نشابة محاضرا في يوم ” صفر نفايات “

شاركت جمعية إنجاز لبنان في نشاط “صفر نفايات ” الذي أقيم في جميع المحافظات اللبنانية ، وهذا النشاط الذي يهدف إلى الضغط على السلطتين التشريعية و التنفيذية لإقرار مشروع صفر نفايات بهدف إعادة تصميم الطريقة التي تتدفق بها الموارد والمواد من خلال إعتماد المجتمع لنهج النظام بكامله. وهو مبدأ تصميم يضمن تصنيع المنتجات بطريقة تمكن من إعادة إستخدامها أو إصلاحها أو إعادة تدويرها مرى أخرى إلى الطبيعة أو إلى السوق.

و قد أجرى شادي نشابة محاضرة حول أهمية تدوير النفايات و نتائجها صحيا ، إقتصاديا و بيئيا.

كما وركز نشابة أن لا يتعلق مبدأ صفر نفايات فقط على إعادة التدوير وتحويل النفايات مقالب القمامة والمحارق، فهو يتضمن إعادة هيكلة نظم الإنتاج والتوزيع لمنع توليد النفايات من البداية، و تحدث أيضا عن موضوع المطامر والمحارق ونتائجها السلبية وكيف ممكن أن نستفيد من نفاياتنا إقتصاديا عبر خلق فرص عمل جديدة و ليس كيف أن نسيء إلى مجتمعنا .

و تم التركيز على موضوع المطامر و المخاطر التي تولدها من خلال إنبعاث الغازات السامة و الروائح الكريهة و تحدث خلال هذا الموضوع عن مطامر طرابلس و برج حمود و صيدا.

و أكد أن صفر نفايات هو هدف على جميع قطاعات المجتمع أن تسعى إلى الوصول إليه . وهو من شأنه أن يعيد تحديد المسار حتى لا تعود الحكومات و المجتمعات المحلية و المؤسسات التجارية تستند في بقائها على إهدار موارد الأرض.

و خلال المحاضرة طالب السلطتين التشريعية والتنفيذية بتطبيق صفر نفايات من خلال مشروع قانون و إنجاء لجنة لهذه الكارثة وجرى ختاما إمضاء عريضة قام بها الحضور .

و في النهاية، أطلع نشابة الموجودين عن فوائد صفر نفايات و منها:
• أقل تلويثا
• المحافظة على الموارد
• أقل كلفة
• وظائف أكثر
• مردود للمزارعين والصناعة
• التخفيف من الإستراد

نشابة ” للمستقبل” : نحن بأمس الحاجة إلى تحفيز روح المبادرة الإجتماعية و الإقتصادية لدى الشباب اللبناني

فازت شركة “إنجاز لبنان” بلقب “أفضل شركة طلابية” في مسابقة “إنجاز العرب” لسنة 2010 التي احتضنتها مدينة مراكش وذلك بعد اختيارها من طرف لجنة تحكيم أشرفت على تقييم منتجات مبتكرة صنعها وسوقها طلاب وطالبات المرحلة الثانوية من 13 دولة الأعضاء في منظمة “إنجاز العرب” وهي المغرب، السعودية، الإمارات، البحرين، الأردن، مصر، الكويت، عمان، لبنان، قطر، فلسطين، تونس واليمن.

وأشار منسق “إنجاز لبنان” في الشمال شادي نشابة الى اننا “بأمس الحاجة إلى تحفيز روح المبادرة لدى الشباب اللبناني والرفع من قدرات الطلبة والطالبات وخلق روح المبادرة والعمل الحر لديهم وتوعيتهم بأهمية المشاريع الصغيرة في تنمية الفرد والمجتمع وتمكين الطلبة والطالبات من خوض تجربة العمل الريادي عبر إنشاء شركة حقيقية ذات رأس مال وهيكل إداري ووظيفي وهذا من شأنه أن يكسبه المهارات والقيم والاتجاهات المتضمنة في آلية التوظيف الذاتي”.


ويساهم برنامج إنجاز العرب الذي يقام للسنة الرابعة في المغرب بعد كل من الأردن وعمان ولبنان في تنمية مهارات الطلاب العرب وتمكين وتعزيز قدراتهم في إدارة المشاريع التجارية وإعدادهم الإعداد الأمثل لدخول سوق العمل بثقة.

” نشابة” محاضرا في منظمة الأمم المتحدة لتنمية الصناعات

تنظم منظمة الأمم المتحد لتنمية الصناعات برنامج تدريبي لرواد أعمال ، وقد كان شادي نشابة ضيفا محاضرا لمدة يومين و ذلك نهاري الخميس 11 و الجمعة 12 تشرين الثاني في غرفة التجارة و الصناعة في الشمال .

وقد ركز نشابة على عدة مواضيع في محاضرتيه و كانت أبرزها موضوع روح المبادرة الإقتصادية و الإجتماعية و اللذان هما مورد أساسي في تفعيل التنمية الإقتصادية و الإجتماعية في الوطن. و لقد أثار نشابة مواضيع عدة و منها:

  1. من هو صاحب العمل و ما هو دوره
  2. الكفاءات التي يحتاجها صاحب العمل
  3. مواصفات الرائد في العمل
  4. التخطيط
  5. الموازنة
  6. المتابعة

كما و ذكر أن الاقتصاد اللبناني لا يؤمن فرص العمل الكافية  التي تغطي طلب الشباب الوافدين الى سوق العمل سنوياً، لذا يجب ايلاء الاهتمام اللازم بالقطاعات الأكثر توظيفاً والواعدة، على ضوء التغيرات في أوضاع أسواق العمل الداخلية والخارجية، والقيام باجراءات من شأنها تحفيز القطاعات المختلفة.

و نوه بأن هناك تفاوت في التنمية بين المناطق، الذي يشهده لبنان، دوراً حاسماً في زيادة حدة النزوح من الريف والمناطق البعيدة  الى المدن أو الهجرة الى الخارج. لذا، من الضروري إنشاء وزارة التخطيط اوالتصميم، على أن يُعهد اليها إعداد ووضع دراسات لمشاريع تتعلق بالتجهيز والتنمية، والعمل على تنفيذها بالتعاون مع مختلف إدارات الدولة ومؤسساتها العامة في إطار سياسة عنوانها : “التوازن التنموي المناطقي العادلمع إعطاء دور للجماعات المحلية على مستوى الشورى والتنسيق والمشاركة بالتنفيذ، لذا هنا دور كبير على رواد الأعمال لكي نتخلص من هذه الأزمة.

و ركز أيضا على تفعيل مشاركة الشباب في الحياة العامة و إعتبرها  أساساً لايجاد وانجاح السياسة الشبابية بشكل عام، وخاصة لناحية تحفيز الاندماج الاجتماعي. فمن هنا تأتي ضرورة ضمان حق الشباب بالمشاركة في العمل المدني والنشاط السياسي بشتى أشكاله .

أهمية المبادرة الإجتماعية و الإقتصادية و تأثيرهم في سياسات الدول

إن تفعيل المبادرة والقيادة لدى الطالب من خلال نظريات القيادة الحديثة وسمات الشخصية الحديثة، وتنمية شخصية الشباب بإتجاه روح التفاعل مع المجتمع وسوق العمل، وإيجاد بيئة للإبداع تجعله قادراَ على إتخاذ القرار الصحيح، وتفعيل روح المبادرة ضماناَ للإستقرار والنجاح.

كما إن أعدادا كبيرة من الحاصلين على شهادات التعليم العالي ،لا تجد منافذ لسوق الشغل، بسبب التباعد الحاصل بين التكوينات المدرسة، وحاجيات سوق العمل

المبادرة الإجتماعية :

يعتبر العمل التطوعي في هذه المرحلة مزدهرا وفي أوج قوته، إلا أن العمل التطوعي يواجه تحديات منها إيجابية وأخرى سلبية، فالإيجابية منها هو مشاركة أكبر عدد من المواطنين والمؤسسات في العمل الأهلي التطوعي مما يشجع على التنافس والتطوير وإثراء المجتمع بأفكار متميزة لتنمية المجتمع ودخول دماء جديدة للعمل التطوعي، و إنخراط الفرد في العمل العام يمتن الديمقراطية و يبني شخصية الفرد.

ولكن في الناحية السلبية منها شكوى العديد من الجمعيات الكبرى حول تشتيت العمل التطوعي وتجزيئه الى مؤسسات صغيرة قد لا تحظى بالموارد المالية والبشرية الكافية لتفعيل مشروعاتها التطوعية واستدامتها، كما و أن هناك مشكلة جزرية في المجتمع المدني أي أن البعض منها دخل الفساد بدلا من أن يحاربوا الفساد.

المبادرة الإقتصادية :

إن المبادرة الإقتصادية و الإجتماعية مرتبطين بشكل جزري بينهما البعض و أعتبرهم أنهم متكاملين لأنني أعتبر أن كلاهما يدعما البعض بسبب إرتباط التطور الفكري و الإداري خلالهما.

إن روح المبادرة في ظل التباطؤ الاقتصادي، إمكان المشروعات الفردية الخاصة على دفع وتحفيز التنمية الوطنية، بالإضافة إلى كيفية استطاعة الدولة تشجيع المشروعات الفردية الخاصة، والعوائق التي تحول دون ذلك، إضافة إلى كيفية أن يتعاون القطاعان العام والخاص للمساعدة في التغلب على هذه المعوقات.
فوصول أصحاب المشروعات الفردية الخاصة إلى رؤوس الأموال في عالم مقيد مالياً، وأفضل وأنجح الطرق التي يجب استكشافها من أجل تحقيق الازدهار والرخاء الاقتصادي، فالأزمة الاقتصادية أثرت على الجميع، وننظر نظرة إبداعية اجتماعية لحلها عن طريق الجمع بين الأفراد والشركات، وهو أمر لابد من حدوثه”.

فليس كل شخص مهيئاً لاتخاذ المبادرات في العمل. لكن من المؤكد أن يتخذون المبادرات يكونون دوماً في الطليعة. امتناع الكثير من الناس عن اتخاذ المبادرات ليس مرده لامكانياتهم المحدودة وإنما لاعتبارات اجتماعية وتكوين نفسي خاص. حب المبادرة موجود بالفطرة لدى كل الناس لكن لا بد من افساح المجال أمامه كي يأخذ مجاله.
فالانسان بطبعه يحب اكتشاف كل شيء جديد ويحب أن يجرب بنفسه لكي يقتنع بكثير من الأمور. مثلاً، جميع الناس يحبون السياحة والسياحة هي بشكل ما مبادرة لاكتشاف شيء مجهول يبدو أنه جميل وممتع
لماذا إذا يمتنع الكثير من الناس عن المبادرة في العمل؟ هناك عدة أسباب:
الخوف والخجل من الخطأ هو العامل الأساسي الذي يمنع معظم الناس من المبادرة

تحمل مسؤولية المبادرة له دور كبير في الابتعاد عنها
العمل تحت اشراف رئيس غير منفتح يسد كل امكانيات المبادرة
العمل في مجال لا يحبه الانسان يجعله غير قادر على المبادرة
بالطبع هناك أسباب أخرى تتعلق بحالات خاصة لا مجال لذكرها هنا. لكن بالمحصلة لاتخاذ المبادرة لا بد أن يعمل الانسان في مجال يحبه تحت اشراف شخص يقبل المبادرات. أما الخوف من الفشل والخجل من الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها الشخص فهو أمر يمكن التخلص منه بالتجربة.
بالمقابل إذا كانت البيئة المحيطة من حيث نوع العمل أو طبيعة من نعمل معهم لا تسمح بالمبادرة فالتجربة لن يكون لها نتائج ايجابية.
في كل الأحوال تشير نتائج الدراسات المتعلقة بالنجاح العملي أن من يتخذون المبادرات هم فقط القادرون على الوصول إلى أعلى المراتب المهنية. إذا كانت طموحاتك كبيرة فلا بد لك من أن تدرب نفسك على المبادرة.

فالمبادرة تسمح بنمو الاستثمار الخاص، وتوفر فرصة اجتماعية سيكون لها عائد اجتماعي ومادي، فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا يوجد لديها طريق سهل للحصول على القروض والتسهيلات المالية، مؤكدة على أنه لا يمكن تسهيلها إلا عن طريق تغيير الأنظمة المصرفية في بعض الدول.
يجب على الرواد تحمل المخاطر، إن الأزمة الاقتصادية لم تكن متوقعة وكل يوم تقدم لنا مفاجآت جديدة ويجب على الدول أن تتوحد لمواجهتها”، فقطاع التصنيع والإنتاج يعد قطاعاً مزدهراً.

أخيرا، لكي نؤمن مبادرة سليمة و ناجحة علينا الإلتزام باللنود التالية :

  • برنامج تدريب الريادة
  • خلق مناخ لتسليط الضوء على الممارسات السليمة لتعليم رواد الأعمال المستقبليين ومساعدة الشركات على إعداد حلول اجتماعية جماعية للمشكلات المتعلقة بالفساد
  • تشجيع روح المبادرة الاجتماعية وإطلاق مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات
  • إعداد مبادرات لتشجيع روح المبادرة الاجتماعية وثقافة الأعمال الخيرية الذكية المستدامة لدى شركاء الأعمال للمساعدة على إعادة تعريف نماذج الأعمال بما يخلق تأثيراً اجتماعياً إيجابياً.
  • منح قروض ميسرة و مدروسة لرواد الأعمال
  • تحفيز الدولة على المبادرة الإجتماعية و الإقتصادية
  • تسويقها من خلال الإعلام و البرامج المدرسية
  • حوار بناء للسياسة العامة، استضافة حوارات أعمال/ استثمار لتوضيح القضايا والتحديات ذات الأولوية لدى أوساط الأعمال والاستثمار كأداة لتحفيز الإصلاح ومساعدة الجهات المنظمة على تحديد الأولويات. وحوكمة الشركات، العمل مع الجهات المنظمة ومجالس إدارات الشركات على تعزيز بنى المساءلة.

