار في التنفيذ وعلى أهمية اعتماد الشراكة مع القطاع الخاص في مجالات الإنتاج والتوزيع إذا ما أردنــا أن نصلح قطاع الكهرباﺀ ونقدم للمواطن اللبناني الخدمة التي يصبو إليها.
|
فأصبحت معضلة الكهرباء في مقدمة الاهتمامات، وبات إيجاد الحلول والمخارج من الضرورات الوطنية والملحّة في المرحلة المقبلة، وهي ضرورات لا تحتمل أي تأجيل، ولا سيما أن البنك الدولي أشار، في دراسته التفصيليّة عن وضع الكهرباء في لبنان، إلى أنّ حاجة لبنان من الكهرباء سترتفع بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2015، لتبلغ حوالى 3000 ميغا واط، ما يعني أن هناك حاجة إلى زيادة الطاقة الإنتاجيّة بواقع 1500 ميغا واط في خلال السنوات الست المقبلة.
ونشهد اليوم تحركات ناشطة من بعض الجمعيات الخاصة والمدنية في محاولة منها للدفع نحو حلول تجنّب لبنان مستقبلاً مظلماً، منها «جمعية الطاقة المستدامة»، التي أسسها الرئيس جاك صراف مع مجموعة من رجال الأعمال، والتي تبذل جهوداً في هذا السياق، وجهودها مشكورة.
.
لقد باتت أزمة الكهرباء تتجاوز في مفاعيلها الخسارة الاقتصادية التي تسبّبها في كل مفاصل المجتمع اللبناني، بل تحولت هذه الأزمة المزمنة إلى عقدة نقص تجتاح عقول اللبنانيين ومشاعرهم وكرامتهم، هؤلاء الذين يتباهون دائماً بقدراتهم الفكرية، ويصنّفون أنفسهم من بين الشعوب الذكية والمتطورة، فإذا بهم يُصدمون بالواقع المرير بأنهم عاجزون عن تأمين الكهرباء..
فبالرغم من الكلام الكثير عن «كفاءة» الإدارة الحريرية ودورها الكبير في إعادة إعمار لبنان وتجديد بنيته التحتية، ورغم إنفاق أكثر من خمسة مليارات دولار على قطاع الكهرباء، فإن أزمة هذا القطاع آخذة في التفاقم. وما زالت سياسات تقنين الطاقة هي السائدة، المواكبة لتوسيع دور المولدات الخاصة، الأقل كفاءة، والأكثر تلويثاً للبيئة، والتي أصبحت تنتج أكثر من 35% من الطاقة المستهلكة في لبنان.
ومنذ وصول الحريري إلى السلطة، أُدخلت كهرباء فرنسا (EDF) إلى قطاع الطاقة الكهربائية (خصخصة جزئية). فأصبحت هي الجهة الاستشارية المعتمدة، دون الخبراء اللبنانيين المشهودة خبرتهم، والعاملين على الصعيد العالمي
. وبالتالي أصبحت EDF مسؤولة عن أخطاء التخطيط والتنفيذ والتشغيل، كما عن سوء سياسات الطاقة المعتمدة. ويذكرنا دور EDF في لبنان بكتاب جون بركنز “Confessions of an Economic Hitman”. وسيقدم خبراء EDF في الشهر الثالث من سنة 2010 التصاميم اللازمة والمتصلة بمناطق بناء المجموعات الجديدة، ومواصفاتها، مع محطات التحويل والتوزيع، بغية تأمين طاقة إضافية قدرها 700 ميغاوات. ومن المعروف أن نسبة العمولة لأصحاب القرار في تلزيم المحطات جد مرتفعة. والتجارب السابقة في بناء المعامل الحرارية وشبكات التوزيع وبإشراف EDF أظهرت عند استلام الأشغال مخالفات كبيرة وعيوباً في «المراجل» كما في «التوربينات»، وعندما رفض المهندس المسؤول في كهرباء لبنان استلامها قُدّم للمحاكمة بحجة تأخير الإنتاج، وحُكم عليه.
وبإشراف EDF تم في السابق بناء قدرات إنتاجية للطاقة، دون تطوير قدرات الشبكة على نقلها وتوزيعها، مما منع من رفع الإنتاج إلى مستوى الطلب الفعلي، وأُبقي على سياسات التقنين، وكان ذلك في أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
وبالرغم من إعادة بناء أجهزة الدولة القضائية والقمعية، لم تظهر الحكومات المتعاقبة أية حماسة لمنع السرقات على الشبكة. فمنذ سنة 2000 بلغت هذه السرقات حوالى 29%، وبلغ الهدر الفني حوالى 15%، أي إن مجمل الهدر كان حوالى 40% ثم ارتفع إلى أكثر من 42% في ما بعد. ولا تحصل سرقة الطاقة، أو عدم جبايتها في المناطق «الأمنية» العاصية على السلطة فقط، بل أيضاً في أرقى أحياء بيروت.
وتعمل الحكومات اللبنانية المتعاقبة على إضعاف مؤسسة كهرباء لبنان، وإبراز عجزها بوسائل شتى أهمها:
أ. إضعاف الجهاز البشري للمؤسسة:
فالحكومة لا تسمح بتوظيفات جديدة وبديلة من الكفاءات التي جرى «تطفيشها» أو إحالتها إلى التقاعد من فنيين وإداريين. فالجهاز البشري، كما يقول رئيس مجلس الإدارة، يتألف حالياً من 2000 عامل وموظف، مقابل ملاك يتطلب 5020 عاملاً وموظفاً. وبسبب هذه السياسات، ارتفع معدل إعمار العاملين في المؤسسة إلى 57 عاماً. وبالتالي أجبرت المؤسسة على التعاقد مع «متعهدين غب الطلب» يبلغ عددهم حوالى 1800 عامل مياوم (خصخصة جزئية مع «تحرير» سوق العمل). واستُغني عن العديد من مهندسي المؤسسة وتقنييهم أو دُفعوا إلى الاستقالة بأساليب شتى أهمها نزع صلاحياتهم، وتدني الرواتب. كما أن الشركة لم ترسل مهندسين وتقنيين للتدرب على صيانة المعامل الجديدة التي أُنشئت، رغم ورود هذا الشرط في عقود التلزيم، ثم لُزّمت الصيانة إلى شركات أجنبية (تخصيص جزئي) بأكلاف مرتفعة جداً، لا يمكن مقارنتها بكلفة المهندسين والتقنيين اللبنانيين.
ب. إعاقة الصيانة الضرورية للمعامل:
يقول رئيس إدارة المؤسسة إن الحكومة تعيق أعمال الصيانة والتأهيل الضرورية في أوقاتها، لأسباب تقنية ومالية، وذلك يعيق قدرة المؤسسة على تحسين الإنتاج، إذ يمكن زيادة قدرة الإنتاج بنسبة 20%، إذا توافرت الأموال اللازمة للصيانة. كما أن الشركة الكورية التي أعطيت مهمة تشغيل معملي الزهراني ودير عمار وصيانتهما، لا تقوم بأعمال التشغيل والصيانة كما يجب. وقد دفع ذلك المؤسسة إلى توجيه إنذار لشركة «كييكو» الكورية، بسبب تكرار الأعطال في المصنعين الجديدين نسبياً، وذلك في سنة 2009. والصيانة الملائمة تطيل عمل المحطات في الجية والزوق عشر سنوات حسب تقرير البنك الدولي.
ج. تشجيع الهدر المالي في المؤسسة:
ــــ أعطيت تراخيص الامتياز لبعض الشركات الخاصة، التي تشتري الطاقة الكهربائية بسعر قدره 50 ليرة للكيلووات ــــ ساعة، وتبيعها للمشتركين بمعدل 127 ليرة.
ــــ عدم دفع كامل مستحقات الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمخيمات الفلسطينية، التي تبلغ حوالى 150 مليار ليرة سنوياً.
ــــ امتناع العديد من القادة السياسيين النافذين عن دفع ثمن الطاقة المستهلكة، وعدم قدرة المؤسسة على قطع التيار عنهم.
ــــ حتى سنة 2003 كان هناك 33 ألف محضر بسبب السرقات والتعديات على الشبكة، ولم يبتّ القضاء بأي منها.
ــــ تأخير إنجاز مد أنابيب الغاز من معمل دير عمار حتى الحدود السورية لربطه بأنبوب الغاز السوري المنجز حتى الحدود قبل نهاية 2005، لتشغيل محطة دير عمار على الغاز، مما يضاعف إنتاجها ويطيل عمرها التشغيلي. ويقول أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة إن التأخير في التنفيذ من مسؤولية المتعهد، ويبدو أنه ليس هناك بند جزائي على تأخير التنفيذ.
ــــ تلزيم قراءة العدادات وجباية الفواتير للقطاع الخاص (خصخصة جزئية) بأسعار غريبة، مما أثار اعتراض (النائب عن بيروت) محمد قباني، حيث أعطيت شركة الجباية نسبة 2.9% من قيمة الفواتير التي تُجبى، وأعطيت شركة قراءة العدادات نسبة 11% من قيمة الفواتير الصادرة، بالرغم من أن الجباية أصعب من القراءة.
المبالغة في تقدير العجز المالي للمؤسسة:
في 5/11/ 2008 أعلن رئيس مجلس الوزراء، فؤاد السنيورة، أن الخزينة تحملت أكثر من 1200 مليون دولار من عجز مؤسسة كهرباء لبنان في عام 2007. وفي اليوم التالي، أعلن وزير المالية، جهاد أزعور، أن إنفاق الخزينة على المؤسسة لسنة 2007 بلغ 981 مليون دولار. ويشمل رقم الوزير استحقاقات مالية للكويت والجزائر عن توريد المازوت والفيول أويل للمؤسسة عن سنة 2006، أي إن إنفاق الخزينة على المؤسسة لعام 2007 لم يتجاوز 516 مليون دولار.