إلى متى إهمال قطاعنا الزراعي؟

يتجه القطاع الزراعي اللبناني إلى مأزق حقيقي ممكن أن يؤدي إلى فناء هذا القطاع الرئيسي، و ليس أقله غياب الدعم والحماية مع بروز الموجة العالمية لارتفاع الأسعار الغذائية في ظل العجز في الاكتفاء الذاتي الغذائي حيث يتعرض الأمن الغذائي في لبنان إلى الانكشاف. ذلك أن الاعتماد على استيراد المنتجات الغذائية يكبح النمو الاقتصادي ويستنزف أرصدة العملات الأجنبية في ضوء التوقعات باستمرار ارتفاع الأسعار لسنوات مقبلة، إضافة إلى توسيع مشاكلنا الإجتماعية و الإقتصادية.

فسياستنا الإقتصادية تؤجج الهجرة الداخلية و يوسعها مما يلعب دورا في غلاء الشقق السكنية و إلى تدهور قطاعنا الزراعي يوما بعد يوم و جيل بعد جيل، و هذا الأزمة تولد أزمة إقتصادية كبيرة، و تقلص اليد العاملة و تخفف من إنتاجنا المحلي و تهدد أمننا الغذائي.
ووفق الاحصائيات المتوافرة عن واقع الزراعة في لبنان يتبين أن هذا الواقع صعب ومعقد، إذ لا تتجاوز نسبة هذا القطاع من مجمل الحركة الاقتصادية العامة 6% وتقارب نسبة العمالة في هذا القطاع 8% في حين ان نسبة الأسر التي تعتمد على الزراعة لتأمين مداخيلها تفوق 25%. .

السياسات الحكومية المتعاقبة
إن غياب البرامج والسياسات الحكومية لرفد هذا القطاع وتنمية وغياب الجدية في التعاطي الرسمي مع واقع القطاع يزيدان في تعقيد الحركة، حيث إن موازنة وزارة الزراعة لا تشكل سوى أقل من 1% من الموازنة العامة في لبنان. إن وجود قطاع زراعي قوي ومريح يساعد على وجود سوق قوية لتصريف المنتجات الصناعية ويؤدي إلى تحديث القطاع الصناعي وتطوير كل القطاعات الاقتصادية المرتبطة به، إذ لا صناعة حديثة ولا قطاع خدمات قوية إلا بوجود قطاع زراعي قوي وحديث يوفر السوق والقوة الشرائية لمنتجات القطاعات الأخرى.

الترابط مع قطاعات عدة
فترابط القطاعات الانتاجية بعضها ببعض وثيق، وأي ضرر يلحق بأحد هذه القطاعات لا بد من أن يصيب القطاعات الأخرى ولذا فإن ترابط القطاع الزراعي بالقطاع الصناعي وخاصة الصناعات الغذائية منه هو ترابط متداخل، كما و أن يرتبط القطاع الزراعي بالواقع البيئي لأن غياب الزراعة سوف يؤدي إلى غياب المساحة أي إتباع سياسة التصحر أو سوف يقل الإهتمام بالإهتمام البئيئ.

إن النمو في الانتاج الزراعي والتجارة الزراعية ضروري لزيادة إجمالي الناتج المحلي وزيادة فرص العمل وتحسين الدخل وزيادة القيمة المضافة وتحسين النوعية وزيادة إنتاجية وحدة المساحة، كما تأتي أهمية هذا القطاع من دوره في تحقيق الأمن الغذائي والاعتماد على الذات، وإيجاد الأصناف الملائمة، والحد من نزوح العاملين فيه إلى أحزمة البؤس حول المدن وهجرة الأرض الزراعية نظراً لعدم مردوديتها.

الظروف المناخية
ومع تغيير الظروف المناخية وسيطرة الجفاف على بعض مناطق العالم، وازدياد الحاجة للمياه في ظل تناقصها أو تأثر الزراعات من جراء ذلك لذلك لا بد من التوجه عمليا تجاه البحث عن بدائل ومنها استنباط أصناف جديدة متحملة لمثل موجات الحر وقلة الهطل المطري وهنا تتوجه الأنظار نحو البحث العلمي لإيجاد الحلول الممكنة، لأنها الأساس في أي حل إلى جانب الإرشاد والتوجيه الزراعي الذي يلزمه الكثير لأخذ دوره بالتعاون بين القطاع الخاص والقطاع العام التنسيق بين البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي للتعرف على المشاكل وإيجاد الحلول الممكنة لها من خلال البحث الذي تقوم به البحوث الوطنية مستعين بتجارب وخبرات الآخرين بما يوفر النفقات والوقت والجهود إضافة إلى مسؤولية الوزارة عن تأمين الغذاء اللازم والوصول إلى أمن غذائي سليم تستطيع فيه الدولة توفير العملة الأجنبية كون لبنان يستورد 80% من غذائه ولا يستطيع تأمين سوى 20% من هذا الغذاء، هذا فضلاً عن ضرورة مراقبة الغذاء المستورد والذي لا يخلو من المشاكل والغش.
الأمن الغذائي .

دوره الإقتصادي
تعتبر الزراعة في معظم دول العالم أهم المقومات الرئيسية التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني ككل، لذلك أوجب أن تحظى بالاهتمام الأكبر نظراً لدورها الكبير في عملية التنمية الاقتصادية الشاملة وتوفير الأمن الغذائي التي يعتبر جزءا لا يتجرأ من الأمن القومي للدول. إلى جانب زيادة الناتج الوطني وتشجيع التجارة وتشغيل اليد العاملة وتأمين فرص عمل للمقيمين في الريف.
وأي نظرة لتحسين أوضاع القطاع الزراعي تبدأ بوضع السياسات الزراعية التي تحدد الواقع العملي والفعلي للزراعة من أجل إيجاد الحلول الموضوعية لمعالجة المشاكل التي تعترضها وإيجاد السبل لتطويرها والنهوض بواقعها وتحقيق أهدافها وتأمين متطلبات كل مرحلة من مراحل تقدمها وإجراء التعديلات اللازمة لمواجهة المستجدات المختلفة دون أن يحدث ذلك آثاراً سلبية على الاقتصاد الوطني وعلى المستوى المعيشي للمواطنين وصولا إلى تحقيق الأمن الغذائي، خاصة في ضوء ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، لذلك فإن هذه السياسات يجب ان توضع وتنفذ على أرض الواقع بشكل تواكب فيه التغيير السريع في مناخ الاقتصاد العالمي من أجل تحقيق الكفاية في المحاصيل الزراعية وبخاصة الاستراتيجية منها والمتعلقة بحياة المواطنين وتنفيذ المشروعات التنموية ذات المردودية العالية وتنمية المجتمعات المحلية وتعزيز دور المرأة الريفية وتبني المشروعات المولدة للدخل وتوفير القروض اللازمة لتأمين مستلزمات الانتاج الزراعي ودراسة الواقع ووضع السياسات الملائمة الهادفة لتعزيز التنمية الزراعية الشاملة.
التكامل مع القطاعات الأخرى
ومما لا شك فيه أن المشاريع التنموية الزراعية تهدف إلى تطوير الواقع المعيشي للمواطنين بالدرجة الأولى وتوفير احتياجاتهم الغذائية بالتوازي مع مستوى الدخل الفردي لهم وتقريب الفارق بالأوضاع المعيشية بين الريف والمدينة وزيادة معدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية وتحقيق التكامل بين القطاع الزراعي والقطاعات الأخرى وتأمين متطلبات الصناعة المحلية وتوفير كميات من الفائض للتصدير، وتعتبر هذه الحلقات التي يكمل بعضها بعضا هي المؤشرات الحقيقية التي تدل على نجاح هذا البلد او ذاك في جعل العملية الزراعية في خدمة أغراض التنمية الشاملة وليست عائقا عليها.

حماية حقوق العاملين
لذلك فإن كل إجراءات تطوير الواقع الزراعي وإزالة العقبات التي تقف في وجه تطوير هذا القطاع الحيوي للوطن تهدف في النهاية إلى تحقيق الإصلاح والتطوير في المسيرة التنموية لأي بلد وبخاصة نحن في البلدان النامية، وتحقيق أهداف التطوير الاقتصادي والإصلاحات الاقتصادية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين استخدامات الموارد الطبيعية وتطوير آلية لتسويق وتحديث وسائل الانتاج وتشجيع الاستثمار في الحقل الزراعي وتطوير نظام التسليف الزراعي والتأمين على الانتاج وحماية وصون حقوق العاملين في القطاع الزراعي وشمولهم في نظام الضمان الاجتماعي، إلى جانب تأمين مستلزمات الانتاج الزراعي وإقرار القوانين التي تكفل سلامة الغذاء وتتيح للمزارع الاستفادة من تجارب وعلوم الأبحاث الزراعية، وتعميم خدمات ومراكز الإرشاد الزراعي، وملء الشواغر في الإدارات، والمضي في سياسة استصلاح الأراضي واعتماد وسائل الري الحديث وترشيد استعمالات المياه.

و كما أن القطاع الزراعي مرتبط بعوامل داخلية  و خارجية و لكن هناك هناك سياسات عامة يجب أن نتبعها خلال ممارستنا و تفعيلنا لهذا القطاع و منها :

  • زيادة القدرة التنافسية .
  • تسريع التحديث .
  • تحسين نوعية الغذاء .
  • حماية سلامة الغذاء .
  • تحقيق الأمن الغذائي .
  • إعادة هيكلة الوحدات المزرعية .
  • تحسين الدخل المزرعي وتحقيق استقراره .
  • تطوير التنمية الريفية .
  • دعم اللامركزية .
  • ضمان الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية .

أما على الصعيد الخارجي و التنسيق و التكامل فيما بين الدول و خصوصا المجاورة يجب على  دول المنطقة بالاستفادة من تجاربها وإنشاء الروابط ضمن المنطقة فيما بين المؤسسات العاملة في مجال تحليل السياسات وبذل أقصى الجهود لتطوير إمكاناتها الفنية والمؤسسية . كما أكدوا على ترحيبهم بإنشاء شبكة السياسات الزراعية لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا .

  • الحاجة لبذل الجهود لتطوير الإمكانات المؤسسية والفنية اللازمة لتحديد أولويات بدائل السياسات كجزء من الإطار الاستراتيجي للتنمية الزراعية المستدامة والأمن الغذائي على المستوى الوطني وعلى مستوى الأسرة .
  • يطلب من محللي السياسات في المنطقة  تحديث معارفهم وإمكاناتهم لتقديم تحليل السياسات حول الأمور المذكورة أعلاه بشكل مناسب وفي الوقت المطلوب . وفي مثل ذلك التحليل يجب أن تدرس المقاييس الحديثة والمعرفة المعاصرة بشكل دقيق ضمن إطار التغيرات الاقتصادية-الاجتماعية والسياسية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي . ويجب أن يتم تنفيذ هذا الأمر من خلال خلق شبكات العمل والتعلم عن بعد وتطوير المهارات من خلال التدريب على الوظيفة .
  • يمكن أخذ مخاوف الجهات المعنية بعين الاعتبار من خلال تبني المنهج التشاركي على مدى حلقة صياغة وتحليل ومتابعة السياسات.
  • هناك حاجة لضمان التواصل المناسب والكافي بين صانعي السياسات والباحثين ومحللي السياسات . ويجب أن تتم دراسة وسائل التواصل بشكل دقيق.
  • يطلب من منظمة الأغذية الزراعة وشركاء التنمية الآخرين متابعة العمل الوثيق مع دول المنطقة في تحديد الاحتياجات وتطوير الإمكانات المؤسسية والفنية للدول والجهات المعنية الأخرى في مجال تحليل السياسات الزراعية . ويكتسب هذا الأمر أهميته الخاصة في المجالات التالية:
  • استخدام وإدارة الموارد الطبيعية.
  • قضايا الاستدامة والبيئة.
  • التحرير التجاري والميزات النسبية وتنافسية القطاع الزراعي.
  • الاستثمار الزراعي.
  • تغير دور الدولة وتطوير منظمات سكان الريف وتحسين الإطار التنظيمي لتحليل السياسات والأسواق ومؤسسات التسويق وتعزيز توجه الخدمات المالية الريفية باتجاه الفقراء.
  • انعكاسات منظمة التجارة العالمية والمفاوضات التي تشمل اتفاقية الزراعة واتفاقية تطبيق المقاييس الصحية والصحة النباتية واتفاقية القيود الفنية على التجارة واتفاقية النواحي المتعلقة بالتجارة لحقوق الملكية الفكرية والتطورات الأخيرة لمؤتمر كانكون وانعكاساتها على التنمية الزراعية .
  • تطوير التجارة الزراعية البينية ضمن المنطقة وتسهيل التبادل التجاري .
  • الزراعة العضوية.
  • برامج شبكة الأمان الزراعية.

أخيرا، إن لبنان يوجد فيه ثروة زراعية كبيرة و لكن علينا أن نحافظ عليها و أن نتدارك كافة الصعاب التي تواجهنا و خصوصا على صعيدي تصريف الإنتاج و مكافحة أزمة شح المياه.

القطاع الزراعي مهم جدا و له أدوارا عدة إجتماعية، إقتصادية و صحية .

أتمنى من جميع المعنيين أن يهتموا أكثر و أكثر بهذا القطاع لأنه فعلا مهمل و هذا الإهمال يولد عقائب كثيرة .