تقول الحكومة إن تحويلات الخزينة للمؤسسة منذ سنة 1982 وحتى نهاية 2008 بلغت حوالى 25431 مليار ليرة. وإذا أضفنا نفقات سنة 2009 يصل المبلغ إلى 27500 مليار ليرة، أي حوالى 18.3 مليار دولار، وما يعادل 35.3% من حجم الدين العام.
تعمل الحكومات اللبنانية المتعاقبة على إضعاف مؤسسة كهرباء لبنان وإبراز عجزها.
ولكن لا يمكن احتساب ما دُفع قبل سنة 1993 لكهرباء لبنان كجزء من الدين المتراكم على المالية العامة، إذ لم يتجاوز هذا الدين مبلغ 1.7 مليار دولار حتى نهاية سنة 1992. ثم إن خسائر كهرباء لبنان بين سنة 1994 وسنة 2000 بلغ معدلها السنوي 200 مليون دولار «نتيجة الطاقة غير المفوترة». أي إن الخسائر عن سنة 2003 وحتى 2000 بلغت حوالى 1600 مليون دولار، كما أن مجمل العقود الموقعة لمصلحة المؤسسة بين 1992 ونهاية 2003 بلغت 1316 مليون دولار. وإذا افترضنا أن معدل العجز السنوي منذ سنة 2001 وحتى 2009 قد بلغ 400 مليون دولار حداً أقصى، فإن كامل مساهمة عجز الكهرباء في الدين العام يبلغ حوالى 6.5 مليارات دولار دون احتساب الفوائد. ومع الفوائد المستحقة يرتفع الدين إلى حوالى 7.8 مليارات دولار. وإذا كان مجمل الدين العام الذي جرى تسنيده والذي لم يجر تسنيده قد بلغ حوالى 58 مليار دولار، فإن نصيب الكهرباء من هذا الدين سيكون 13.4% لا 35.3% كما تشيع الحكومة، وذلك حتى نهاية سنة 2009.
تأخير استجرار الطاقة من الخارج وتعطيله:
طرح موضوع استجرار الطاقة الكهربائية من الخارج منذ أواسط التسعينيات، وكانت الطاقة المستوردة أقل كلفة من توليدها داخل لبنان بنسبة عالية جداً، كان ثمن الكيلووات ساعة المستوردة من تركيا 4.5 سنتات، وهو مبلغ يقل عن كلفة الوقود لتوليدها. وكلفة استجرار الطاقة من مصر أقل من 4.5 سنتات. وعندما يتم الربط مع أعالي النيل، فإن كلفة الطاقة المستجرة ستقل عن 2.5 سنت في بعض الأحيان، وتبعاً لثمن برميل النفط، بينما تصل كلفة الفيول أويل اللازمة لتوليد 1 كيلووات ــــ ساعة إلى أكثر من عشر سنتات.
ولدى تركيا حالياً فائض في الإنتاج يقدر بنحو 5000 ميغاوات، من مجمل الإنتاج البالغ 40 ألف ميغاوات، وسيرتفع هذا الإنتاج التركي إلى 80 ألف ميغاوات حتى عام 2020 عند اكتمال شبكة السدود التركية.
وهناك طاقة تصديرية متنامية في مصر، وفي السعودية ودول الخليج، وخاصة مع استغلال الغاز المصاحب للنفط في توليد الطاقة. كما أن العراق سيصبح مصدِّراً للطاقة الكهربائية بعد ثلاث سنوات.
ولاستجرار الطاقة من الخارج، احتاج لبنان إلى محطات تحويل 400/220 ك. ف. في محطة كساره، وإلى محطة ديرنبوح 220 ك.ف. واستجر لبنان الطاقة من سوريا منذ عشر سنوات، ومن مصر منذ 27/4/2009 عبر محطة كساره غير المكتملة بعد. ولكن محطة كساره تأخر إنجاز بنائها أربع سنوات على الأقل، بحجة تأخر الملتزم في التنفيذ (أيضاً دون بنود جزائية)، ولكن استجرار الطاقة من مصر وسوريا عُلّق منذ أشهر لاعتبارات غير معلنة، كما تقول جريدة السفير (17/3/2010). ويقول وزير الطاقة جبران باسيل، إن هناك عوائق أمام استجرار الطاقة، تتمثل بعدم استكمال حلقة التوتر العالي غير المكتملة، وخصوصاً في منطقة المنصورية، وعملية توسيع طاقة محطة كساره، بجانب بناء مركز التحكم، الذي «سيؤمن استقراراً عالياً على الشبكة، وسيكون الهدر أقل بكثير». وهذا التأخير غير المبرر في إتمام بناء محطات التحويل وشبكات نقل التوتر العالي يرفع كلفة الطاقة الموزعة ويبقي على سياسة التقنين.
وربما كان التأخير في بناء شبكات الربط الكهربائي يقصد منه إكمال التعاقد لبناء محطات توليد جديدة، ينتفي مبرر بنائها مع اكتمال بنية الربط الثماني. ولإتمام عملية تخصيص جزئي أو كلي لقطاع الطاقة بأسعار متدنية جداً بسبب الخسائر الكبيرة لمؤسسة كهرباء لبنان. وقد نصح خبراء البنك الدولي بعدم تخصيص هذا القطاع، إذ إن تخصيصه سيرفع كلفة إنتاج الكيلووات إلى ثلاثة سنتات على الأقل.
خطورة مقايضة الدين الخارجي بملكية المشروعات الوطنية
تنطوي عملية مقايضة الديون الخارجية بحقوق ملكية في المشروعات العامة على عدة مخاطر من أبرزها:
ـ ان تحويل الأرباح والفوائد والدخول والتوزيعات التي يجنيها الملاك الجدد ـ خاصة الأجانب ـ ستؤثر في الأجل المتوسط على زيادة العجز في ميزان المدفوعات، رغم ما يكون في الأجل القصير من تخفيض عبء الدين من خلال إلغاء دفع الفوائد والأقساط المستحقة عن الديون التي ستقايض بحقوق الملكية.
ـ يصبح للأجانب المستثمرين نصيب في الدخل المحلي المخفض، وهو يتضاعف مع زيادة تحويل الديون إلى حقوق ملكية، وسيظل مستمرا ما دامت المشاريع بقيت مملوكة للأجانب.
ـ إتاحة الفرصة للهيمنة الاقتصادية عبر الشركات متعددة الجنسية من خلال امتلاكها للمشروعات المحلية، ويكون ذلك غالبا في ضوء امتيازات وضمانات سيتضرر منها البلد مثل حرية تحديد الأسعار والأجور، ونوعية التقنية المستخدمة، والإعفاءات الجمركية والضريبية، الأمر الذي يتعارض مع السياسات القومية.
ـ تحويل الدين الخارجي إلى أصول إنتاجية سيدفع البنك المركزي إلى التوسع لإصدار النقود لمواجهة طلب تحويل الدين الخارجي إلى نقد محلي، مما يسهم في زيادة التضخم وارتفاع الأسعار، ويذكر في هذا الصدد أن تحويل 5% من الدين المستحق في أربع دول في أميركيا اللاتينية قد أدى إلى زيادة عرض النقود المحلية بنسب تتراوح بين 33 و59%.
مراعاة المصلحة العامة
لابد من وضع ترتيبات معقولة ومناسبة تمنع المؤسسة المنقولة إلى القطاع الخاص من الاصطدام بالمصلحة العامة، ولذلك نجد بعض الحكومات تختار سياسة الاحتفاظ بالأغلبية في ملكية المؤسسات.
وعند إتمام عمليات البيع بالكامل ينبغي توفير الإطار السياسي المناسب لنقل الملكية، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بنسبة الأسهم المطروحة للمستثمرين المحليين مقابل التي تطرح للمستثمرين الأجانب.
تجنب القرارات غير المدروسة
من الخطأ أن يتم البيع أو نقل ملكية المؤسسات العامة دون دراسات وافية، فكثيرا ما أدت القرارات الارتجالية وغير الشورية إلى بيع المؤسسات بأقل من سعرها في السوق إلى مجموعة من أصدقاء الحكومة، وكان ذلك فتحا لباب من الفساد والرشاوى.
التدرج والانتقائية
التدرج في إتمام عملية الخصخصة يفضي إلى نتائج إيجابية، وفي المقابل التسرع يؤدي إلى كثير من الفشل في تحقيق الهدف المعلن من الخصخصة، لذلك نجد أن بريطانيا التي يضرب بها المثل في تجربة الخصخصة كانت انتقائية ومتدرجة، ولم تتعد عمليات الخصخصة أصابع اليد خلال حكومة المحافظين التي تبنت هذه السياسة في عهد رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر، في الوقت الذي بيعت كل المؤسسات العامة بلا حدود وفي أي وقت في دول الاتحاد السوفييتي السابق، وحسب تعبير أحد السياسيين في هذه البلاد فإن عمليات البيع والخصخصة كانت تتم كل 3 أو 4 ساعات. بينما نجد أن التجربة الصينية في الخصخصة كانت متدرجة وانتقائية في آن واحد.