نشابة خلال حفل إنجاز لبنان السنوي

أجرت منظمة إنجاز لبنان حفل عشاءها السنوي في فندق روتانا حازمية، و كانت بحضور ممثلي المؤسسات المانحة و كبار رجال الأعمال و مدراء المدارس و متطويعيها و كان حفلا مميزا و وزعت خلاله جوائز تقدير لمتطويعيها و مدراء المدارس التي تعاونوا معها خلال العام الماضي.

و ألقى شادي نشابة خلالها كلمة  هي كالآتي :

أيها الحضور الكريم، السادة المدراء ،زملائي زميلاتي ، رفيقاتي و رفاقي ،رفاق الدرب،  وحضرة المتطوعون الكرام:

عندما وصفتكم بالزملاء و برفاق الدرب لم يكن  هذا مجرد كلام، بل أعني تماماً  ما أقول، و أنتم تعلمون ذلك لأنكم كنتم إلى جانبي و أمضيتم وقتا معي أكثر مما أمضيت مع عائلتي، ولولاكم.. لولا كل المتطوعين، لما كانت النجاحات، والانجازات. فتحية، لا بل ألف تحية لكم ولكل من يعمل من أجل وطنه ولا ينتظر حمداً أو شكر!

السادة المدراء

أنا أعلم  كم أنتم تعملون جاهدين لتحقيق الأفضل لطلابكم ، رغم الصعاب التي واجهتنا سوياً و ذلك بسبب ضغط برنامجكم ، و لكن إصراركم  على تنمية قدرات  شاباتنا و شباننا ، كان عوننا الاساسي في انجاز ما انجزناه معاًُ،و بفضل تعاونكم اللامحدود.

و هذه الشراكة بيننا مستمرة ،و إنشاءالله سوف نتخطى الصعاب معاً، و سوف نعالج  أي خلل أو تعثر  لكي نصل إلى هدفنا الأسمى المشترك  و هو تنمية قدرات الطالب المستدامة.

أخيرا أيها المدراء الكرام و أخواني المتطوعين، عام بعد عام نحقق أهدافا أكبر،وانجازات أكبر، وطموحاتنا وآفاقنا تتوسع أكثر فأكثر، و إنشاء الله بفعل تكاملنا و تعاوننا  سوف نتمكن من تحقيق ما نصبوا إليه مستقبليا. آخذين بعين الاعتبار أن الشمال محروم و يجب أن ننذر أنفسنا لأجله و لأجل شبابه،ولأجل الوطن بشكل عام.

تفعيل روح المواطنية هي الحل في لبنان

لا يزال مفهوم المواطنية في الدول العربية مفهوما “هلاميًا” تحيط به الضبابية الكثيفة ، فالمفاهيم تتكون و تتبلور عبر تراكم التجارب الإنسانية، و هي تخضع لقانون تطور المجتمعات و الثقافات، و هي ترتبط بشكل مباشر و عضوي بمنظومة القيم و الأعراف السائدة فيها ، علاوةعلى بنية النظام السياسي الخاص بكل دولة و مجتمع .

فرغم أنّ مفهوم المواطنية يخضع لتفسيراتٍ عدّة، ويحتمل كاصطلاحٍ غير تعريف، فهذا المنهاج التدريبي سيقدّم تعريفاً عملياً لمفوم المواطنية، وكذلك بضعة أمثلة عن سبل تفعيلها ضمن النظام الديمقراطي.

تشير المواطنية إلى عضوية الفرد في مجموعةٍ أو مجتمع، على نحوٍ يؤهّله إلى التمتع ببعض الحقوق وإلى تحمّل بعض المسؤوليات. فالمواطنية، والحال هذه، تدلّ في آنٍ واحد على وضعية ومسيرة ارتباط هذا الفرد بالعالم الاجتماعي. أما المواطنية كمفهومٍ، فتعود جذورها إلى فكرة “المواطن العالمي” أو، بكلّ بساطة، إلى فكرة الفرد الذي يشارك في مؤسسات صنع القرار في الحياة العامة.

ويقوم مفهوم المواطنية على ثلاثة عناصر أساسية. يتناول أولى هذه العناصر المواطنية كوضعٍ شرعي، تحدده الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية. فالمواطن، في هذا السياق، يرمز إلى شخص قانوني، يحق له أن يتصرف بحرية وفقاً لأحكام القانون، وأن يطالب بحماية القانون ضمن الجماعة؛ بينما يتناول العنصر الثاني المواطن كفاعل سياسي، يشارك في المؤسسات السياسية العاملة ضمن المجتمع، ويؤثّر، أو قل يحاول التأثير، على قيم المجتمع المحلي. أما العنصر الثالث، فيشير إلى المواطنية على أنها حسّ الانتماء إلى جماعةٍ سياسية، تحمل هوية تميزها عن سائر الجماعات. إلا أن هذه العناصر التي تعكس جوانب نفسية واجتماعية معاً، تبقى دوماً موضعَ تفاوض ما بين أبناء المجتمع المحلي على مرّ الزمن.

زِد على أنّ عناصر المواطنية الثلاثة هذه تتفاعل مع بعضها البعض. فعلى سبيل المثال، تحدد الحقوقُ التي يتمتع بها المواطن، نوعاً ما، مختلفَ النشاطات السياسية المتوافرة التي يمكنه أن يشارك فيها. ونسجاً على المنوال نفسه، يمكن للهوية المدنية القوية أن تشكل، بحدّ ذاتها، حافزاً يحثّ المواطنين على المشاركة بشكل ناشط في الحياة السياسية ضمن مجتمعهم.

و هناك أسباب عديدة تزعزع فكرة المواطنية و هي :

المواطنية والطائفية:
إن معالجة مفهوم المواطنية في مجتمع طائفي، تُعد من أعقد الأمور لا سيما في الدول التي تشهد تنوعًا عرقيًّا ودينيًّا ومذهبيًّا كلبنان..، فالتصوّر السائد عن الطائفية فيها يُعد مكمن الفساد، لأنه يُكرس مفهوم أن الطائفية داخل الدولة هي انعكاس للطائفية داخل المجتمع، وعلى الأفراد القبول بالتعايش داخل الدولة مع ممارسات طائفية عديدة، الأمر الذي أدَّى مع مرور الوقت إلى شرعنة قيام الدولة الطائفية نفسها، بوصفها حتميّة اجتماعية أو تعبيرًا عن خصوصية محلّية لا يمكن التجاوز عنها، من دون ارتكاب مخاطر السير في اتجاه اقتسام غير عادل للسلطة والثروة المرتبطة بها.
هذه المعطيات أفرزت حكومات تخلَّت عن مسؤولياتها في بناء دولة حديثة حقيقية قوامها مفهوم الحق والقانون، وأصبح دورها محصورًا في تقاسم السلطة بين نخب الطوائف وأرباب الكراسي والعشائر القائمة، كما أدّى إلى رفع الممارسات الطائفية عن طاولة النقد واصبحت “الطائفية ” ذلك “اللاهوت المحرم” الذي ينبغي ألا نقترب منه، وهذا التصور وَحَّد تمامًا بين منطق عمل الدولة ومنطق عمل المجتمع الأهلي، ملغيا بذلك أي إمكانية لبناء دولة سياسية ديموقراطية.

لذلك يجد المحلل نفسه أمام إشكالية معقدة ومركبة ومتشعبة في آن، فمعالجة موضوع المواطنية يرتبط قبل كل شيئ بمسألة الهوية عند الكائن الانساني نفسه والخلفية الثقافية والحضارية، كما يرتبط بالديمقراطية والحريات من جهة أخرى.
وكثيرا ما يدور التساؤل حول التناقض بين ثقافة المواطنية و وجود طوائف ومذاهب، وفي واقع الأمر لا يوجد اي تناقض بين المواطنية والطوائف شرط توسيع المجال العام والقضايا المشتركة و توحيد الهمّ والأهداف الوطنية وتحييد الخصوصيات وعدم تسليط الضوءالسلبي على الاختلافات الثقافية، لأن تعدد الثقافات يثري التجربة الإنسانية، فالمواطنية طرح يحتوي الطوائف والتيارات الفكرية جميعها و يتجاوزها في آن من خلال توسيع مجال المشترك العام بين ابناء الوطن الواحد.

لذلك فإن عملية تكوين المواطنية الحقيقية في مجتمع متعدد، تبدأ من إيجاد صيغة ثقافية وتربوية قائمة على أسس فلسفية إنسانية تؤدي الى صهر الطوائف في بوتقة الوطن الواحد دون تلغي دور الأديان في حياة الأفراد، او ان تمس بالحريات الفردية للأشخاص.

فالطائفية السياسية هي ليست مجرد شعور عدائي لأفراد من طائفة نحو طائفة أخرى، بل هي أيضًا استراتيجية موازية تستخدمها بعض فئات النخبة السياسية في التنافس على السلطة أو سياسة منهجية تتبعها سلطة معينة في سبيل تأمين قاعدة اجتماعية شعبية او إثنية أو مذهبية تعزز مواقعها الاستراتيجية وهو ما تعمد إليه “الأحزاب الطائفية المؤدلجة في لبنان “لتكريس الطائفية كحتمية اجتماعية وتاريخية لا ترد.

ويزعم”ملوك الطوائف” اليوم أنهم يريديون تطبيق اتفاق الطائف، بالرغم من ان اتفاق الطائف ليس “مقدسًّا ” وبالرغم من أنه كرّس التمثيل الطائفي في الفئات الأولى، فاتفاق الطائف يطالب ب” إلغاء الطائفية “وفق صيغة نُقلت إلى الدستور اللبناني بعد تعديله بناءً على مضمون وثيقة الوفاق الوطني.
وذلك عبر المادة 95 من الدستور التي ورد فيها:” إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء الفئة الأولى من الموظفين وما يعادل الفئة الأولى، وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيّد بمبدأ الاختصاص والكفاءة“.
و في المادّة نفسها ورد ايضًا: “على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية. مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية“.

هذه الهيئة لم تشكَّل حتّى الآن، و هذه النصوص لم توضع موضع التطبيق بعد اكثر من سبعة عشر عامًا على إعلان اتفاق الطائف، وفي هذا مخالفة للدستورمع العلم أنه كان من الواجب تشكيلها من اوائل التسعينيات وكان بالامكان تجاوز الحالة الطائفية واعتبار هذه الهيئة مرجعية و منبراً للحوار المنتظم في كل شأن وطني، وتسخير السياسات التربوية والانمائية لها.

الديموقراطية والمواطنية الحرة في ظل المتغيرات العصرية:
ساهمت القفزة النوعيّة في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصال السريع، الى زعزعة ممالك الأنظمة الشمولية التوتاليتارية المنتشرة في العالم لا سيما العربي منه، وفتحت الأفاق أمام الشعوب في الاطلاع على المعلومات كافّة بما فيها السياسية بطبيعة الحال، فلم تعد الأنظمة الرسمية هي مصدر المعلومات الوحيد، بل على العكس فإن وكالات الانباء الرسمية في هذه الانظمة لم تعد تلقى أي متابعة شعبية على الاطلاق.


فأركان المواطنية ومكوناتها هي:


يمكن ان نستخلص العلاقات المكونة للمواطنية ونحصرها بنقاط أهمها:


العلاقة المكانية: المرتبطة بالأبعاد الجغرافية والتاريخية للوطن.
العلاقة الإنسانية المجتمعية: المتعلقة بالأفراد الذين يعيشون في هذه البقعة الجغرافية.
العلاقة بالسلطة التي ترعى الشؤون العامة في هذا المكان ومع هؤلاء الرعايا الذين ينتمون ويعيشون فيه.
وبالرغم من أهمية العلاقات تلك الا ان المكون الأساسي للمواطنية يبقى مكونًّا فكريًّا قبل كل شيئ يرتكز في الخلفية الذهنية المنغرزة في اللاوعي المجتمعي.


ولعل أهم أركان المواطنية تتحدد بالتالي:


المواطن هو مصدر السلطة وهو الذي يمنحها الشرعية لذلك فهي مرتبطة بالديموقراطية الفعلية قبل كل شيئ.
أن المواطن هو المستند الشرعي للحكومة والقوانين التي تصدر عنها.
يتمتع جميع المواطنين بنفس الحقوق كما يتساوون تمامًا بالواجبات، ودون تمييز سواء كان تمييز عشائري ام طبقي ام مذهبي ام ديني، وذلك وفق المعايير التي حددها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و وفق معايير المواثيق الدولية.

أمام العناصر والمعطيات الآنفة الذكر نجد ان هناك خللا فادحًا ، في بنية الأنظمة القائمة فالمواطن الحالي “غير تامّ”، سواء على المستوى النظري او في مجال التطبيق والممارسة العملية والعلاقات.
فالسلطة في مجتمعاتنا الطائفية العنصرية منبع قيم سلبي، والمواطن حاليًّا لا مكان له في السلطة التشريعية على الاطلاق لان هذا الامر موكل لأفراد يعملون على تملق الزعيم ووضع القوانين التي تلاءمه وتشرع وجوده وتمنحه الإستمرارية، فالدساتير والقوانين مفصّلة على مقاس المسؤول”…لذلك فإن الاصلاحات الدستورية ووضع قانون إنتخابات عادل يؤدي الى ديموقراطية حقيقية تضمن التنوع الثقافي وأطياف الشعب كافة تعد من أولى الأولويات.

اما على صعيد العلاقة الحالية بين المواطن بالسلطة فهي علاقة مأزومة تاريخيا، ومفهوم المعارضة مرتبط في الاذهان بالطامعين، وهو مفهوم خاطئ، علما ان المعارضة في الدول العصرية لا علاقة لها بالطمع على السلطة، فالمعارضة في الدول الحديثة هي جزء من مكونات المنظومة الديموقراطية والعمل المؤسساتي الذي يضمن الحق القانوني للمواطن بالمسائلة والمحاسبة على المشاريع التي تتبناها الحكومة، ومعالجة قضايا الرشوة والهدر والفساد.. فالمعارضة لا تعني الطمع بالسلطة لان مفهوم الدولة مرتبط بالتداول أصلا ولا وجود لسلطة ابدية.

بعض الاجراءات العملية:

بناء الثقة وعدم التخوين بين أفراد الشعب الواحد:
هذا يتطلب قبل كل شيئ بناء ذاكرة جماعية وطنية تنبذ العنف والعنصرية وتحذر من مخاطر الانقسام وفوائد التضامن، و التحذير من خطورة تكرار التجارب العبثية والحروب الأهلية بحيث يتولد عند الأجيال ” توبة ” تجاه الصراعات الدموية. من خلال ترسيخ المبادئ العامة للحريّات وحقوق الانسان وحمايتها وان يضمن ذلك الدستور كما اقرته المواثيق الدولية وشرعة الأمم المتحدة.
وان يُصاحب كل ذلك توسيع الأمل وترسيخ ايمان عميق بضرورة التغيير والاصلاح والقدرة والارادة الكامنة بأن الوضع ليس ميؤس منه.
ويساهم في ذلك إعادة قراءة جادة للسياق التاريخي الحضاري للمجتمع والوطن من خلال امتدداته الثقافية ومن منطلقات انسانية تدافع عن الانسان وحقوقه وحريته ويُعد لبنان مثالا رائعا وغنيًّا لتاريخ الحريات.

ثقافة المواطنية والديموقراطية:
إن الديمقرطية السليمة هي أكثر من أبنية ومؤسسات، إنها تعتمد بالدرجة الأولى على الخلفية الفكرية والثقافية المنبنية على تطوير ثقافة ديمقراطية ومواطنية، وفي هذا السياق فإن الثقافة المقصودة بالمعنى العام فهي ليست مجموع الاداب والموسيقى والفن… وإن كانت هي امور تعد من الثقافة، بل تعني كافة التركيبات الثقافية والمرتكزات المؤسسة للسلوك والتصرف والممارسات والأعراف التي تتبلور من خلالها قدرة الأفراد الناس على أخذ قراراتهم و حكم أنفسهم بأنفسهم وتحمل تبعات ذلك، فالثقافة بهذا المعنى تعني الوعي المجتمعي والخلفية الذهنية والفكرية المحركة للسلوك عند الأفراد والمجتمعات..

لذلك نجد ان الانظمة التي تكرس سياسة العقل الواحد انما تشجع الثقافة قائمة على الإذعان والخنوع والطاعة العمياء لما يسمى ب”الزعيم ” او “ولي الأمر”..، وذلك بهدف تنشئة أفراد تسهل قيادتهم ويكونوا طيعين فنجد ان القمع مرتكز أساسي في التربية والقيم داخل تلك المجتمع مستخدمين لأجل تكريسه كل المفاهيم المؤدلجة بما فيها النصوص اللاهوتية.
فالأطفال يتربون على القمع بحجة التأديب والمرأة تُقمع بحجة الدين وطاعة ولي الأمر، والرجل يُقمع من قبل مسؤوليه وهكذا في سلسلة لا متناهية من تكريس ثقافة العصا وان كانت هذه العصا معنوية..

وعلى نقيض ذلك فإن ثقافة المواطنية في مجتمع ديمقراطي تشكل بالفعل النشاطات التي تنمي عملية صنع القرار عند الأفراد من جهة وتحترم خياراتهم من جهة اخرى. فالمواطنون في مجتمع حر يعملون لتحقيق أهدافهم ويمارسون حقوقهم ويتحملون مسؤولية حياتهم و خياراتهم إنهم يقررون بأنفسهم من ينتخبون في صناديق الاقتراع وهم يعون ابعاد البرامج التي يطرحها المرشح الذي ينتخبونه ومن ثم فهم يحاسبوه على ما انجز من التزامات تجاه من منحوه أصواتهم.
لذلك فإن الديموقراطية والمواطنية متلازمة بشكل مباشر مع قانون محاسبة المسؤول على كافَّة الصُعد، وهي متلازمة مع مبدأ تكافؤ الفرص، لذلك فإنها تتلازم مع تمثيل شعبي حقيقيّ، وما تنتجه الانتخابات الحالية نظامًا شبه أوتوقراطيّ، تكون قرارات السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية فيه رهن باتفاق أصحاب المحادل الانتخابية.

فالمواطنية هي من صميم الإرادة الحرة والحرية الفردية وهي بشكلها البراغماتي اتقان مهارة صنع القرار؛ وهو أمر تربوي ثقافي يبدأ منذ الصغر في المناخات البيتية والمدرسية ويمتد الى سائر مؤسسات المجتمع التي تعتبر ان الاختلاف حق مشروع للكائن وان خيارات انسان بحق نفسه ليست خيارات ملزمة بحق الآخرين، وفي هذه المجتمعات يكون “الدين ” هو مجرد علاقة روحية حميمية بين الانسان وربه لا يتدخل فيها أحد، و من حق كل كائن أن يعبر- أو لا يُعبر – بها على طريقته وبالشكل الذي يختاره ويريحه…ويصبح دور المرجعيات الدينية دور تنويري يحترم الاختلاف ويعزز الحريات الدينية…في أجواء تسود فيها الديموقراطية الروحية أو حريّة الروح كما أحب ان اسميها.
الديمقراطية والعملية التربوية:
إن العملية التربوية هي عنصر حيوي لأي مجتمع خصوصًا المجتمع الديمقراطي، فإن هدف التربية في في نظام الديموقراطي الحر،هو إيجاد مواطنين مستقلين يتميزون بنزعة المساءلة والتحليل في نظرتهم للأمور، و يتحلون بفهم عميق لمبادئ وممارسات الديمقراطية وذلك بخلاف الانظمة التي تسعى الى تمجيد قائد تذعن له الافراد في كل الاوقات.

إذن فالعملية التربوية من الاهمية بمكان، ان لم تكون المحور الأساس التي من خلاله يتم ترجمة فلسفة المواطنية الى مناهج تعليمية تنمي مهارات التحليل النقدي وتساهم في ارساء الممارسات الديموقراطية وتساهم في صهر ابناء الوطن الواحد، فالمؤسسة المدرسية هي التي تجعل أنواع المعرفة وطبيعة القيم والمبادئ التي يتوقع أن يحملها الناشئ قابلة للترجمة والتحقيق على ارض الواقع، وذلك وفق اعتماد مناهج تربوية وطنية تراعي كافة الشروط المتعلقة بمستويات نمو الناشئة وطبيعة الحياة المدرسية والوسائل التعليمية المتاحة وغير ذلك
فالعلاقات التربوية القائمة يجب ان تنبني على الحرية وتلقائية مرسّخة بالحوار الهادف الحر والمسؤول، واعمال العقل والفكر فيما يتعلمه التلاميذ ضمانًا لتحقيق الوئام وتبادل التقدير داخل المجتمع الصغير. لأن ذلك من شأنه أن يعزز في نفوس التلاميذ الإيمان بحق الاختلاف والتنوع كما يرسخ مبادئ الحوار وجدواه وقيمة التواصل الحضاري مع الآخر ويساهم في التبادل المعرفي المجرد من كل تعصب وأنانيةأو انغلاق او ادعاء مبرم بامتلاك الحقيقة
فالتربية على المواطنة تبدأ من هذه النقطة وتتأسس عليها. ولا يمكن للعلاقات التربوية المدرسية التلقينية المنغلقة على نفسها واللامبالاة بالآخر وبحقوقه وبثقافته أن تدّعي القدرة على التنشئة الحضارية والسياسية التي نسعى تحقيقها.
إن إثارة الأمل والطموح لدى التلاميذ المواطنين الصغار يؤثر في تعزيز صورة الذات الوطنية لديهم، كما يؤثر في مستوى طموحاتهم المستقبلية وذلك من خلال تنشئة تعتمد بث روح المسؤولية وإحاطة الفرد بالمثل العليا والنماذج الوطنية المشرفة.
كما ان تعزيز الاحترام لاختيارات التلاميذ وأذواقهم، وقبول الاختلافات يساهم في خلق أجواء التسامح في فصولنا الدراسية، فالتربية على التسامح لا تعني قبول ان يكون الفرد مختلف  بل أن يقبل تفرد غيره واختلاف الآخرين معه، بحيث يكون منفتحًا عليهم ومدافعًا عن حقهم في الاختلاف.

محاربة التعصب:
التعصب هو ترجمة لاتجاه شعوري نفسي جامد تصاحبه مواقف انفعالية، ويتبلور من خلال إطلاق الأحكام المسبقة على الآخرين، والادعاء المبرم بامتلاك الحقائق المطلقة؛ والتعصب نقيض الديمقراطية وآفة المواطنية لأنه شعور مرَضي يفتك بالمجتمع ويدمر فيه روابط الألفة والمحبة والتعايش.
فالوضع السياسي والثقافي القائم حاليًّا،يساهم في اشاعة مناخات نفسية مشحونة بالبغضاء تجاه عدو” او اعداء قد يكونوا حقيقين او مُتخَيلين، وترويج أحكام مسبقة ضد أشخاص أو أفكار دون أن تقوم تلك الأحكام على حجة معقولة أو سند منطقي مقبول.
وكثيرًا ما يتعلم الأطفال التعصب من ذويهم والمجتمع المحيط فيهم، فالفضائيات التي تنقل خطابات الساسة المتشنجة وحين لا نبدي احترامًا للأفراد ولاختيارات الآخرين، ينتقل هذا الأمر الى الاطفال فيشوّه براءتهم.
ترسيخ فلسفة الصفح والتسامح :
إن الصفح ليس فكرة طوباوية، بقدر ماهو قوة روحية كامنة في شيفرة تراكم سيرورة الروح الانسانية في رحلة حياتها، ويكمن دور الكائن الانساني في تحويل تلك القوة الكامنة فيه أصلا من وجود كامن الى وجود بالفعل، وترجمة قدرات الروح الصفحية والتسامحية الى سلوك ظاهر يتجلى من خلال انفتاح حتى على من يُصنف انه “عدّو”، وليس مصادفة أن تصل الثقافات العالمية الكبرى في مجرى تطورها إلى الانفتاح الداخلي والخارجي، لأنها تدرك بفعل منطق التطور الروحي إلى ضرورة تجاوز الحدود التي تفرضها نفسية الغريزة، أو ما كانت بعض الفلسفات القديمة تطلق عليه اسم القوة الغضبية.
إن هذه الحالة لا تبلغها إلا الحضارات المزدهرة دون شك، لأنها تكون قد ارتقت في ذروة إدراكها الروحي حيث يصبح الصفح جزء من حقيقة منظومة تكامل الانسان.
بطبيعة الحال لا يمكن الارتقاء الى هذا المستوى من التسامح بين ليلة وضحاها ما لم يتم تعزيز ذلك بالتربية ومؤسسات المجتمع المدني كافّة.
وترسيخ هذه الفلسفة يكون عبر تقوية النزعة الروحية لحقيقة تساوي الكائنات امام المكون وامام الكون وذلك عبر ترسيخ الآداب الرفيعة والفنون الراقية ولا يمكن ان نغفل دور الفن والتمثيل والمسرح…في تعزيز ثقافة التسامح والرقي بالكائن من طور الغريزة والانانية والجشع إلى مصافي الابداع الروحي والعطاء الوجداني

الأسس الثقافية والفكرية لبناء المواطنية في مجتمع متعدد:
بناء الهوية الوطنية: فالمواطنية هي في الواقع سؤال الهوية، والهوية هي في الحقيقية سؤال الثقافة والحضارة، لذلك لابد من الارتكاز على فلسفة إنسانية وجودية منفتحة قوامها المحبة والسلام والعدل والانفتاح وقبول التنوع واحترام الاخر، وعندها يكون الدين هو مجرد علاقة خاصة بين الانسان وربه أما علاقة المواطن بأخيه فيحددها الانتماء الوطني.

الانفتاح والتسامح هي الخصائص الأساسية للموقف الوطني الجامع، وذلك ينبي من خلال حريّة الفكر ويشتمل على الاعتراف بحق الآخر في تبني أفكار وحقائق قد تكون مخالفة لحقائقنا وأفكارنا. فالرؤية الوطنية للطوائف هي رؤية متسامحة بحيث إنها تتخطى مجال الخلافات وتجعلها تتحاور وتتصالح، ليس فيما بين المذاهب والاديان وحسب بل حتى مع سائر التيارات العلمانية والفكرية.

ترتكز ثقافة المواطنية على مرتكز اساسي مفاده أنه لا يوجد فضاء ثقافي منزه يمكن من خلاله إطلاق الحكم على الآخرين ولا يجوز الحكم على ثقافة ما او فئة ما، لذلك فإن ثقافة المواطنية تقف موقف منفتح إزاء الأديان جميعها و تحترمها.

إن الأخلاق التي تؤسس لمواطنية حقة هي التي تستنكر كل موقف رافض للحوار وللمناقشة، سواء أكان رفض الحوار ذو منشأ سياسي أم حزبي ام عقائدي أم فلسفي…. فالحياة المشتركة تنبني عن توسيع القضايا المشتركة العامة والفهم المشترك المنبني على الاحترام المطلق لكافة التنوعات الاثنية والدينية للجماعات والافراد والتي تجمع فيما بينها الحياة المشتركة على الأرض الواحدة نفسها

المواطنية محورها الإنسان لذلك فهي تقتضي صياغة سياسة اقتصادية تكون في خدمة الكائن الانساني لا العكس، فالاقتصاد ينبغي ان يكون لحماية البشر من خلال تبني فلسفة اقتصادية تحترم الفرد ومتطلبات الشعب.