دور الخصخصة كسياسة اقتصادية للإصلاح المالي
لا ينكر دور الخصخصة إذا توخيت شروط نجاحها في تقليل عدم التوازن المالي الذي تعاني منه معظم الدول النامية. ويمكن أن تدلنا أرقام العائدات المالية من عمليات الخصخصة، على أن العديد من الدول بدأت تجني ثمار الخصخصة في الفترة من 1990 ـ 1996، ومثال ذلك البرازيل التي حققت 22.4 مليار دولار، والأرجنتين 16.3 مليارا، والمكسيك 24.9 مليارا كنتيجة لعملية الخصخصة. وكذلك الاقتصادات الصغيرة مثل بيرو التي حققت مليار دولار، والفلبين 3.7 مليارات،
وپولندا 3.8 مليارات. إن عملية التخصيص في ضوء الدروس المستفادة لابد منها لإطلاق المبادرة الفردية في مجتمعات الدول النامية، ليس على الصعيد الاقتصادي فقط، وإنما لتشمل النواحي الاجتماعية والسياسية، وبغير إزالة القيود أمام إطلاق المبادرات الفردية والخاصة التي في مجموعها تشكل المبادرات الجماعية. ولا سبيل لهذه المجتمعات في الوصول إلى مراقي التحضر، إلا عندما تسود قيم العدل والمساواة والحرية.
المبررات الاقتصادية للخصخصة:
1- خفض الإنفاق الحكومي:
يعد الهدف من خفض الإنفاق الحكومي أحد المتطلبات الأساسية لهيكلية الاقتصاد في المدى البعيد, وتنبع أهمية خفض الإنفاق الحكومي, من أن معظم الدول النامية تعاني عجزاً في ميزانها التجاري وفي ميزان مدفوعاتها، مما أدى إلى تفاقم الديون الخارجية بوتيرة متزايدة, وفي مثل هذه الحالة فإن تبرير عملية الخصخصة بخفض الإنفاق الحكومي يعتبر مقبولاً, كذلك فإن الإيرادات العامة في الدول منخفضة الدخل غير مناسبة من الناحية الهيكلية لمقابلة احتياجات التنمية، وبما أن مصادر التمويل الخارجية قد جفت وأصبح العجز في الميزانية غير محتمل, فإنه على الدولة وضع أولوياتها بصورة صحيحة والحد من الإنفاق على المجالات التي لا يعتبر وجودها فيها ضرورياٍ, وبدلاً من أداء عدة أشياء بكفاءة منخفضة فإنه على الدولة الاتجاه نحو عمل نشاط محدد بكفاءة عالية.
وما تجدر الإشارة إليه, أن بعض الأدبيات تشير إلى أنه في الغالب على المدى القصير تذهب الوفورات التي تحققها الدول النامية في إنفاقها العام لخدمة الديون, ولا يتوقع أن تؤدي عائدات عملية الخصخصة إلى زيادة الإنفاق على المجالات ذات الأولوية في المدى القريب.
2- زيادة الكفاءة الاقتصادية:
يعتبر رفع الكفاءة الاقتصادية عن طريق خصخصة مؤسسات القطاع العام، الهدف الأساسي لبرامج الإصلاح, هذا وإن الكفاءة الاقتصادية تتكون من الكفاءة الإنتاجية وكفاءة عملية الخصخصة، وتتحقق كفاءة تخصيص الموارد عندما تعكس الأسعار النسبية للموارد قيمتها الحقيقية, أو قيمة الندرة لتلك الموارد أو قيمة الفرص البديلة لها, ويعتمد هدف الكفاءة الإنتاجية على مقدرة المؤسسات على إنتاج نفس الكمية بأدنى حد ممكن من التكاليف, أو بإنتاج كمية أكبر من المنتج بنفس التكاليف. واستناداً إلى ذلك، فإن هدف رفع الكفاءة الاقتصادية يعتمد على المكتسبات المتعلقة بالكفاءة الإنتاجية, ويعتقد مؤيدو الخصخصة, أن المؤسسات العامة تتميز بعدم كفاءة أكبر في عملياتها الداخلية, إذا ما قورنت بالمؤسسات الخاصة وذلك يرجع إلى عدة أسباب, منها أن المؤسسة العامة غالباً ما تكون محمية من المنافسة، مما يؤدي إلى استخدام المدخلات بصورة لا تؤدي إلى تحقيق الحد الأعلى من الإنتاج, ويعتقد المؤيدون أيضاً أن المؤسسة العامة غالباً ما تتوصل إلى رأس المال بصورة مدعومة, مما يؤدي إلى استخدامه بصورة لا تعكس تكلفته الحقيقية. وترى مدرسة حقوق الملكية, أن حافز الإدارة لتعظيم الربحية وتقليل التكلفة يكون ضعيفاً في حالة الملكية العامة, وذلك لأن البيروقراطية وغياب حملة الأسهم الذين يكون لديهم مصلحة في تعظيم الأرباح, يقلل الضغط على الإدارة في السعي لتحقيق كفاءة الأداء وتحقيق الحد الأعلى من الربحية.
وتقول وجهة نظر أخرى في أدبيات الخصخصة، إن عدم كفاءة القطاع العام يرجع في الحقيقة إلى عدة أسباب لا علاقة لها بالمسببات الاقتصادية, فكما هو معلوم أن للمؤسسات العامة أهدافاً اجتماعية, غالباً ما يتضارب تحقيقها مع أهداف الكفاءة الاقتصادية، فمثلاً في الغالب ما يتضخم هيكل المؤسسات العامة بهدف خلق فرص للعمالة. وفي هذه الحالة فهي تساهم في إعادة توزيع الدخل بصورة أفضل وفي تحقيق مستوى أفضل من الرفاهية الاجتماعية، وللأسباب نفسها فإن المؤسسات العامة لا تعتمد الأسس التجارية في عملها, بأن تقوم بتقديم الخدمة أو السلعة بأثمان لا تعكس تكاليفها الفعلية، كذلك فإن إدارة مؤسسات القطاع العام تعاني من الروتين والبيروقراطية, مما قد يكون السبب الحقيقي وراء عدم كفاءتها.
وكما تقول الأدبيات, فإن للخصخصة مدلولات هامة فيما يتعلق بالكفاءة التوزيعية للموارد, والتي يمكن تحقيقها حينما تعكس الأسعار النسبية للموارد قيمتها الحقيقية, غير أن البعض يرى أن الشرط الأساسي لتحقيق التوزيع الأمثل للموارد تحت ظل الخصخصة, هو حرية حركة المنشآت بحيث تخرج من القطاعات ذات العائد الضعيف إلى القطاعات الأكثر ربحية, وتجد بعض الأدبيات صعوبة في تقبل الاعتقاد السائد, بأن كفاءة توزيع الموارد سوف تتحسن بتطبيق الخصخصة، حيث تعتبر الكفاءة التوزيعية أحد مهام هيكل السوق وليس شكل الملكية. ويرى هؤلاء أن درجة التنافس في القطاع المهني لها واقع إيجابي أكثر من الخصخصة وبالتالي فإن زيادة درجة المنافسة بالتقليل من المؤسسات الاحتكارية, يصبح هدفاً هاماً في سبيل تحقيق مكتسبات الكفاءة الكلية, وبطريقة أكثر وضوحاً فإن تحويل المؤسسات الاحتكارية العامة إلى مؤسسات احتكارية خاصة لن يؤدي إلى تحسين في الكفاءة التوزيعية.
أشكال وأنواع الخصخصة:
تأخذ عملية الخصخصة أشكالاً مختلفة حسب الظروف الخاصة التي تمر بها الدول المعنية ، وحسب المرحلة التي قطعتها في عملية إعادة الهيكلة ، ومستوى المقاومة التي تبديها القوى المناهضة للخصخصة ، ومن هذه الأشكال :
أ ) تخصيص الإدارة:
و ينطوي هذا النوع من أشكال الخصخصة بأفضلية القطاع الخاص, والعجز أو القصور في الإدارة العامة ويعد هذا الشكل مرحلة تمهيدية وأولية للخصخصة، ضمن اعتبارات محلية متعلقة بقدرة القطاع الخاص على شراء الأصول والموقف العام من مسألة نقل الملكية وتتضمن عملية تخصيص الإدارة:
1- عقود الإدارة:
وهي العقود التي تبرمها الحكومة أو الجهة مع المؤسسات والأفراد المحليين والأجانب لإدارة المنشأة العامة، لقاء أجور محددة أو نسبة من العائدات، أو حصة من رأس مال المنشأة, ولا تعد الإدارة في هذه الحالة مسؤولة عن المخاطر التجارية أو عن التدهور في قيمة أصول المنشأة, إلا إذا تم النص في العقد على ذلك. وكثيراً ما تلجأ الدول النامية لمثل هذا النوع من أشكال الخصخصة, وذلك لإدارة بعض المنشآت الإستراتيجية مثل الفنادق الكبرى وبعض المنشآت الصناعية المتطورة, نتيجة افتقاد الجهاز الإداري المحلي أو عدم توفر الكفاءات الضرورية لإنجاح عمل مثل هذه الشركات أو المنشآت.
2– التأجير:
وتتيح عقود التأجير استثمار الموارد والأصول من قبل القطاع الخاص، لقاء رسوم أو أجور محددة من قبل الدولة، وفي هذه الحالة قد يطالب المستأجر بتخفيض عدد العاملين، واستبدال عناصر الإدارة العامة بعناصره, حيث إنه معني بتحقيق معدلات من الريعية مناسبة، وتخفيض تكاليفه، والمحافظة على أصول المنشأة وفي بعض الحالات, تأخذ عملية التأجير طابع (التأجير التمويلي أو الامتياز ) الذي يتيح للمستثمر إدارة واستثمار المشروع لمدة زمنية محددة، تعود ملكيته بعد ذلك للدولة، وفي العديد من الحالات يتم التعاقد على التأجير لفترات زمنية طويلة نسبياً بغرض جعل فكرة نقل الملكية مقبولاً.