المواطنية الحقة تقتضي الاعتراف بحق المواطن في اختيار دينه او تغييره  ومن واجب الدولة تأمين نظام مدني للمعاملات لأولئك الذين لا يرغبون باللجوء الى المرجعيات الطائفية في معاملاتهم الخاصة.

إن فلسفة المواطنية تفترض ذهنية منفتحة بعيدة عن التصورات النمطية والاحكام المسبقة عبر اعتماد رؤية ترتكز على نسبية الموضوعية والحقائق فلا يوجد شيئ مطلق من شأنه أن يستبعد الآخر ويقصيه.

فلسفة المواطنية تقوم على الإعتراف بوجود مستويات متعددة للحقائق وأبعاد متعددة القيم وللواقع ايضا، وان كل مستوى قد يحكمه أشكال متنوعة من المنطق، و بناء عليه كل محاولة لاختزال الواقع إلى مستوى واحد ومصادرة الحقائق ببعد واحد من شأنه ان يقوض مفهوم المواطنية نفسه.

كل محاولة لاختزال المواطن الإنسان بدينه او انتمائه او مذهبه وتحويله إلى مجرد رقم انتخابي طائفي وإلى تقليصه في بنى شكلانية، أياً كانت، تتناقض مع مفهوم المواطنية.

الطروحات العملية للاسس النظرية:
بناء الوسائل العمليّة لدعم المشاعر الوطنية المشتركة بين جميع الطوائف والأعراق والمذاهب والتيارات والأحزاب، تكون بمثابة الحصن الثقافي الحامي لمبدأ المواطنية ووعاء قابل لاستيعاب التبعات القانونية والسياسية للمواطنة.

دعم التنوع الثقافي وحرية الرأي والتعبير، فالوحدة الوطنية تكون بدعم التعددية  بوصفها إثراء للتجربة الانسانية.

هذا الأمر يحتاج لآليات تترجم عمليا من خلال إعداد قادة ونخب فكرية ومراكز بحوث ودراسات تساعد في ارساء المفهوم الكوني المنفتح للانسان.

دعم الخطاب الاعلامي المنفتح وتشجيع الكتّاب والمفكرين والأدباء الذين يتبنون افكار تساهم في ارساء فلسفة التسامح والانفتاح.

إنشاء مراكز ثقافية وطنية تهتم بالأطفال والشباب وبناء مكتبات عامة تعني بالمواطنة وتنظيم ندوات وفعاليات تعزز الانتماء الوطني.

المساهمة في توجيه طلاب الدراسات العليا لاختيار أبحاث علمية ودراسات ميدانية تعزز الانتماء الوطني وتساهم في تقديم افكار مبتكرة وآليات لتعزيز مبادئ الديموقراطية والحرية ونبذ العنف.

محاولة تحييد وعزل الخطابات الانعزالية التي من شأنها تكريس العنصرية والطائفية والدعوات المغرضة التي تقضي على وحدة النسيج الوطني وترفض قبول الآخر وذلك من خلال تهميشها إعلاميا ومحاولة محاصرتها وتسليط الضوء على أضرارها.

إعداد خطة تربوية لتنقية الكتب الدراسية من كل ما من شأنه إثارة النزعات الطائفية والمذهبية دون ان يمس بحرية التعليم، أو يحط من شأن طائفة معينة و يطعن فى معتقداتها، مع ضرورة تسليط على تاريخ الليبراليات والحريات والديموقراطية في محاولة لبناء تربية مستدامة قوامها المشاركة العامة والتعاون وبناء الوطن.

التنسيق مع المراجع الدينية والطائفية كافة لبناء خطاب وطني خالي من شحنات التحريض والكراهية ضد الآخر، و استبعاد كل ما يدعو فيه إلى التعصب، وضرورة إحداث تجديد في مستوى الخطاب الديني ، وليس المقصود هنا الخطاب المعلن في المنابر والكنائس وحسب بل الخطاب المؤسِّس للممارسات الدينية، فتجديد الخطاب الديني يعني إعادة قراءة النصوص اللاهوتية المؤسسة للأفعال وتقديم رؤية منفتحة تتلاءم مع العصر الراهن.

جعل مادة حقوق الإنسان فى الكليات الدينية المسيحية والإسلامية والحوزات العلمية مادة الزامية، وتوضيح العلاقة بين مبادئ حقوق الإنسان والعقائد الدينية.

استغلال المناسبات الوطنية العامة والاعياد لتعزيز الوحدة الوطنية:مثل عيدالاستقلال وعيد العلم وعيد الجيش…كما يمكن استحداث مناسبات لها علاقة بالبيئة والاخوة والوحدة والمحبة.

دعم جمعيات المجتمع المدني التي هدفها التنوير، وتوفير الفرصة في الإعلام للمتنورين ودعاة التنوير والانفتاح.

في الختام نود الاشارة الى أن كل الطروحات المذكورة هي طروحات انتقالية بهدف الوصول الى مرتكزات دولة علمانية كاملة و قوامها الديموقراطية وحرية الكائن الانساني و احترام حرمته وحقوقه بغض النظر عن الاعتبارات الاخرى

أما الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المواطن فهي كالآتي:

الحقوق المدنية؛ والسياسية؛ وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:

الحقوق المدنية:

– الحق في الحرية والتعبير عن الرأي قولاً وكتابة

– الحق في الحرية طالما أنّ ممارستها لا تخالف القوانين ولا تتعارض مع حرية الآخرين

– الحق في حرية التنقل واختيار مكان الاقامة داخل حدود الدولة ومغادرتها والرجوع اليها

– الحق في الملكية الخاصة

– الحق في العدالة والمساواة أمام القانون والحق في الحماية القانونية

– الحق في الحياة وعدم إخضاع المرء للتعذيب ولا للمعاملة السيئة أو العقوبة القاسية واللاانسانية

– الحق في التجمّع السلمي

– الحق في الهوية والانتماء واكتساب الجنسية

– الحق في المحاكمات العادلة والأمان وعدم الاعتقال أو التوقيف التعسفي

الحقوق السياسية:

– الحق في الترشح والانتخاب دون ضغط أو اكراه

– الحق في المشاركة في تكوين السلطة التشريعية والسلطات المحلية تشريعاً وتصويتاً

– الحق في الاشتراك مع آخرين في جمعيات سلمية

– الحق في الانتساب إلى الأحزاب وتنظيم تحركات وتجمّعات ومحاولة التأثير على القرار السياسي

وأشكال اتخاذه

– الحق في التجمّع السلمي

– الحق في تقلّد الوظائف العامة في الدولة

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:

– الحق في الأمان الاجتماعي والاقتصادي والثقافي

– الحق في مستوى معيشي لائق

– الحق في الضمان الاجتماعي

– الحق في العمل وفي ظروف منصفة

– الحق في الحماية من البطالة

– الحق في الأجر العادل

– الحق في الصحة والراحة والرفاهية

– الحق في التعليم

– الحق في الخدمات الاجتماعية الضرورية

– الحق في تشكيل النقابات والمشاركة الحرة فيها والحق في الإضراب

– الحق في المشاركة في الحياة الثقافية

– الحق في الغذاء الكافي

– الحق في بيئة نظيفة وغير ملوّثة

– الحق في التنمية المتوازنة

و لكن كما لدينا حقوق فعلينا واجبات تجاه الدولة و هي :

–         التعاطي مع الموظفين بإحترام و تهذيب على أساس أنهم يؤدون خدمة عامة تتطلب درجة عالية من المسؤولية و هي ذات مردود وطني شامل.

–         عدم اللجوء إلى إستغلال النفوذ أو الجوء إلى وسائل و أساليب ضغط على الموظفين لتجاوز القوانين و الأنظمة، أو الرشوة  أو دفع مبلغ غير متوجب عليه على سبيل الرشوة، أو أن يدلي بتصاريح ملغوطة، أو يقدم مزورة أو أن يشجع موظفا من خلال  بدل أو هدية ، أو وعد أو منفعة، للقيام بما هو مناف للوظيفة العامة.

–         فضح أي مخالفة أو عملية إحتيال أو فساد حتى لا يكون متواطئا في أداء الإدارة العامة و هدر المال العام.

–         دفع كل الضرائب و الرسوم حسب القوانين و الأنظمة، و تقديم الوثائق و المستندات المتعلقة بمعاملاته كافة ، و تسهيل عمل الموظفين في القيام بواجباتهم الوظيفية. كما عليه واجب التقيد بقوانين و أنظمة الإدارة العامة، و إحترام المهل المحددة لتقديم الطلبات أو التصاريح، و تسديد الرسوم المتوجبة عليه.

–         المساهمة في تخفيف الأعباء المالية عن الإدارات العامة من خلال حرصه على الملكية العامة و المال العام و حست إستعماله للمنشآت العامة و تقيده بقواعد السلامة العامة و البيئة و الصحة العامة، و المساهمة مع مؤسسات المجتمع المدني و الجمعيات الأهلية و وسائل الإعلام في تعبئة الجهود ، للحؤول دون التعدي على الملكيات العامة.

في النهاية كان واجب المسؤولين أن يعملوا بعد إنتهاء الحرب الأهلية على تطبيق مبدأ المواطنة لكي نتمكن من الحفاظ على دولة المؤسسات و بناء دولة حضارية سيادية مستقلة مبنية على مبدأ المواطنة و ليس التطرف و العصبية المذهبية ، و ذلك فقط لأجل المحافظة على مواقع الساسة. فلنضع المصلحة العامة قبل المصلحة الشخصية.

قصة شادي نشابة و الإنتخابات البلدية….. هذه القصة قد نشرت لدى منظمات محلية و دولية عدة…. و حرصا مني على مبدأ الشفافية

شادي نشابة

المرشح عن عضوية مجلس بلدية طرابلس

لقد خضت تجربة الانتخابات البلدية في طرابلس وأنا أعلم سلفاً أن النتائج لن تكون لصالحنا -وأعني هنا الفوز حصراً. كان هذا واضحاً من جراء الواقع الذي رسمه السياسيون، كما بسبب الوضع الذاتي الذي لم يمنحني الوقت الكافي لخوض هذه التجربة بقوة.

بدأت الفكرة تتراودني منذ صيف الـ2009، وذلك انطلاقاً من اعتقادي بأن العمل البلدي أو الانمائي بحاجة إلى دم جديد وأفكار جديدة وطاقات وكفاءات جادة لديها رغبة حقيقية بخدمة الوطن ككل والمدينة بشكل خاص. ويضاف ذلك إلى كوني ناشطاً اجتماعياً من خلال جمعية “إنجاز” التي تعمل على تنمية قدرات الشباب وربطهم بسوق العمل.

في أيلول 2009 تلقيت دعوة  من المعهد الديمقراطي الوطني، لحضور دورات حول العمل البلدي في لبنان. وقد ضمت هذه الدورات الشباب المقدم على الترشح بالانتخابات البلدية، وتتراوح أعمارهم بين 25 و35 عام، وتركّزت حول التعريف بالقانون البلدي وواجبات المجالس البلدية، إلى جانب بعض الجوانب اللوجستية كوسائل عرض البرامج الانتخابية. وفي الأيام الأخيرة للدورة كنت قد انتهيت من إعداد برنامجي الانتخابي الذي عنيَ بمواضيع السياحة والتنمية الاقتصادية والتواصل مع المغتربين.

وبعد استشارة عدد من شركائي في المجتمع المدني ومن العائلة،  إتخذت قراراً بالترشح، ولكن كلّ من كان يقف إلى جانبي كان خائفاً من الواقع الانتخابي، بسبب مواجهة لائحة مدعومة من أغلب القوى السياسية.

وقبل تلك الفترة، كنت قد أعددت دراسة حول إحتياجات المدينة. اعتمدت فيها على عدة مصادر، كمقابلات مع الأهالي وناشطين سياسيين وأعضاء في المجلس البلدي وقمت كذلك باستطلاعات رأي واطّلعت على دراسات أخرى. انطلاقا من هذه النشاطات، وضعت برنامجي الإنتخابي، وهذا ما ميزني ربما، عن باقي المرشحين. وكنت في لقاءاتي في المدينة أركز على الموضوع التنموي ووقفت ضد “الكلام السياسي” في تلك المعركة لأنها معركة إنمائية، كما نفهمها ونريدها بإمتياز. ولكن الساسة إعتبروها معركتهم، وجاء اختيار الأسماء انطلاقاً من هذه النظرة. فبعض المرشحين الذين اختاروهم كانوا يتمتعون بكفاءة عالية، أما البعض الآخر فقد تم اختياره لاعتبارات سياسية بحتة لا علاقة لها بالكفاءة.

سريعاً،  قمت بتحضير قائمة من المستقلين، كان من بينها ناشطون في المجتمع المدني، وضمت 15 مرشحاً. لكن عدم معرفتنا المسبقة ببعضنا، وضيق الوقت، ساهما في تفريق أعضاء اللائحة، وعدم التزامهم بها. وكان هذا سبب أساسي لخسارة كافة الأعضاء. لكن وبالعودة إلى نتائج الانتخابات، ومع العلم أنني حصلت على 4261 صوت، فأنا أعتبر أنني استطعت في وقتٍ ضيق الوصول لنسبة جيدة من الأهالي.

وفي مراجعة سريعة لتلك المرحلة أو التجربة، أرى أني أخطأت عندما تأخرت  بالترشح وبإعلان ترشحي الذي أتى قبل الإنتخابات بعشرة أيام فقط. فعلى الرغم من قيامي بخمس مهرجانات شعبية لم يعلم الكثير من الناس بأمر ترشحي إلى الانتخابات.