ب) البيع الجزئي:
تلجأ بعض الحكومات إلى بيع جزء من أسهم أو حصة من المنشآت العامة، كخطوة تمهيدية نحو نقل الملكية إلى القطاع الخاص بشكل كامل، ويكون الغرض أحياناً إقامة قطاع مشترك، ومشاركة القطاع الخاص في الإدارة. كما تطرح أحياناً أسباب مالية, بغرض زيادة رأس المال أو التوسع بشكل عام مبرراً لهذه العملية، ويأخذ البيع الجزئي طابع المرحلة الانتقالية للخصخصة, من خلال احتفاظ الدولة بجزء من الأسهم أو بأسهم خاصة (الأسهم الذهبية ) للمحافظة على إمكانية التدخل في مجلس الإدارة، وتوجيه الاستثمارات أو الرقابة على عمل المنشأة بعد تخصيصها. وعادة ما تلجأ الدولة إلى هذا الأسلوب في القطاعات الهامة والأساسية، مثل تدخل المملكة المتحدة في توجيه الاستثمارات والعمل في قطاع الكهرباء بعد تخصيصه من خلال السهم الذهبي الذي احتفظت به.
ج) نقل الملكية إلى الإدارة والعمال:
هناك ثلاثة أساليب لتمليك العاملين في رأسمال المنشأة هي: اختيار الأسهم وخطط مشاركة العاملين في رأس مال الشركة، وتمويل أعضاء الإدارة في شراء أسهم المنشأة بالاقتراض.
– اختيار الأسهم: ويقصد به إصدار المنشأة لوثيقة باسم كل عضو من أعضاء الإدارة, وتعطيه الحق في شراء حصة من أسهم رأسمال المنشأة, في تاريخ لاحق وبسعر يحدد في الوثيقة عادة يكون أقل من أسعار الأسهم المطروحة للاكتتاب.
– خطة مشاركة العاملين في ملكية المنشأة: وفيها تقوم وحدة تنظيمية مختصة نيابة عن العاملين (قد تكون نقابة العمال) بالحصول على قرض طويل الأجل بهدف استخدام حصيلته لتمويل شراء جزء من الأسهم العادية, أو حصة في رأسمال الشركة التي يعملون فيها. ويتم تسديد خدمة القرض ( أقساط وفوائد ) من التوزيعات التي تتولد عن الأسهم المشتراة.
– شراء الإدارة أو العاملين أسهم المنشأة بأموال مقترضة: فيتم ذلك بشكل ينتهي إلى أن تكون نسبة القروض إلى حقوق الملكية 1/5 بل ولم تتجاوز نسبة حقوق الملكية في رأس المال في بعض الحالات 2%, وفي الحالات التي تنتهي الشركة بأن تكون مملوكة لعدد محدود من المساهمين, فحينئذٍ تتحول من شركة مساهمة إلى شركة خاصة يديرها ملاكها الجدد.
د) – الاكتتاب:
وهنا يكون اكتتاب عام على المنشآت المطروحة للخصخصة من قبل المواطنين بشكل عام، وذلك من منطلق توسيع قاعدة الملكية، وإتاحة فرص متكافئة للجميع, في الحصول على أسهم الشركات من منطلق توسيع قاعدة الملكية، وإتاحة فرص متكافئة للجميع في الحصول على أسهم الشركات المطروحة للخصخصة. وقد تم اختيار هذه الطريقة في دول أوروبا الشرقية نتيجة عدم وجود سوق مالية متطورة, بالإضافة إلى ضعف رأس المال الخاص بشكل عام في هذه الدول.
هـ) البيع الكلي المباشر:
تعد عملية البيع المباشر أكثر الطرق انتشاراً واستخداماً لنقل الملكية, حيث شكلت خلال السنوات الماضية حوالي 80% من إجمالي المعاملات خلال السنوات ( 1988 – 1993 ) ونحو 58 % من إجمالي الإيرادات وشكلت هذه الطريقة أيضا 86 % من إجمالي المعاملات عام 1994, وتأخذ عملية البيع المباشر عدة أشكال من أهمها
1-استدراج العروض, وتستخدم هذه الطريقة في بيع المنشآت الهامة والإستراتيجية, والتي تطلب إدارتها مواصفات خاصة وقدرات تمويلية, وخبرات في المجال الذي تعمل فيه، إلا أن هذه الطريقة تفتقد للشفافية الكافية، وتؤدي إلى ضياع جزء هام من الموارد وتمركز الثروة.
2-المزاد العلني: وتتيح هذه الطريقة فرصة أكبر من الشفافية, إلا أنها تمنع أشكال التواطؤ بين المشتركين لتخفيض قيمة الأصول.
3-البيع عن طريق السوق المالية: وذلك عن طريق طرح أسهم المنشأة المراد بيعها في السوق المالية، وتتطلب هذه الطريقة وجود سوق مالية نشطة وشفافية عالية في تقييم أوضاع المنشآت المطروحة للبيع، إلا أن أغلب الدول النامية تفتقر إلى أسواق مالية واسعة نشطة وشفافية عالية في تقييم أوضاع المنشآت المطروحة للبيع.
4-البيع بالتراضي: ويتم اللجوء إلى هذه الطريقة عند بيع منشآت إستراتيجية وهامة, في قطاع الخدمات العامة، أو الصناعات الإستراتيجية, حيث أهلية المستثمر الجديد وقدرته على التطوير والتحديث شرط أساسي في عملية نقل الملكية. وفي هذه الحالة, يتم اختيار مستثمر استراتيجي محلي أو أجنبي وفق شروط ومواصفات محددة, وغالباً ما يكون ذلك على حساب قيمة الأصول المطروحة للبيع، وعلى حساب الشفافية المطلوبة في هذه العملية.
5- بيع الأصول المحلية لقاء الديون الخارجية, وذلك بهدف التخلص من الأعباء المترتبة على الديون الخارجية، ولكن حق المستثمر الجديد في إخراج الأرباح وحصيلة بيع هذه الأصول, من شأنه أن يشكل ضغطاً على حصيلة القطع الأجنبي، لا تقل بل يمكن أن تزيد عن تحويلات خدمة الدين الخارجي، عدا ما يحمله ذلك من خطر زيادة نفوذ رأس المال الأجنبي في الاقتصاد الوطني.
اسباب تشجيع مشاركة القطاع الخاص
ان خصخصة قطاع الطاقة الكهربائية عملية متطورة وتتغير تشريعاتها بحسب البيئة الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد. الا ان الطلب السريع على الكهرباء، ونقص التمويل اللازم والمتوافر لدى الحكومات، يخلقان آفاقاً واسعة لاستثمار القطاع الخاص في قطاع الطاقة الكهربائية، ويزرعان بذور التغيير في تركيبة المؤسسات الحكومية وتشغليها، بهدف:
فصل انشطة الطاقة الكهربائية
“اثبتت التجارب العالمية اهمية جدوى فصل نشاطات وظائف الطاقة الكهربائية الثلاث (التوليد والنقل والتوزيع)، عند التوجه الى خصخصة القطاع مع المحافظة على تأمين تغذية المشتركين بالطاقة بالسعر الافضل، كما ان الظروف الاقتصادية والاهداف السياسية وظروف العمل والعوائق الادارية، مجتمعة، تحدد كيفية اعادة تنظيم الشركة المعروضة للخصخصة، والخطوات الواجب اتخاذها لتحضيرها للبيع، وتنظيم عملية البيع والمفاوضات التي ترافقها من اجل تحقيق الفوائد الاقتصادية المطلوبة” .
ان الدروس المستفادة من نموذج بريطانيا وويلز في خصخصة قطاع الكهرباء تؤكد جدوى فصل وظائف قطاع الكهرباء الثلاث (التوليد والنقل والتوزيع) عن بعضها البعض. وقد قامت عدة دول أخيرا بفصل الوظائف الثلاث، نذكر منها الارجنتين واوكرانيا وبولونيا وبوليفيا والبيرو والمجر وبلدان نامية اخرى .
ففي الارجنتين اثنتان وعشرون شركة توزيع اساسية. وتعتبر وظيفة النقل احتكاراً طبيعياً، على خلاف وظيفة التوليد. اما التوزيع، فيعتبر احتكاراً طبيعياً، فقط في منطقة معينة. كما انه لا يسمح لاي منتج في وظيفة التوليد بالسيطرة على اكثر من عشرة في المئة من قدراته.
في المملكة الاردنية الهاشمية، اقر آخر قانون للكهرباء (قانون 13 لعام 1999) السماح باعادة هيكلة شركة الكهرباء الوطنية وتحويلها ثلاث شركات للتوليد والنقل والتوزيع، ومن ثم خصخصة النشاطات المتعلقة بالتوليد والتوزيع.
في المملكة العربية السعودية، بناء على التعديدات التشريعية الاخيرة (عام 1999)، فصلت شركة الكهرباء الوطنية الى ثلاثة شركات: شركة توليد الكهرباء الوطنية، شركة توزيع الكهرباء، وشركة الكهرباء الوطنية العائدة اليها نشاطا النقل والتحكم.
اما قانون تنظيم قطاع الكهرباء في لبنان، فقد لحظ، في المادة الثالثة منه، “مبدأ استقلالية كل من نشاطات الانتاج والنقل والتوزيع للكهرباء وظيفياً وادارياً ومالياً” كما لحظ، في المادة الرابعة منه، “تأسيس شركة مغفلة واحدة او اكثر (…) تعرف كل منها بـ”شركة مخصخصة”، يكون موضوعها القيام بكل نشاطات الانتاج والتوزيع او ببعضها…”. اما المادة الخامسة من القانون المذكور فقد اقرت “للحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وخلال مهلة اقصاها سنتان من تاريخه انشاء اية شركة مخصخصة، ان تبيع نسبة لا تتجاوز الاربعين في المئة (40%) من اسهم كل شركة مخصخصة من مستثمر في القطاع الخاص…”.