أمواج البحر أفضل مصدر للطاقة

إن الطاقة الكهربائية لها مصادر عدة و لكن ما هو مهم المصدر الذي يولد طاقة أكبر بكلفة أقل و ما هو مهم أيضا الطاقة التي تحافظ على البيئة .

يستفيد اليوم علماء الطاقة من أمواج البحر، ويصنعون معدات خاصة تمكنهم من وضعها على سطح الماء حيث تقوم الأمواج برفعها وخفضها باستمرار. وهذا يؤدي إلى توليد حركة ميكانيكية يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية تُنقل عبر أسلاك للاستفادة منها.

إن أول من خطرت بباله فكرة الاستفادة من الأمواج هو رجل فرنسي يدعى Monsieur Girardحيث حاول مع ابنه عام 1799 الاستفادة من حركة الأمواج في إمداد الطاحونة والمضخة بالطاقة.

طاقه الامواج الداخليه:

المدّ. ويعتبر هذا المصدر للطاقة المتجددة من المصادر النظيفة والآمنة. وتستخدم التقنية مراوح أو توربينات تثبت تحت سطح البحر وتدور بسبب تيارات المد، وبالتالي تتحول فيها الطاقة الميكانيكية التي تولدها الأمواج إلى طاقة كهربائية يمكن الاستفادة منها.

ويعتقد العلماء بأن هذا المصدر أفضل من طاقة الرياح، بسبب انتظام الأمواج وإمكانية دراستها بشكل جيد وتوقع حجمها وطاقتها، مما يتيح تصميماً أفضل للتوربينات المولدة للطاقة الكهربائية.

إن قطر المروحة هو 20 متراً، وتثبت على مسافة تحت سطح الماء بـ 30 متراً. وقد بلغ استهلاك الطاقة الكهربائية بالوسائل المختلفة في بريطانيا عام 2001:

الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة نسبة 2 بالمئة. أما الطاقة الكهربائية من الفحم فقد بلغت نسبة 33 % والطاقة الكهربائية من الغاز الطبيعي 37 % والطاقة الكهربائية النووية 22 %.

فكرة جديدة لإنشاء مراوح أو توربينات تعمل على توليد الطاقة الكهربائية والاستفادة من التيارات تحت سطح البحر.

مستقبل هذا المصدر الجديد:
1 تعتبر هذه الطاقة آمنة وليس لها أية مخاطر.

2- طاقة أمواج البحر أكبر بكثير من طاقة الرياح.

3- طاقة أمواج البحر ثابتة على مدار 24 ساعة وطيلة أيام السنة تقريباً، بينما طاقة الشمس يستفاد منها أثناء النهار، وطاقة الرياح يستفاد منها في فترات متقطعة.

4- الكهرباء الناتجة عن طاقة الأمواج أكثر ثباتا.

تعتمد الطاقة التي تحملها الموجة على طولها وارتفاعها وسرعتها وكثافة الماء الذي تحمله. وهذا يتعلق بسرعة الرياح ودرجات الحرارة فوق سطح الماء.

الطاقه الناتجه عن اختلاف الحراره:

لقد استفاد من هذه الظاهرة المهندس الفرنسي George Claudeحيث صنع وحدة لتوليد الكهرباء استطاعتها 22 كيلو واط وذلك عام 1929 بالاستفادة من فارق درجات الحرارة بين سطح البحر وبين عمق محدد.

يقول الباحثون اليوم: إن موجة طولها ارتفاعها 15 متراً وزمنها 15 ثانية، سوف تحمل طاقة تقدر ب 1700 كيلو واط لكل متر مربع من جبهتها. وأن طاقة الأمواج أكبر بكثير من طاقة المد والجزر.

طاقه تيارات المحيط:

إذا ما نزلنا تحت سطح البحر وبدأنا نغوص شيئاً فشيئاً، فإننا نرى عالماً يعجّ بالحركة والأمواج والتيارات، وهنالك تيارات حتى في أعمق نقطة من البحر! وهذا ما دعى العلماء لمحاولة الاستفادة من هذه الأمواج.

وتتم الاستفادة من هذه الطاقة المجانية والنظيفة من خلال وحدات تتوضع تحت سطح البحر، وهي عبارة عن توربينات توضع على أعماق مختلفة تحت سطح البحر، وتدور بسبب التيارات المتولدة تحت سطح الماء. وتتميز هذه التوربينات بصغر حجمها مقارنة بالتوربينات الهوائية، وذلك بسبب أن كثافة الماء أكبر ب 835 مرة من كثافة الهواء.

تعتبر الطاقة المتوافرة في البحر والمحملة على أمواجه من أفضل أنواع الطاقة الطبيعية، فهي آمنة ونظيفة ولا تنضب وليست مهددة بالنفاذ مثل البترول مثلاً،

فالبحر اللجي هو العميق، وفيه موج داخلي من فوقه موج على السطح من فوقه سحاب.

الطاقه الزرقاء:

وهي الطاقة المتولدة في مصب النهر في البحر، حيث تتدفق كميات كبيرة من المياه العذبة في مياه البحر المالحة، ويمكن الاستفادة من هذه الطاقة في توليد الكهرباء.

التلوث الناتج عن وسائل توليد الطاقة التقليدية

أخيرا إن الطاقة المولدة من أمواج البحر هي تعد من أفضل المصادر للطاقة ، فيا ليت يأتي يوما و نتمكن من توليد هكذا نوع من الطاقة في بلدنا الحبيب لبنان …. فهذه المشكلة التي نعاني منها منذ عقد من الزمن .

آلية خصخصة الكهرباء في لبنان

واقع الكهرباء المأساوي

تستحوذ عبارة الخصخصة أو التخصيص أو الخوصصة على اهتمام معظم دول العالم سواء كانت متقدمة أو نامية وهي جميعها تسميات لمصطلح اقتصادي بالغة الإنكليزية أو الفرنسية لكلمة privatisation.

لا يوجد مفهوم دولي متفق عليه لكلمة الخصخصة، حيث يتفاوت مفهوم هذه الكلمة من مكان إلى اخر ومن دولة إلى أخرى.ولكن لو اردنا تعريف هذه الظاهرة التي أصبحت موضوعا رئيسيا يتم استخدامه في معظم الدول، فانها فلسفة اقتصادية حديثة ذات استراتيجية، لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة، من القاع العام إلى القطاع الخاص. فالدولة، في المفهوم الاقتصادي الحديث، يجب ان تهتم بالامور الكبيرة كالامور السياسية والادارية والأمنية والاجتماعية التي ترتبط بسياستها العليا, اما سائر الامور الأخرى فيمكن تامينها من قبل القطاع الخاص وذلك في اطار القوانين والأنظمة الت تضعها الدولة وتنظم من خلالها عمل هذا القطاع.

كان حجم القطاع العام  في لبنان ، عشية اندلاع الحرب في لبنان محدوداً ، اذْ لم تتجاوز حصته من الناتج المحلي الاجمالي الـ 15 في المئة ، ولم تشكل الاستثمارات العامة ، كمتوسط سنوي ، خلال الفترة الممتدة من العام 1964 لغاية 1970 اكثر من 18 في المئة من مجموع الاستمثارات.

تكوّنت بنية القطاع العام بصورة اجمالية من مرافق خدمية آلت ادارتها الى الدولة لاسباب عدة اهمها انتهاء عقود الامتياز التي كان امر ادارتها وتشغيلها في عهدة شركات خاصة اجنبية .

تضررت مرافق القطاع العام في أثناء الحرب وتدهور بالتالي اداؤها الامر الذي استوجب ، بعد دخول البلاد مرحلة السلم الاهلي ، اعادة تأهيلها كي تستانف تقديم خدماتها.

في هذا الاطار تم طرح مسألة الخصخصة ، اي في سياق البحث في سبل اعادة بناء هذه المرافق وهيكلتها من ناحية التمويل ، بعدما خاب الامل المعقود على تدفق مساعدات خارجية ، ومن ناحية الاصلاح الاداري حيث الخيبات مزمنة بسبب الاعتبارات الطائفية والفساد السياسي المتجذر .

ظلام لبنان بفضل سياسات حكوماتنا

لعل اول طرح رسمي لمسألة الخصخصة كان في قــرار مجلس الوزراء ( حكومة الرئيس عمر كرامي ) بتاريخ 11/3/1992 القاضي بتكليف لجنة خبراء وضع ” تصور عام لخطة عمل اقتصادية مالية لمعالجة الضغوطات التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني وتقديم مقترحات لتحقيق الاستقرار التدريجي وتدعيم النهوض الاقتصادي ” . وقد دعا تقرير اللجنة الى ” ضرورة تخصيص ( خصخصة ) بعض الأنشطة العائدة لقطاع الدولة مثل خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية وجمع النفايات وغيرها من الانشطة العامة “. وقد بررت اللجنة اللجؤ الى الخصخصة بعدم توفر الشروط المؤاتية لاجراء اصلاح اداري  حقيقي من جهة ، ومن جهة اخرى لتشجيع اجتذاب مدخرات اللبنانيين في الداخل والخارج ، الامر الذي يشكّل اداة تسريع لقيام سوق مالية نشطة .

في العام 1992 اوصى خبراء البنك الدولي ” حيال اهتراء الوضع الاداري العام للحكومة وفي المؤسسات العامة “ومحدودية قدرة القطاع العام على التمويل ، ان يتولى القطاع الخاص تشغيل بعض المشاريع التي يتم تأهيلها وصيانتها ، وان يلعب دوراً رئيساً في تطوير البنى التحتية في المرحلة الاولى من خطة اعادة الاعمار . كما اوصى الخبراء ، لاسباب تتعلق بالفعالية والتمويل ، بتخلي الدولة عن عدد من المصالح في القطاع العام ، بينها قطاع الاتصالات وقطاع الطاقة ، وايلاء امر تطويرها بصورة كاملة للقطاع الخاص .

وفي تقرير لاحق لخبراء من البنك الدولي جرى وضعه في العام 1995 أضيف ، في معرض تبرير اللجوء الى الخصخصة ، الى مسّوغَي التمويل وتعذر الاصلاح الاداري ، مسوّغات اخرى : زيادة الفعالية المرتجاة من اداء المرافق العامة ، وتفرّغ الحكومة لقضايا وأنشطة لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها ، وتوسيع فرص الاستثمار لموارد القطاع الخاص .

ان للخصخصة شروطا يقتضي توفرها لضمان نجاحها . أبرز  هذه الشروط السوق التنافسية الحرة ، والسوق المالية والمتطورة ، المؤهلات الادارية العالية . اذا كانت هذه الشروط غير متوفرة فانه يقتضي توفيرها من خلال خطة الاصلاح المالي وما تنطوي عليه من برامج تصحيحات هيكلية في المدى القصير تهدف الى اعادة التوازن الى ميزان المدفوعات ، وخفض الانفاق العام ، وتهدف على المدى الطويل الى تطوير العرض الداخلي للخدمات والسلع ، وتحسين اداء جهاز الانتاج ، والحد من هدر المواد المتاحة ، ودعم القدرة التنافسية للانتاج .

فالخصخصة ممكن أن تلعب دورا إيجابيا و لكن إن أردنا أن تكون كذلك من خلال وضع المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة. و للأسف هذا غير موجود في لبنان مما يؤدي إلى هدر أموال الشعب اللبناني و إلى إحتكار القطاعات المخصخصة.

إن أردنا أن ننظر اليوم إلى موارد الدولة اللبنانية التي تخصخص مثل : لم النفايات و قطاع الإتصالات الخلوي فتعتبر غير مبنية على أساس المصلحة العام فلبنان كلفة المخابرة فيه عالية جدا و لا يوجد فيه سوقا تنافسيا بل نحن في زمن إحتكار لهذا القطاع مما يؤشر إلى وجود محاصصة و تقاسم الأرباح فيما بين الساسة.

و إن نظل سائرون في هذا النهج أعتبر منذ اليوم أن إقتصادنا سوف يدمر أكثر و أكثر و أن مستقبليا سوف تخصخص قطاعات عدة و في نفس المنطق و التصرف أي المحاصصة و الإحتكار.

ما يجب أن نفعله هو وضع هيئة ناظمة للخصخصة مهمتها إختيار المناقصة الأفضل و إبرام العقود التي تصب في مصلحة الدولة اللبنانية و من بعد ذلك متابعة تنفيذ هذه العقود، مما يؤدي إلى تنافس أكبر فيما بين الشركات و إلى تأمين خدمة أفضل بالسعر الأرخص. فهذا أمر ضروري في حال أردنا تبني الخصخصة.

و ممكن إنشاء شركات مساهمة ، يتمكن المواطن اللبناني من شراء أسهم فيها و يكون دور هذه الشركة أن تتنافس مع الشركات المسموح لها بخصخصة أي قطاع و ذلك لتمكين المواطن اللبناني أيضا الإستفادة من الأرباح التي ستجنيها الشركات . و ذلك يدفع إلى التنافس بين الشركات و القضاء على الإحتكار الحاصل و تمكين المواطن اللبناني من الإستفادة من الأرباح الناتجة عن الخصخصة، مما يحفزه في متابعة الملفات في القطاع العام و ذلك يؤدي إلى إردياد الشفافية في الدولة.

الخصخصة ممكن أن تكون مورد ناتج للدولة و للمواطن سوية إن أردنا أن يكون كذلك.

فخصخصة الكهرباء ليست الخيار الاقتصادي الأمثل، وهي حتماً ليست خياراً اجتماعياً، فالفشل هنا تكون له آثار بالغة لا تُمحى، والمعايير المطلوبة تصبح دقيقة أكثر… ويبقى السؤال الأساس، لماذا اللجوء إلى القطاع الخاص ما دامت الدولة قادرة على تأمين «24/24 ساعة كهرباء»؟
إضافةً إلى الأسباب العلميّة القائلة بأنّ نقل قطاع الكهرباء إلى القطاع الخاص ليس عمليّة ناجحة حتماً وفقاً للتجارب المسجّلة حول العالم، هناك خصوصيّة لهذا القطاع الطاقوي في لبنان، فسيطرة رأس المال الخاص عليه لها تداعيات سلبيّة اجتماعياً، كما أنّ جدواها ليست بحسب الاعتقاد السائد.
تجارب كثيرة حول العالم توضح أنّ خصخصة قطاع الكهرباء لا تؤدّي دائماً إلى تحسين أدائه وجعله مربحاً. البرازيل وولايات أميركيّة وكنديّة وبلدان و في أفريقيا اكتشفت أنّ العمليّة مكلفة اقتصادياً واجتماعياً.
في لبنان قطاع الكهرباء لم يذق نكهة الاستثمار العام طيلة عقد من الزمن، بسبب ضعف سياسات التوجيه. والآن مع ضعف الإنتاج مقارنةً بالطلب المتزايد تزداد الحاجة بقوّة إلى استثمارات تعوّض النقص الحاصل، الذي يزداد باطّراد.
وفي دراسته التفصيليّة عن وضع الكهرباء في لبنان (انتهى من إعدادها في كانون الأوّل عام 2008) يقول البنك الدولي إنّ حاجة لبنان من الكهرباء سترتفع بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2015 لتبلغ 20598450 ميغاوات ساعة، ما يعني زيادة الطاقة الإنتاجيّة بواقع 1500 ميغاوات ساعة. أي ما يعادل استثمارات قيمتها مليار دولار، وفقاً للدراسة نفسها.
غير أنّ تحديد مصدر تلك الأموال لا يزال يطرح تساؤلات عدة، هل تُرصد اعتمادات لها من الموازنة العامّة، أم «يُشرّك القطاع الخاص»؟

يمكن التسليم في هذا السياق بأنّ الجدوى العامّة تُحدّد فقط إذا جرت ملاقاة الجدوى الاجتماعيّة، على اعتبار أنّ ما يحتاج إليه قطاع الكهرباء في لبنان معروف (الاستثمار في تطوير القدرة الإنتاجيّة). فتلك الاستثمارات يمكن أن ينفّذها القطاع العام أو القطاع الخاص أو مزيج من الاثنين. ويتّضح أنّ إدارة القطاع برأس المال الخاص ليست دائماً عمليّة ناجحة. فالتداعيات الاجتماعيّة قد تتحوّل وخيمة نظراً للطابع الاستراتيجي التي تتمتّع به الكهرباء. تداعيات لُحظت في بلدان أخرى حول العالم خصخصت قطاعها الكهربائي. ففي أستراليا على سبيل المثال تراجع عدد الوظائف في قطاع الكهرباء بنسبة تفوق 60 في المئة إلى 33 ألف عامل. الشركات العملاقة التي سيطرت على قطاع الكهرباء في البلدان التي لجأت إلى إعادة الهيكلة نحو الخصخصة هي مؤسّسات يحكم عملَها أساساً مبدأُ تعظيم الربح لا طبعاً الرعاية الاجتماعيّة. واللافت هو أنّ تلك الشركات لا تنفكّ تقلّص دائرتها وتلجأ إلى عمليّات الاندماج والاستحواذ ما يركّز «القدرة الكهربائيّة» في يد مجموعة محدّدة غير مرنة في مسائل الرعاية الاجتماعيّة وغير مراعية للمعايير البيئيّة.
بأيّ شروط ستجري خصخصة قطاع الكهرباء في لبنان؟
وهنا تكمن عقدة أساسيّة يزداد تجاهل مفاعيلها. فالبنك الدولي يشير في دراسته المذكورة إلى أنّ تطوير القدرة الإنتاجيّة عبر استثمارات القطاع العام يؤدّي إلى كلفة تبلغ 6.58 سنتات للكيلووات ساعة، فيما ترتفع تلك الكلفة إلى 8.19 سنتات عبر استثمارات القطاع الخاص… فإذا لجأ القطاع العام إلى الاستثمار حالياً، ولم يخصخص، سيوفّر على الشعب أعباءً مستقبليّة لها تبعات اجتماعيّة كبيرة.
تلك الأعباء حتميّة نظراً إلى أنّ «الطرف المشتري بمجرّد أن يُمسك القرار سيُترجم كلّ تصرّفاته بمعيار الربح والخسارة»، وفقاً لحمدان. وإذا جرى بالفعل تكريس نهج الخصخصة في الكهرباء «يصل الباحث إلى حدّ التساؤل: هل استمرار نزف الكهرباء هو شرط لاستمرار النسق السائد للأرباح والخسائر؟

.

مشكلة الجباية و التقنيات المتبعة

وعن «الخصوصيّة اللبنانيّة» في ما يتعلّق بالجباية ومستوى السرقة المتوزّعة في جميع المناطق اللبنانيّة، يلفت حمدان إلى الدراسة التي أعدّها مركزه، التي تفيد خلاصتها الأساسيّة أنّ الناس من كل الفئات، بمن فيهم الفقراء ومتوسّطو الدخل «مستعدّون للدفع في مقابل ضمانات حقيقيّة بحصولهم على الكهرباء». وعموماً فإنّ أيّ هيكلة للقطاع إن كانت على صعيد الإنتاج أو التوزيع «يجب أن تراعي التشطير بحسب الاستهلاك الشهري أو بحسب المناطق» بسبب «الخصوصيّة» نفسها، ومن المعروف أنّ تلك الاعتبارات لا يستطيع القطاع الخاص أن يحترمها، وأن يرتّب حساباته وفقاً للمعايير الاجتماعيّة.
حسابات القطاع العام يُفترض أن تكون في المبدأ اجتماعيّة ـــــ استراتيجيّة وطبعاً لا تهمل الجدوى الاقتصاديّة التي يقول وزير الطاقة آلان طابوريان إنّه يستطيع تأمينها عبر «خطّة متكاملة» لزيادة الإنتاج. ولكن في لبنان هناك تعقيدات أخرى تجعل الصوت يعلو في كثير من الأحيان من أجل إشراك القطاع الخاص على الرغم من أنّ العائدات الاقتصاديّة مشكوك فيها، فيما جدواها الاجتماعيّة غير موجودة أبداً (على أساس نسبي، أي مقارنةً بوضع الأساس قبل الخصخصة.

التلوث البيئي و الشكلي

فأصبحت معضلة الكهرباء في مقدمة الاهتمامات، وبات إيجاد الحلول والمخارج من الضرورات الوطنية والملحّة في المرحلة المقبلة، وهي ضرورات لا تحتمل أي تأجيل، ولا سيما أن البنك الدولي أشار، في دراسته التفصيليّة عن وضع الكهرباء في لبنان، إلى أنّ حاجة لبنان من الكهرباء سترتفع بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2015، لتبلغ حوالى 3000 ميغا واط، ما يعني أن هناك حاجة إلى زيادة الطاقة الإنتاجيّة بواقع 1500 ميغا واط في خلال السنوات الست المقبلة
ونشهد اليوم تحركات ناشطة من بعض الجمعيات الخاصة والمدنية في محاولة منها للدفع نحو حلول تجنّب لبنان مستقبلاً مظلماً، منها «جمعية الطاقة المستدامة»، التي أسسها الرئيس جاك صراف مع مجموعة من رجال الأعمال، والتي تبذل جهوداً في هذا السياق، وجهودها مشكورة.

.

المنافسة فيما بين الشركات

فأقترح عدم حصرية شراء الكهرباء من شركة كهرباء لبنان، بكلام آخر اعتماد الأسلوب المعتمد في بريطانيا اليوم، حيث بإمكان المستهلكين الكبار أن يشتروا كهرباء من عدة مصادر في اليوم الواحد، وخلق تنافسية حقيقية، فالكهرباء سلعة مثلها مثل أي سلعة أخرى، فإذا كان لا بد من الاتجاه إلى الخصخصة، نريدها خصخصة تنافسية لا توزيعاً لقالب الجبن، وكلنا يعرف أن الاحتكارات ستجعل من سعر الكهرباء حتماً الأغلى في المنطقة.

ان لكهرباﺀ لبنان، كمؤسسة عامة، موقعاً وطنياً واجتماعياً جامعاً، فهي منذ انشائها فــي منتصف خمسينات القرن الماضي، احدى علامات الوحدة اللبنانية، سواﺀ من حيث تغطيتها الشاملة لنسبة نحو 85% من المناطق اللبنانية الــمــأهــولــة ام مــن حيث تعرفتها الموحّدة ام من حيث سياسة المساواة التي تمارسها. اما المسلّمة الثالثة التي تستدعي اهتمام الجميع الى حدّ القلق، فتتعلق بانعكاسات ازمة الكهرباﺀ على مستويي الاقتصاد العام (الماكرو) والاقتصاد الجزئي (الميكرو) في لبنان، ولنقل على الدولة في دورها التدخلي والخدماتي، وعلى الــمــواطــن فــي حقوقه كمستهلك وصاحب حاجة هي حقّ له”. ولفت الى” ان عجز الكهرباﺀ المتفاقم هو احد الاسباب الاساسية لتفاقم العجز في موازنة الدولة، وان مساهمات الدولة المستمرة في دعم هذا القطاع قد ارهقت الخزينة دون ان تنقذ القطاع.

لقد اعتبرت البرامج الاصلاحية المتعاقبة، ومنها تلك المعتمدة في المؤتمرات الدولية لدعم لبنان مثل باريس 1 وباريس، 2 ان معالجة موضوع الكهرباﺀ هي عنصر اولي من عناصر الاصــلاح ببعديه الاقتصادي والاجتماعي”.

هذه الارقام، الموثّقة، تكشف لنا ما يلي:

أهمية دور الدولة في تأمين حماية المنشآت، ضرورة قيام الدولة، اما المسلّمة الاخيرة فترتبط باهمية الكهرباﺀ في بلد خدماتي مثل لبنان… وأختم “اضيئوا الكهرباﺀ في لبنان كي نضيﺀ من لبنان العالم كله… فتبقى” سرجنا موقدة “ونكون حقاً” ابناﺀ النور “و” نور العالم”.

إيجاد بديل يخفف تكلفة على الدولة اللبنانية

فلا يوجد حل واحد لكل مشاكل الكهرباﺀ لان القطاع يواجه مشاكل عدة ومترابطة، ومعالجتها تــتــطــلــب خــطــة مــتــكــامــلــة وليست مــجــتــزأة”. وأرى أن طبيعة القطاع وبناه التحتية تجعل تنفيذ أي خطة إصلاحية يستغرق ما يقارب الخمس سنوات.  و الخطة تتألف من نقاطا عدة لحل أزمة الكهرباﺀ أبرزها:

  • · إمكان تشغيل الطوربينات بطاقة غير المعتمدة الآن لخفض الكلفة.
  • · إعتماد الطاقة الشمسية بدلا من الكهرباﺀ في مجالات عدة.
  • · ترشيد الطاقة من خلال استعمال “لمبات توفير” ومنع استيراد “اللمبات” التي تستهلك كمية أكبر من الكهرباﺀ.
  • · فتح باب التوظيف في مؤسسة كهرباﺀ لبنان لأن ملاك المؤسسة يحتاج الى 5 آلاف موظف بينما عدد الموظفين اليوم لا يتعدى الالفين بمعدل أعمار بين 58 و60 سنة.
  • · إيجاد هيكلية مقسمة الى فئات عدة وخصخصة بعضها على سبيل التجربة.
  • · طرح شراكة بين القطاعين العام والخاص.
  • · تخفيف العبء الملقى على عاتق الحكومة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، وذلك من خلال خفض الانفاق العام وزيادة قدرة التوليد الكهربائية;
  • · خفض الوقت والتكلفة اللازمين لبناء المحطات الكهربائية وتشغيلها.
  • · ايجاد مصدر اضافي لرأس المال;
  • · ادخال المنافسة;
  • · تحسين كفاءة التشغيل وزيادة الموثوقية
  • · نقل التكنولوجيا;
  • · الرد على ضغوط كبار المستهلكين الباحثين عن خيارات ذات تكلفة معقولة

و الخطة الإصلاحية، تقضي بتعيين هيئة منظمة لقطاع الكهرباﺀ واعتماد تعرفة ترتبط بكلفة الإنتاج بالتزامن مع اعتماد سياسة دعم موجّه. فنحن اليوم نعاني مما أسميه الدعم العشوائي إذ أننا ندعم كلفة الكيلوواط ساعة. فكلما زاد استهلاك المشترك للطاقة كلما كلّف الدولة أكثر. ولهذا السبب نلحظ أن بعض من يسرق كميات قليلة من الكهرباﺀ يكلف الدولة أقل من البعض الذي يدفع فاتورته كاملة ولكنه يستهلك كميات كبيرة. أما في نظام الدعم الموجّه، فلا يكون الدعم للإنتاج بل يكون موجّهاً للمواطن الفقير أو للمنطقة المحرومة أو لقطاع اقتصادي معيّن.

فيجب  الاستمرار في التنفيذ وعلى أهمية اعتماد الشراكة مع القطاع الخاص في مجالات الإنتاج والتوزيع إذا ما أردنــا أن نصلح قطاع الكهرباﺀ ونقدم للمواطن اللبناني الخدمة التي يصبو إليها.