اهمية المنافسة
اشارت دراسة تحليلية لـ15 استثماراً للقطاع الخاص في بنى تحتية، منها توليد الطاقة الكهربائية، الى ثلاث نتائج”:
أ- ان الاستثمار في هذا المجال ليس احتكاراً طبيعياً، اذ يمكن ادخال المنافسة في نقاط البيع، وذلك بالسماح للمستثمرين من القطاع الخاص بالمنافسة وفق شروط عادلة;
ب- حققت الخصخصة ارباحاً اقتصادية بتكلفة اقل وزيادة سريعة في تغطية رأس المال واستنزاف اقل لموازنة الحكومة;
ت- كانت حال المستهلكين افضل بكثير قبل الخصخصة في حال تحول الاحتكار الى القطاع الخاص، بدلاً مما كان في يد القطاع العام. وهذا يشير الى اهمية تشكيل هيئات التنظيم المستقلة بعد الخصخصة (4).
وقد تبين من الدروس المستخلصة من نماذج:
1- الارجنتين وتشيلي: وجوب وضع حدود لحجم المنتجين لضمان المنافسة. وباعتبار ان وظيفة التوليد هي نشاط تنافسي، فقد قسمت هذه الوظيفة 24 وحدة عمل وبيعت الى القطاع الخاص، في حين اعتبرت وظيفة النقل احتكاراً طبيعياً وشركات التوزيع الاثنتان والعشرون احتكاراً طبيعياً، كل في منطقة معينة. اما في تشيلي، فقد ربط سعر الطاقة المنظم بسعر السوق، لكي ينتفع صغار المستهلكين بتحسين الكفايات الناتجة من المنافسة (5).
2- انكلترا وويلز: فسح المجال للمنافسة على صعيدي البيع بالجملة والمفرق، اذ تم فصل توليد الطاقة عن النقل، وتمت خصخصة القطاع (عام 1990)، ووضعت ضوابط لتشجيع المنافسة والحد من استغلال المحتكرين، الامر الذي ادى الى تنزيل النفقات الحقيقية لوحدة الطاقة (كيلواط ساعة) بنسبة نحو 50%، في حين انخفضت اسعار تجمع الطاقة Pool Prices)) بنسبة 20% (6).
3- في العديد من الدول الاخرى (تشيلي، النروج، فنلندا، هولندا…)، التي اتبعت النموذج الانكليزي، نجحت الخصخصة، وبخاصة في مجال المنافسة.
ولم يغفل قانون تنظيم قطاع الكهرباء في لبنان اهمية المنافسة، فلحظ في المادة الثانية عشرة – الفقرة الرابعة منه: “تأمين المنافسة في قطاع الكهرباء وتشجيعها ومراقبة التعرفات غير التنافسية وضبطها وتأمين شفافية السوق”.
العناصر المهمة الاخرى وتوضيحات
في ما يتعلق بالعناصر المهمة الاخرى وتحديداً تحسين كفاية التشغيل، واستقلال تنظيم القطاع، والاجراءات التجارية الشفافة، والتسعير العادل للكهرباء”، فقد ركز عليها ايضاً قانون تنظيم الكهرباء في لبنان، وبالتالي لن نتطرق اليها بالتفصيل، باعتبارها مسلمات تقع ضمن مهمات هيئة تنظيم قطاع الكهرباء وصلاحياتها (المادة الثانية عشرة) الذي اقر القانون المذكور انشاءها (المادة السابعة)، ومنحها الشخصية المعنوية والاستقلال الفني والاداري والمالي.
وعليه، لا بد في هذا المجال من بعض التوضيح والتحذير. فاذا كان لخصخصة قطاع الكهرباء فوائد عديدة جمة تختلف بحجمها ونتائجها من بلد الى بلد، فان للخصخصة مساوئ تختلف بحجمها ونتائجها ايضاً من بلد الى بلد. ولعل هيمنة الشركات العملاقة العالمية ورأس المال الخارجي وعدم قدرة الشركات ورأس المال المحلي على المنافسة، هما ابرز هذه المساوئ. اضف الى ذلك، الخشية من ضعف دور الجهاز المنظم وفاعلية الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء (Regulatory Body)، وبالتالي دور الدولة بحيث ننتقل من احتكار القطاع العام الى احتكار القطاع الخاص الذي يسعى بشتى الوسائل وراء اقصى المكاسب. والبعض يخشى من ان يكون تحرر الدول النامية من الاستعمار السياسي هو في طور التبدل نحو الاستعمار الاقتصادي من خلال مشاركة الشركات ورأس المال الخارجي (5).
خطوات متوجبة بعد صدور قانون تنظيم الكهرباء
أستطيع التأكيد ان قانون تنظيم الكهرباء الجديد في لبنان تضمن العناصر المبدئية الاساسية الضرورية لعصرنة القطاع الكهربائي. ولكن النجاح المستقبلي يكمن في كيفية تطبيق احكام القانون المذكور، وفي ملائمة الخطوات اللاحقة للواقع الكهربائي غير التقليدي الناشئ والمستمر منذ ما بعد عام 1975 وبخاصة ان وظيفة التوزيع تشكل اساس الداء والدواء.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتمكن الدولة من الضبط والمراقبة والاشراف الفعلي على عمل القطاع الخاص في القطاع الكهربائي، وبخاصة وظيفة التوزيع، حيث معظم الاهدار الفني وغير الفني والمالي، وحيث لها من تجربتها غير المرضية مع الامتيازات التي كانت قائمة او التي لا تزال قائمة؟
في وظيفة التوزيع هذه، يقتضي استيعاب الفرق بين شبكة التوزيع كانشاءات وتجهيزات، وادارة الطاقة المنقولة على هذه الشبكة، اي تسويق التيار للمستهلك واسترداد قيمته. فبالاضافة الى خفض الخسارة الفنية وتحسين الكفاية التقنية، فأن النجاح الاساسي يكمن في الاداء الاداري وضبط توزيع الطاقة وخفض الخسارات غير الفنية وتحصيل الفواتير. وبعكس وظيفة التوليد، فان طبيعة استثمار شبكة التوزيع في منطقة ما هي محض احتكارية وغير تنافسية. وهذا يعني انه يمكن فقط – في حال مشاركة القطاع الخاص – تقسيم لبنان مناطق عدة واجراء مناقصة تنافسية وفق دفتر شروط نموذجي ومدروس ومنح افضل العارضين امتياز توزيع الطاقة في كل منطقة وللمدة المحددة في دفتر الشروط. يبقى ان تقوم الهيئة الوطنية المشرفة (Regulatory Boody) بدورها ومهمتها الرقابية والاشرافية، والا انتقلت وظيفة التوزيع من احتكار القطاع العام الى احتكار القطاع الخاص ودفع المواطن العبء مضاعفا.
اما وظيفة التوليد حيث المعامل محصورة في بقعة معينة والانتاج يتطلب استثمارات كبيرة ويخضع لسوق تنافسية حادة تفرض مستوى رفيعا من الاداء التقني والاداري، فمشاركة القطاع الخاص، ولا سيما الاستثمار الخارجي، رهن باطار استثماري سليم وتنظيمات مقبولة وضمانات تنافسية شفافة ومطمئنة (5).
وقد سبق ان اشرنا الى وظيفة القطاع المتبقية، اي النقل (ومعها التحكم بشبكة النقل). فطبيعة هذه الوظيفة هي ايضا احتكارية وستبقى في يد القطاع العام، اي مؤسسة كهرباء لبنان. ويشترط هنا عصرنة الادارة فيها، ولا سيما تعجيل انشاء المركز الوطني للتحكم (National Control Center NCC) وتركيزه وبالاخص في ضوء الربط الاقليمي لشبكات النقل الكهربائي.
في ضوء التوضيحات والتفصيلات اعلاه، ما هي الاجراءات التسلسلية المطلوبة؟:
1- تشكيل الهيئة الوطنية لتنظيم القطاع دون تأخير، ومباشرة العمل بدءا بمتابعة اصدار المراسيم الخاصة بها، ولا سيما مرسوم النظام الداخلي للهيئة والانظمة الادارية والمالية وانظمة العاملين لديها وكيفية تمويلها واسس الترخيص وخلافه، وذلك وفق احكام قانون تنظيم قطاع الكهرباء. وفي هذا المجال يمكن الهيئة متابعة الخطى المتخذة من وزارة الطاقة والمياه والتعاقد مع مكتب استشاري عالمي لوضع دراسة اعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان، ودقائق فصل وظائف القطاع الثلاث، ومتطلبات جذب اهتمام القطاع الخاص (المحلي والخارجي) بالمشاركة، ونوع هذه المشاركة وحجمها.
2- وفي اطار فصل وظائف القطاع الثلاث واولوية معالجة وظيفة التوزيع اولا، وضمان سلامة هذه العملية ونجاحها قبل خصخصة اي من وظيفة التوليد، تقسيم لبنان مناطق عدة واجراء مناقصة تنافسية وفق دفتر شروط نموذجي ومدروس، ومنح افضل العارضين امتياز توزيع الطاقة في كل منطقة وللمدة المحددة في دفتر الشروط.
ولا بد في هذا المجال، من ضرورة تشجيع مشاركة القطاع الخاص المحلي، وبخاصة في وظيفة التوزيع، لسببين رئيسيين.
– سهولة استيعاب التقنيات المطلوبة في وظيفة التوزيع من القطاع الخاص المحلي، وتوافر الخبرة الادارية الاستثمارية محليا (المثبت في امتيازي جبيل وزحلة)، وتمكن افضل المؤسسات المحلية من فهم واقع التوزيع الكهربائي في لبنان وخصوصياته وتعقيداته، والتغلب على معوقات نجاحه.
ب – من تجربة الازمة المالية في شرق آسيا، لم تتأثر المشروعات الكهربائية الخاصة المملوكة من مستثمرين محليين كثيرا بعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية، مثل مشروعات ماليزيا وتايلاند، وبالتالي تقليص تعريض المشروعات الكهربائية للخطر بسبب عدم المواءمة بين الايرادات بالعملة المحلية والالتزامات (6).
3- وبشكل متواز مع وظيفة التوزيع، تلزيم “المركز الوطني للتحكم (National Control Center)، بعقدين منفصلين، ولكن متزامنين:
* العقد الاول، من خلال شراء جهاز محاكاة للتحكم (Simuulator) والتدرب عليه لاكتساب خبرة سريعة في ادارة شبكة النقل الكهربائي.
* والعقد الثاني، شراء المركز الوطني للتحكم وتركيزه ووضعه قيد الاستثمار.
4- وفي انتظار نتائج مشاركة القطاع الخاص في وظيفة التوزيع (وفق ثانيا اعلاه)، يكتفي بأن تكون مشاركة القطاع الخاص في وظيفة التوليد في حدود تلزيم التشغيل والصيانة لمعامل التوليد الحراري الكبرى (البداوي والزهراني وربما الزوق).
سابعا – مقاربة الخطوات المتوجبة بالخطوات المتخذة
من المفترض، على اثر صدور قانون تنظيم الكهرباء الجديد، ان تحدد الحكومة وتعجل الخطوات اللاحقة لتنفيذ احكام القانون المذكور، وتضع برنامجا زمنيا لآليات التنفيذ وتعلنه على الملأ، بدءا باصدار مراسيم انشاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء وتعيين اعضائها. الا ان هذا الامر لم يتم حتى تاريخه، وبقيت المداولات في هذا الشأن في اطار المجلس الاعلى للخصخصة الذي حافظ على سرية تلك المداولات.
وقد فاجأ المهتمين بالموضوع اعلان، باللغة الانكليزية، صادر عن المجلس الاعلى للخصخصة (نشرت نسخة منه في عدد “النهار” الصادر بتاريخ 15 تشرين الاول 2002)، اشارت فيه الحكومة اللبنانية الى صدور قانون تنظيم قطاع الكهرباء وما ورد فيه في شأن مشاركة القطاع الخاص وانها، من اجل ان تطلق في سنة 2003 مناقصة عالمية تبعا لذلك، طرحت – في ما طرحت – رغبتها في تسلم “تصاريح اهتمام (Expressions of interest)” من شركات قادرة ومستثمرين مؤهلين لاختيار (ترجمة حرفية):
“- مشغل من ذوي الخبرة او اكثر في قطاع الطاقة، كل يعمل منفردا او بمشاركة مستثمرين آخرين، على الا يتجاوز حصوله، في مرحلة اولى، على نسبة 40% من القطاع مع تولي الادارة، لكل من الشركة او الشركات المنشأة حديثا والتي ستحول اليها كل ممتلكات ونشاطات التوليد والتوزيع أو جزء منها.
– مشغل من ذوي الخبرة لادارة شبكة النقل، التي ستبقى بملكية الدولة.
ان المشغلين القادرين والمستثمرين الآخرين يمكن ان يصرحوا عن اهتمامهم بهذه الخصخصة، اما منفردين او كمجموعة (التي يجب الا تشمل اكثر من مشغل واحد)… “.
ان مضمون الاعلان المذكور يشوبه بعض الغموض ويمكن أن يفسر بطرق متعددة، كما ان الاعلان استبق انشاء هيئة تنظيم القطاع وأجاز المجلس الاعلى للخصخصة لنفسه ان يكون بديلاً منها.
هناك مجموعة من الاسئلة يجب توضيحها للراغبين في المشاركة ليكونوا على بينة من امرهم، ويتأكدوا من فهم وتقدير الخطوات الحكومية اللاحقة وتراتبيتها، وحدود صلاحياتهم ومسؤولياتهم، ومقدار الشفافية والوثوقية والضمانات التي ترعى اعمالهم، ومنها:
– ما هي خطط الحكومة وبرامجها في قطاع الكهرباء وفي كل من وظائفه الثلاث، اقله على المديين القصير والمتوسط، في ضوء قانون تنظيم الكهرباء الجديد؟
– ما مدى رغبة الحكومة في فصل نشاط وظيفتي التوليد والتوزيع؟
– هل ستعطى وظيفة التوزيع الاولوية زمنياً، ام ستسير جنباً الى جنب مع وظيفة التوليد؟
– ما هي حظوظ سداد الاموال المتوجبة عن كل كليو واط ساعة يتم توليده او نقله او توزيعه؟
– ما مقدار الدعم الحكومي الفعلي لجهة تطبيق الانظمة والقوانين المرعية؟
– ما هي امكانات الربح بالمقارنة مع فرص الاستثمار المتوافر؟
– هل سيسمح لمشغل واحد بامتلاك حتي نسبة 40% من وظيفتي التوليد والتوزيع؟ وماذا يبقى من عنصر المنافسة في حالة كهذه؟
– الى اي مدى سيسمح لهيئة تنظيم القطاع بالعمل باستقلال وشفافية وتقنية، بعيداً من الضغوط السياسية والطائفية والعائلية…؟ والى متى سيتأخر تعيينها واعداد المصادقة على المراسيم التنظيمية والتطبيقية بشأنها؟
– الى اي مدى سيشجع المستثمر المحلي بالمشاركة، وبخاصة في مجال التوزيع؟
وما لم تتم الاجابة بوضوح وعلانية عن تلك الاسئلة واخرى في السياق نفسه، فسيبقى السؤال الآتي يطرح نفسه دون جواب واضح:
“قطاع الكهرباء في لبنان، من احتكار القطاع العام الى احتكار القطاع الخاص”؟
يوجد في ملاك شركة كهرباﺀ لبنان 4800 عامل، 2000 منهم موظفون والباقون يعملون على الفاتورة من خلال متعهدين، ومتوسط أعمار الموظفين 52 سنة.
وتعد الكهرباء في لبنان عبءاً مالياً ضخماً يرهق الخزينة ويشكل جزءاً رئيساً من الاقتراض الإضافي للبنان الذي باتت العتمة فيه أمراً مألوفاً رغم المقومات الاقتصادية الأخرى كالسياحة التي تفرض تحركاً أكثر جدية لتأمين الطاقة على مدى 24 ساعة.
وطاقة لبنان الإنتاجية الاسمية هي في حدود 2000 ميغاواط سنوياً، والمطلوب 2200 ميغاواط، فيما الطاقة الفعلية تتراوح في الوقت الحالي بين 1600 و1700 ميغاواط.
وهناك 7 معامل حرارية هي الزوق والجية والزهراني وصور ودير عمار والحريشة وبعلبك، إضافة إلى معامل مائية هي الليطاني ونهر البارد والصفا.
وكانت الحكومة أعدت في يناير 2007 برنامج إصلاح شامل لقطاع الطاقة، لكن هذا البرنامج لم يبصر النور إلى اليوم.
ويرى البنك الدولي في دراسة له عن «الإنفاق العام على قطاع الكهرباء» أن هذه الإصلاحات، فيما لو طبقت، ستخفض الدعم لهذا القطاع إلى أقل من 1 بالمئة ابتداء من 2010.
ويوضح البنك من خلال الدراسة أن الدعم المطلوب هو لتغطية العجز في العائدات غير الكافية والناتج من التعرفة المنخفضة، والجباية المتدنية للفواتير، إضافة إلى الاستمرار في استخدام الفيول أويل على الرغم من أن المعملين الرئيسين، أي دير عمار والزهراني، مصممان للعمل على الغاز الطبيعي، فضلاً عن التكلفة العالية على صعيد التشغيل والإدارة، وعدم كفاية الصيانة المنتظمة وقطع الغيار، ويضاف إلى ذلك الخسائر الفنية العالية جداً، وهو ما يسبب ارتفاعاً في تكلفة توليد الطاقة.
وتخلص دراسة البنك الدولي إلى أن القطاع يعاني أزمة عميقة، ويسبب نزيفاً هائلاً في أموال الحكومة، كما يرتب ضعف التغذية بالتيار الكهربائي من جانب مؤسسة كهرباء لبنان خسائر على الصناعة تقدر بنحو 400 مليون دولار.
الهدر الفني
إن الهدر الفني يقدر بـ15 بالمئة، وغير الفني (السرقات والتعديات) 20 بالمئة، و«المشكلة تتعلق بالهدر الفني الذي يتطلب مؤازرة أمنية لوقف التعديات».
فنسبة الجباية تبلغ 90 بالمئة للطاقة المفوترة (الصادرة قيمتها عن طريق الفواتير).
و عجز المؤسسة، إن موازنة العام 2009 قدرت العجز بقيمة 1.4 مليون دولار على أساس سعر برميل النفط 54 دولاراً، وهذا يعني أن العجز سيتخطى الملياري دولار العام 2009.
وكشف أن المؤسسة بصدد التحضير لموازنة العام 2010، لافتاً إلى أن العجز الكبير مرده إلى تكلفة الإنتاج العالي.
ويذكر أن مؤسسة كهرباء لبنان تتولى أمور إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية على كافة الأراضي اللبنانية، كما تقوم بشراء كميات من الطاقة من مصادر محلية، مثل المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وشركة نهر إبراهيم وشركة البارد، وهذه المصادر تمتلك معامل تعمل على إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام المياه المتساقطة.
وتجدر الإشارة إلى هذه المعامل معظمها صغير، وتتحكم كميات المياه المخزنة بكميات الإنتاج التي تقل كثيراً خلال فصل الصيف.
معامل الإنتاج
يوجد في لبنان معامل عدة لإنتاج الطاقة الكهربائية المطلوبة، وتبلغ قدرتها المجهزة 2038 ميغاواط، وتقسم إلى نوعين: الأول المعامل الحرارية، وهي التي تستخدم المحروقات، مثل الفيول أويل، والديزل أويل، أو الغاز أويل لتوليد الطاقة الكهربائية، ويوجد في لبنان 7 معامل حرارية لإنتاج الطاقة، هي الزوق ويضم أربع مجموعات قدرتها المجهزة مجتمعة 607 ميغاواط، والجية الذي يضم 5 مجموعات بطاقة مجهزة تبلغ 346 ميغاواط، وصور الذي يضم مجموعتين بطاقة مجهزة إجمالية تبلغ 70 ميغاواط، وبعلبك الذي يضم مجموعتين بطاقة مجهزة إجمالية تبلغ 70 ميغاواط، والزهراني ويضم 3 مجموعات بطاقة مجهزة إجمالية تبلغ 435 ميغاواط، ودير عمار الذي يضم 3 مجموعات بطاقة مجهزة 435 ميغاواط، والحريشة الذي يضم مجموعة واحدة بطاقة مجهزة 75 ميغاواط.
وأما المعامل المائية فهي التي تستخدم المياه بهدف توليد الطاقة الكهربائية، وتصل قدرتها المجهزة الإجمالية إلى نحو 220.6 ميغاواط، وهي معامل الليطاني، وهي عبارة عن ثلاثة معامل تابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، طاقة الأول 108 ميغاواط، والثاني 48 ميغاواط، والثالث 34 ميغاواط، ومعامل شركة نهر البارد، وهي عبارة عن معملين صغيرين، طاقة الأول 13.5 ميغاواط، والثاني 3.7 ميغاواط، إضافة إلى معمل الصفا بطاقة 13.4 ميغاواط.
وتستخدم مؤسسة كهرباء لبنان وسيلتين لنقل الطاقة المنتجة من معامل الإنتاج، وهي الخطوط الهوائية والكابلات المطمورة.
وتقسم الخطوط الهوائية حسب التوتر الذي تنقله إلى ثلاثة أنواع، مجموع طولها 1336 كيلومتراً، وهي خطوط نقل التوتر العالي 220 كيلوفولط، بطول 290 كيلومتراً، وخطوط نقل التوتر العالي 150 كيلوفولط، بطول 292 كيلومتراً، وخطوط نقل التوتر العالي 66 كيلوفولط بطول 754 كيلومتراً.
وأما الكابلات المطمورة فتقسم أيضاً حسب التوتر الذي تنقله إلى ثلاثة أنواع، هي كابلات نقل التوتر العالي 220 كيلوفولط بطول 60 كيلومتراً، وكابلات نقل التوتر العالي 150 كيلوفولط بطول 39 كيلومتراً، وكابلات نقل التوتر العالي 66 كيلوفولط بطول 180 كيلومتراً، وكابلات نقل التوتر العالي 150 كيلوفولط بطول 39 كيلومتراً.
رفعت وزيرة المال ريا الحسن في الآونة الاخيرة مشروع موازنة 2010 إلى مجلس الوزراء، الذي ينتظر منه أن يباشر يوم الأربعاء المقبل بمناقشة أرقام مشروع القانون بمواده المئة والتسع والعشرين، واذا كان المشروع قد خلا من زيادة الضريبة على القيمة المضافة، إلا أنه يفتح الباب واسعاً أمام الخصخصة، بحسب ما أعلنته الحسن نفسها في تقريرها المرفق مع المشروع، مع فارق بسيط تمثل بتلطيف العبارة عبر القول “باشراك القطاع الخاص في معالجة قطاع الخدمات من اجل تأمين الايرادات اللازمة لخزينة الدولة”، وهو ما ورد صراحة تحت عنوان خيارات “التمويل” في المشروع الجديد للموازنة، الذي تضمن البند الثاني منه خيارا قضى بـ” إشراك القطاع الخاص، وخاصة في قطاع الاتصالات، وقطاع الكهرباء حيث الحاجة الملحة تفوق 1500 ميغاواط، وكذلك قطاع النقل إن لناحية تطوير شبكة الطرقات وتأهيلها والنهوض بالنقل العام وسكة الحديد وتطوير المرافئ وسواها…”، ويضيف البند “إن الحكومة عازمة على إقرار مشاريع القوانين التي تخوّل الدولة القيام بعملية التشركة لبعض القطاعات، ولا سيما قطاع الكهرباء وإشراك القطاع الخاص في مشاريع التنمية”.
قوم وفد رفيع من وزارة الطاقة والمياه اللبنانية بزيارة دولة الكويت مساء اليوم، في سياق الجولات على عدد من الدول العربية طلبا للمساعدة في تخفيض كلفة الوقود المستخدم في انتاج الطاقة الكهربائية في لبنان، التي باتت تستنزف الخزينة العامة.
وقال وزير المال اللبناني محمد شطح ان الدولة باتت عاجزة عن تغطية عجز مؤسسة الكهرباء، معلنا ان قيمة هذا العجز ستتراوح بين 2400 و2800 مليار ليرة لبنانية في العام 2009، اي ما يعادل 1592 و1857 مليون دولار، واعتبر ان هذا الرقم «يفوق، في كل المقاييس، أي رقم آخر في أي دولة تعاني عجزا في الكهرباء». والمعروف ان الدولة اللبنانية تعاني من عجز هائل في موازنتها العامة يبلغ حــــوالي 3،4 مليارات دولار في هذا العام، مما ساهم في رفع التقديرات لاجمالي الدين العام المصرّح عنه رسميا الى 46 مليار دولار في نهاية العام الجاري، بحسب الوزير شطح، اي ما يوازي 190 في المائة من اجمالي الناتج المحلي.
عقود نفطية مع الكويت
ويرتبط لبنان بعقود «من دولة الى دولة” مع كل من الكويت والجزائر لتأمين حاجات الكهرباء من الفيول اويل والمازوت المستخدمين في انتاج الطاقة الكهربائية، ويتم تنفيذ العقد مع الكويت عبر شركة نفط الكويت التي تشكو غالبا من التأخير في فتح الاعتمادات المالية لقاء وارداتها من الوقود الى مؤسسة الكهرباء، وتضطر ناقلاتها الى الانتظار لمدة اسابيع في عرض البحر قبالة السواحل اللبنانية بانتظار فتح هذه الاعتمادات قبل تفريغ حمولاتها، وهذا يؤدي الى تكبيد الخزينة العامة اللبنانية اكلاف اضافية ناجمة عن غرامات التأخير المنصوص عليها في العقد، والتي تقدّر بحوالي 30 الف دولار عن كل يوم.
أخطر الأزمات
وتُعتبر ازمة القطاع الكهربائي في لبنان من اخطر الازمات التي يواجهها هذا البلد، نظرا لانعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية البالغة، اذ ان تقديرات السلطات الرسمية تفيد بان الخزينة العامة انفقت اكثر من 10 مليارات دولار في السنوات الـ 15 الماضية، لاعادة تجهيز البنية التحتية للقطاع، وتمويل عجز مؤسسة الكهرباء التي تعود ملكيتها للدولة بالكامل.. الا ان هذا الانفاق لم يؤد الى معالجة الازمة حيث لا يحصل المواطنون والمؤسسات على تغذية كهربائية مستقرة، كما ان معدّل التغذية يقل عن 15 ساعة يوميا في معظم المناطق، ما عدا العاصمة التي تحصل على تغذية بمعدّل 21 ساعة يوميا.
عجز كهربائي
ويبلغ الفارق بين الانتاج الكهربائي والطلب الاستهلاكي حوالي 500 ميغاوات حاليا، ويتوقع ان يبلغ اكثر من 1000 ميغاوات في السنوات القليلة المقبلة، في حين ان الحكومة تدعم سعر الكهرباء للمواطنين والمؤسسات، اذ تتبنى تعرفة ثابتة تم وضعها على اساس سعر لبرميل النفط لا يتجاوز 25 دولارا، وعلى الرغم من ذلك فان جباية الفواتير تقتصر على 50 في المائة من الانتاج الموزّع بفعل ارتفاع الهدر الفني على الشبكة (15 %) والتعديات وسرقة التيار (35 % تقريبا).
امام هذا الواقع تطرح بعض الجهات اللبنانية خيار خصخصة القطاع كمخرج ضروري من الازمة المستفحلة، الا ان البنك الدولي تحفّظ في دراسة له على هذا الخيار، مشيرا الى انه اعدّ نموذجا ماليا يؤكّد ان كلفة انتاج الكهرباء عبر استثمارات القطاع الخاص سترتفع بمعدّل يتراوح بين 1.6 و3 سنتات على كل كيلووات واحد بالمقارنة مع الانتاج عبر استثمارت القطاع العام، وهذا من دون احتساب كلفة هوامش الارباح والضمانات التي سيطلبها القطاع الخاص.
لكن دراسة البنك الدولي اظهرت ان المؤسسات تتكبد اكلافا اضافية بقيمة 400 مليون دولار لتأمين الطاقة من مصادر بديلة، كما ان الاسر تتكبد اضافة بنسبة 25 في المائة على ميزانياتها من جراء استمداد الطاقة عبر المولّدات الخاصة.
خيارات وزير الطاقة
فهناك خيارات عدّة للمعالجة، أبرزها:
– الخيار الأول:
الإبقاء على ملكية قطاع الكهرباء بيد الدولة وإدارة مؤسسة كهرباء لبنان من قبلها، مشيرا إلى أن هذا الحل هو الأمثل نظريا، إذ يحفظ للدولة حقوقها، ويحافظ على مصلحة المواطنين عبر حمايتهم من تحويل مرفق الكهرباء إلى قطاع خاص احتكاري، غير أن اعتماد هذا الحل له محاذير، لأنه بموجب الخبرة القائمة في القطاع العام في لبنان، يشكل هذا الخيار استمرارا للوضع الحالي.
– الخيار الثاني:
خصخصة قطاع الكهرباء بشكل كامل، وبيعه كليا إلى مستثمرين من القطاع الخاص ليصبح قطاعا حرا ومستقلا، معتبرا أن هذا الحل يبدو كأنه الدواء الشافي لما يعانيه هذا القطاع، وهو الأسهل نظريا بالنسبة إلى الدولة إذ يريحها من مسؤولية قطاع الكهرباء ومشاكله، لكنه، مع الأسف، لا يمكن إيجاد مستثمر يقبل بهذا المشروع، إلا إذا أمنت له الدولة مردودا مضمونا لكامل استثماره، وذلك طيلة مدة هذا الاستثمار.، ويخلص الى القول: «إذا، ما الفائدة من هذه الخصخصة ما دامت الدولة ستتحمل خطر الاستثمار، مما سيمنعها من شراء الطاقة من مصدر آخر بكلفة أقل، إذا وجد، والمستثمر يقطف ثماره!»
– الخيار الثالث:
الإبقاء على ملكية قطاع الكهرباء بيد الدولة وشركة مؤسسة كهرباء لبنان.
موقف ضد الخصخصة الكاملة
و من ناحية أخرى، فإن هذا الخيار يجنب البلاد خطورة الخوض في مغامرة تخصيص هذا المرفق، لأن خصخصة هذا القطاع بحال الإحباط التي نعانيها كون كلفة الإنتاج لدينا هي إضعاف المعدل المعمول به عالميا، محتمل أن يكون لغير مصلحة البلد على المدى الطويل، خصوصا أنه من المتوقع أن تصل، في المستقبل القريب، ذروة الطلب على الكهرباء في لبنان إلى 20 مليار كيلوات/ ساعة في السنة، فكل 1 سنت إضافي على سعر الكيلووات/ساعة، سينعكس إلى 200 مليون دولار ربحا إضافيا للمستثمر في السنة، وذلك على حساب مصلحة المواطن والخزينة».
و لكي نتمكن من تحقيق نتيجة سريعة و فعالة يجب على الحكومة أن تأخذ بعض القرارات و منها:
1- القرار الأول هو إقرار مشروع إنشاء معمل أو معملين بطاقة 1500 ميغاوات ليس المهم المنطقة في طرابلس أو سلعاتا أو الجية شرط أن تبدأ الدراسة والتلزيم من الآن، إضافة إلى استثمارات جديدة في إنشاء وتوسعة بعض محطات النقل من الضاحية الجنوبية والبحصاص في طرابلس والمارينا في ضبية إضافة إلى وسط بيروت الذي يحتاج محطة للأسواق الجديدة بطاقة تصل إلى 13 ميغاوات. هذه المشاريع إذا بدأت اليوم تحتاج إلى سنتين أو سنتين ونصف لإعطاء نتائجها وتوفير الطاقة اللازمة لسد النقص. حتى مشروع الوزير طابوريان بشراء مولدات وهو خطوة مرحلية، فإن تنفيذه يحتاج إلى 18 شهراً بالحد الأدنى أي سنة ونصف السنة ولا يؤمن كل الحاجة. وهذه الخطوة تحتاج إلى تمويل بقيمة 2,5 إلى 3 مليارات دولار بالحد الأدنى.
2- القرار الثاني يتعلق بالوضع المالي للمؤسسة، وخصوصاً موضوع التعرفة وارتباطها بكلفة الإنتاج لوقف العجز والخسائر في المؤسسة التي ترهق المواطن والخزينة وتكلف الدولة عجزاً سنوياً يتراوح بين 800 مليون ومليار دولار وفقاً لموازنات السنوات الأخيرة وتبعاً لتطورات أسعار النفط. وهذه الخطوة تحتاج إلى قرار سياسي باعتبار أن أحداً من المرجعيات السياسية لا يستطيع تحمل قرار زيادة التعرفة، على الرغم من أن المواطن يدفع فاتورة ثانية إلى المولدات الخاصة بواقع 50 و60 دولاراً على الخمسة أمبيرات أي ما يوازي خمسة أضعاف سعر تعرفة الكهرباء ولا أحد يعترض. بينما تعديل التعرفة لن يصل إلى هذه الزيادة أو حتى نصفها لقاء تأمين الكهرباء لمدة 24 ساعة يومياً. تبقى الإشارة الأخيرة وهي أن كل الدراسات المحلية والدولية تضمنت إشارة إلى ضرورة إعادة النظر بالتعرفة على اعتبار أن التعرفة الحالية موضوعة على سعر برميل نفط بحدود الـ20 دولاراً (بين 18 و25 دولاراً منذ الثمانينيات). وهناك موضوع إزالة التعليقات والسرقات على الشبكات الذي يؤدي إلى هدر بالعائدات بشكل كبير بسبب الخلافات السياسية ما يزيد التعليق وتخريب المحطات في المناطق البعيدة عن سلطة الدولة، وحتى الواقعة ضمن السلطة باعتبار أن المناطق تغار من بعضها في التخلف عن الدفع وزيادة التعديات.
3- القرار الثالث وهو الأهم يتعلق بتعزيز الجهاز البشري لمؤسسة الكهرباء وتفعيل الإدارة. فالاستثمارات الكبيرة الجدية والقائمة تحتاج إلى جهاز بشري يحميها ويحافظ على تطويرها وعائداتها من جهة، ويمنع التعديات عليها من جهة ثانية. وهذا القرار يحتاج إلى استعادة هيبة الدولة المفقودة في العديد من المناطق، ما يؤدي إلى سرقات الأسلاك وخطوط التوتر العالي والدخول إلى المحطات وفرض أوامر على العاملين بالتغذية لمناطق على حساب أخرى، في ظل أنظمة التقنين القاسية التي يعيشها المواطن والمشترك في كل المناطق تقريباً، بما فيها العاصمة بيروت، بينما الجهاز في المؤسسة عاجز عن تنفيذ محضر مخالفة أو غرامة على ألاف المخالفين من أصل المليون ومئة ألف مشترك في مؤسسة كهرباء لبنان. تبقى النقطة الأخطر وهي أن العناصر الكفوءة في مؤسسة كهرباء لبنان، إما أنها تغادر المؤسسة الى فرص أفضل أو أنها تطلب إجازات غير مدفوعة لتعمل بالقطاع الخاص وهذا سبب هزالة الصيانة في أجهزة كهرباء لبنان.
هذه قرارات تحتاج لخطوات وقرارات سياسية قبل أي شيء آخر. إذ من دون تفاهم الحد الأدنى لا يمكن لجهاز المؤسسة إزالة التعديات وتحسين الجباية في المناطق المتعددة. مع العلم بأن إزالة التعديات وتحسين الجباية و تخفيف الهدر من 40 إلى 15 في المئة، يزيد الإيرادات حوالى 200 مليار ليرة، أي حوالى 135 مليون دولار وهي تحل جزءاً من العجز. أما وصول الغاز من مصر والمنتظر منذ سنوات فإنه يساهم في تخفيض كلفة الإنتاج في معمل البداوي بحوالى 100 مليار ليرة، هذا إذا وصل باعتبار أن عمليات التجهيز وتشغيل المعمل على الغاز انتهت منذ نيسان من العام 2005، على أساس انتظار وصول الغاز من سوريا التي تعرضت هي نفسها لنقص في الغاز وعدم توافر كميات للتصدير. المهم أن الغاز يوفر بعض النفقات ويخفف قليلاً من العجز، لكنه لا يؤمن طاقة إضافية لسد النقص.
أخيرا ، الخصخصة لا يمكن أن نطبقها بسهولة ، فهناك عوامل عدة علينا أن نتبعها ، و لا يمكن للدولة اللبنانية أن تتبنى الخصخصة من دون إستراتيجية تجعلها تنافسية و أقل كلفة على المواطن اللبناني و ذو إنتاجية أفضل.
و دور المراقبة و المحاسبة و المساءلة مهمين جدا فعلينا تبني الهيئة الناظمة للخصخصة لأجل حماية الخصخصة و حماية حقوق المواطن. و الخصخصة يجب أن تكون بعيدة عن السياسة ، فالمناقصات يجب أن تكون حسب العروض الأفضل و ليس حسب تقاسم المغانم فيما بين السياسيين.
Il n’est pas necessaire de privatiser EDAL maistout simplement permettre à EDL de fonctionner comme une socété privée resposable de gérer un business où les revenus doivent être suffisantes pour couvrir les coûts et générer des profits comme n’importe quelle société commerciale. Nous nous sommes pas à l’époque de l’état de providence où l’état s’occupe de tout. La solution est simple , il s’agit de s’inspirer d’une ce qui est fait dans des sociétés semblable dans le monde et EDF n’est pas un bon exemple. Il faut diviser EDL en trois entités séparées soient, La production, le transport et la distribution.. Il faut augmenter le tarif pour couvriri les dépenses et l’État Libanais ne doit pas investir et c’est l’utilisateur qui doit assumer les coûts complets de cette énergie.
أولا شكرا صديقي سهيل على تعليقك النير، أنا أوافقك الرأي بشأن طريقة الخصخصة … فحسب وجهة نظري أن الخصخصة ممكن أن نتبعها
بطرق عدة و إحدى الطرق التي تحدثت عنها … لكن للأسف السلطة لا تريد الحل المفيد للمواطن بل همهم مصالحهم الشخصية لأنهم يريدون تدمير هذا القطاع لأجل خصخصته بالطريقة التي تناسبهم و التي ممكن أن تجني شركاتهم أرباحا أكبر… فخسارتنا سنويا من هذا القطاع تزيد عن المليار دولار و مستقبليا سوف يكبر العجز أكثر و أكثر.
مع أطيب التنيات،
شادي نشابة