فأصبحت معضلة الكهرباء في مقدمة الاهتمامات، وبات إيجاد الحلول والمخارج من الضرورات الوطنية والملحّة في المرحلة المقبلة، وهي ضرورات لا تحتمل أي تأجيل، ولا سيما أن البنك الدولي أشار، في دراسته التفصيليّة عن وضع الكهرباء في لبنان، إلى أنّ حاجة لبنان من الكهرباء سترتفع بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2015، لتبلغ حوالى 3000 ميغا واط، ما يعني أن هناك حاجة إلى زيادة الطاقة الإنتاجيّة بواقع 1500 ميغا واط في خلال السنوات الست المقبلة.
ونشهد اليوم تحركات ناشطة من بعض الجمعيات الخاصة والمدنية في محاولة منها للدفع نحو حلول تجنّب لبنان مستقبلاً مظلماً، منها «جمعية الطاقة المستدامة»، التي أسسها الرئيس جاك صراف مع مجموعة من رجال الأعمال، والتي تبذل جهوداً في هذا السياق، وجهودها مشكورة.

.

الطاقة الهوائية البلديلة

ضعف الجهاز البشري

لقد باتت أزمة الكهرباء تتجاوز في مفاعيلها الخسارة الاقتصادية التي تسبّبها في كل مفاصل المجتمع اللبناني، بل تحولت هذه الأزمة المزمنة إلى عقدة نقص تجتاح عقول اللبنانيين ومشاعرهم وكرامتهم، هؤلاء الذين يتباهون دائماً بقدراتهم الفكرية، ويصنّفون أنفسهم من بين الشعوب الذكية والمتطورة، فإذا بهم يُصدمون بالواقع المرير بأنهم عاجزون عن تأمين الكهرباء..

فبالرغم من الكلام الكثير عن «كفاءة» الإدارة الحريرية ودورها الكبير في إعادة إعمار لبنان وتجديد بنيته التحتية، ورغم إنفاق أكثر من خمسة مليارات دولار على قطاع الكهرباء، فإن أزمة هذا القطاع آخذة في التفاقم. وما زالت سياسات تقنين الطاقة هي السائدة، المواكبة لتوسيع دور المولدات الخاصة، الأقل كفاءة، والأكثر تلويثاً للبيئة، والتي أصبحت تنتج أكثر من 35% من الطاقة المستهلكة في لبنان.
ومنذ وصول الحريري إلى السلطة، أُدخلت كهرباء فرنسا (EDF) إلى قطاع الطاقة الكهربائية (خصخصة جزئية). فأصبحت هي الجهة الاستشارية المعتمدة، دون الخبراء اللبنانيين المشهودة خبرتهم، والعاملين على الصعيد العالمي

. وبالتالي أصبحت EDF مسؤولة عن أخطاء التخطيط والتنفيذ والتشغيل، كما عن سوء سياسات الطاقة المعتمدة. ويذكرنا دور EDF في لبنان بكتاب جون بركنز “Confessions of an Economic Hitman”. وسيقدم خبراء EDF في الشهر الثالث من سنة 2010 التصاميم اللازمة والمتصلة بمناطق بناء المجموعات الجديدة، ومواصفاتها، مع محطات التحويل والتوزيع، بغية تأمين طاقة إضافية قدرها 700 ميغاوات. ومن المعروف أن نسبة العمولة لأصحاب القرار في تلزيم المحطات جد مرتفعة. والتجارب السابقة في بناء المعامل الحرارية وشبكات التوزيع وبإشراف EDF أظهرت عند استلام الأشغال مخالفات كبيرة وعيوباً في «المراجل» كما في «التوربينات»، وعندما رفض المهندس المسؤول في كهرباء لبنان استلامها قُدّم للمحاكمة بحجة تأخير الإنتاج، وحُكم عليه.
وبإشراف EDF تم في السابق بناء قدرات إنتاجية للطاقة، دون تطوير قدرات الشبكة على نقلها وتوزيعها، مما منع من رفع الإنتاج إلى مستوى الطلب الفعلي، وأُبقي على سياسات التقنين، وكان ذلك في أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
وبالرغم من إعادة بناء أجهزة الدولة القضائية والقمعية، لم تظهر الحكومات المتعاقبة أية حماسة لمنع السرقات على الشبكة. فمنذ سنة 2000 بلغت هذه السرقات حوالى 29%، وبلغ الهدر الفني حوالى 15%، أي إن مجمل الهدر كان حوالى 40% ثم ارتفع إلى أكثر من 42% في ما بعد. ولا تحصل سرقة الطاقة، أو عدم جبايتها في المناطق «الأمنية» العاصية على السلطة فقط، بل أيضاً في أرقى أحياء بيروت.

ضعف الكادر البشري في مؤسسة كهرباء لبنان

وتعمل الحكومات اللبنانية المتعاقبة على إضعاف مؤسسة كهرباء لبنان، وإبراز عجزها بوسائل شتى أهمها:
أ. إضعاف الجهاز البشري للمؤسسة:
فالحكومة لا تسمح بتوظيفات جديدة وبديلة من الكفاءات التي جرى «تطفيشها» أو إحالتها إلى التقاعد من فنيين وإداريين. فالجهاز البشري، كما يقول رئيس مجلس الإدارة، يتألف حالياً من 2000 عامل وموظف، مقابل ملاك يتطلب 5020 عاملاً وموظفاً. وبسبب هذه السياسات، ارتفع معدل إعمار العاملين في المؤسسة إلى 57 عاماً. وبالتالي أجبرت المؤسسة على التعاقد مع «متعهدين غب الطلب» يبلغ عددهم حوالى 1800 عامل مياوم (خصخصة جزئية مع «تحرير» سوق العمل). واستُغني عن العديد من مهندسي المؤسسة وتقنييهم أو دُفعوا إلى الاستقالة بأساليب شتى أهمها نزع صلاحياتهم، وتدني الرواتب. كما أن الشركة لم ترسل مهندسين وتقنيين للتدرب على صيانة المعامل الجديدة التي أُنشئت، رغم ورود هذا الشرط في عقود التلزيم، ثم لُزّمت الصيانة إلى شركات أجنبية (تخصيص جزئي) بأكلاف مرتفعة جداً، لا يمكن مقارنتها بكلفة المهندسين والتقنيين اللبنانيين.


ب. إعاقة الصيانة الضرورية للمعامل:
يقول رئيس إدارة المؤسسة إن الحكومة تعيق أعمال الصيانة والتأهيل الضرورية في أوقاتها، لأسباب تقنية ومالية، وذلك يعيق قدرة المؤسسة على تحسين الإنتاج، إذ يمكن زيادة قدرة الإنتاج بنسبة 20%، إذا توافرت الأموال اللازمة للصيانة. كما أن الشركة الكورية التي أعطيت مهمة تشغيل معملي الزهراني ودير عمار وصيانتهما، لا تقوم بأعمال التشغيل والصيانة كما يجب. وقد دفع ذلك المؤسسة إلى توجيه إنذار لشركة «كييكو» الكورية، بسبب تكرار الأعطال في المصنعين الجديدين نسبياً، وذلك في سنة 2009. والصيانة الملائمة تطيل عمل المحطات في الجية والزوق عشر سنوات حسب تقرير البنك الدولي.
ج. تشجيع الهدر المالي في المؤسسة:
ــــ أعطيت تراخيص الامتياز لبعض الشركات الخاصة، التي تشتري الطاقة الكهربائية بسعر قدره 50 ليرة للكيلووات ــــ ساعة، وتبيعها للمشتركين بمعدل 127 ليرة.
ــــ عدم دفع كامل مستحقات الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمخيمات الفلسطينية، التي تبلغ حوالى 150 مليار ليرة سنوياً.
ــــ امتناع العديد من القادة السياسيين النافذين عن دفع ثمن الطاقة المستهلكة، وعدم قدرة المؤسسة على قطع التيار عنهم.
ــــ حتى سنة 2003 كان هناك 33 ألف محضر بسبب السرقات والتعديات على الشبكة، ولم يبتّ القضاء بأي منها.
ــــ تأخير إنجاز مد أنابيب الغاز من معمل دير عمار حتى الحدود السورية لربطه بأنبوب الغاز السوري المنجز حتى الحدود قبل نهاية 2005، لتشغيل محطة دير عمار على الغاز، مما يضاعف إنتاجها ويطيل عمرها التشغيلي. ويقول أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة إن التأخير في التنفيذ من مسؤولية المتعهد، ويبدو أنه ليس هناك بند جزائي على تأخير التنفيذ.
ــــ تلزيم قراءة العدادات وجباية الفواتير للقطاع الخاص (خصخصة جزئية) بأسعار غريبة، مما أثار اعتراض (النائب عن بيروت) محمد قباني، حيث أعطيت شركة الجباية نسبة 2.9% من قيمة الفواتير التي تُجبى، وأعطيت شركة قراءة العدادات نسبة 11% من قيمة الفواتير الصادرة، بالرغم من أن الجباية أصعب من القراءة.
المبالغة في تقدير العجز المالي للمؤسسة:
في 5/11/ 2008 أعلن رئيس مجلس الوزراء، فؤاد السنيورة، أن الخزينة تحملت أكثر من 1200 مليون دولار من عجز مؤسسة كهرباء لبنان في عام 2007. وفي اليوم التالي، أعلن وزير المالية، جهاد أزعور، أن إنفاق الخزينة على المؤسسة لسنة 2007 بلغ 981 مليون دولار. ويشمل رقم الوزير استحقاقات مالية للكويت والجزائر عن توريد المازوت والفيول أويل للمؤسسة عن سنة 2006، أي إن إنفاق الخزينة على المؤسسة لعام 2007 لم يتجاوز 516 مليون دولار.
تقول الحكومة إن تحويلات الخزينة للمؤسسة منذ سنة 1982 وحتى نهاية 2008 بلغت حوالى 25431 مليار ليرة. وإذا أضفنا نفقات سنة 2009 يصل المبلغ إلى 27500 مليار ليرة، أي حوالى 18.3 مليار دولار، وما يعادل 35.3% من حجم الدين العام.

تعمل الحكومات اللبنانية المتعاقبة على إضعاف مؤسسة كهرباء لبنان وإبراز عجزها.

ولكن لا يمكن احتساب ما دُفع قبل سنة 1993 لكهرباء لبنان كجزء من الدين المتراكم على المالية العامة، إذ لم يتجاوز هذا الدين مبلغ 1.7 مليار دولار حتى نهاية سنة 1992. ثم إن خسائر كهرباء لبنان بين سنة 1994 وسنة 2000 بلغ معدلها السنوي 200 مليون دولار «نتيجة الطاقة غير المفوترة». أي إن الخسائر عن سنة 2003 وحتى 2000 بلغت حوالى 1600 مليون دولار، كما أن مجمل العقود الموقعة لمصلحة المؤسسة بين 1992 ونهاية 2003 بلغت 1316 مليون دولار. وإذا افترضنا أن معدل العجز السنوي منذ سنة 2001 وحتى 2009 قد بلغ 400 مليون دولار حداً أقصى، فإن كامل مساهمة عجز الكهرباء في الدين العام يبلغ حوالى 6.5 مليارات دولار دون احتساب الفوائد. ومع الفوائد المستحقة يرتفع الدين إلى حوالى 7.8 مليارات دولار. وإذا كان مجمل الدين العام الذي جرى تسنيده والذي لم يجر تسنيده قد بلغ حوالى 58 مليار دولار، فإن نصيب الكهرباء من هذا الدين سيكون 13.4% لا 35.3% كما تشيع الحكومة، وذلك حتى نهاية سنة 2009.
تأخير استجرار الطاقة من الخارج وتعطيله:
طرح موضوع استجرار الطاقة الكهربائية من الخارج منذ أواسط التسعينيات، وكانت الطاقة المستوردة أقل كلفة من توليدها داخل لبنان بنسبة عالية جداً، كان ثمن الكيلووات ساعة المستوردة من تركيا 4.5 سنتات، وهو مبلغ يقل عن كلفة الوقود لتوليدها. وكلفة استجرار الطاقة من مصر أقل من 4.5 سنتات. وعندما يتم الربط مع أعالي النيل، فإن كلفة الطاقة المستجرة ستقل عن 2.5 سنت في بعض الأحيان، وتبعاً لثمن برميل النفط، بينما تصل كلفة الفيول أويل اللازمة لتوليد 1 كيلووات ــــ ساعة إلى أكثر من عشر سنتات.
ولدى تركيا حالياً فائض في الإنتاج يقدر بنحو 5000 ميغاوات، من مجمل الإنتاج البالغ 40 ألف ميغاوات، وسيرتفع هذا الإنتاج التركي إلى 80 ألف ميغاوات حتى عام 2020 عند اكتمال شبكة السدود التركية.
وهناك طاقة تصديرية متنامية في مصر، وفي السعودية ودول الخليج، وخاصة مع استغلال الغاز المصاحب للنفط في توليد الطاقة. كما أن العراق سيصبح مصدِّراً للطاقة الكهربائية بعد ثلاث سنوات.
ولاستجرار الطاقة من الخارج، احتاج لبنان إلى محطات تحويل 400/220 ك. ف. في محطة كساره، وإلى محطة ديرنبوح 220 ك.ف. واستجر لبنان الطاقة من سوريا منذ عشر سنوات، ومن مصر منذ 27/4/2009 عبر محطة كساره غير المكتملة بعد. ولكن محطة كساره تأخر إنجاز بنائها أربع سنوات على الأقل، بحجة تأخر الملتزم في التنفيذ (أيضاً دون بنود جزائية)، ولكن استجرار الطاقة من مصر وسوريا عُلّق منذ أشهر لاعتبارات غير معلنة، كما تقول جريدة السفير (17/3/2010). ويقول وزير الطاقة جبران باسيل، إن هناك عوائق أمام استجرار الطاقة، تتمثل بعدم استكمال حلقة التوتر العالي غير المكتملة، وخصوصاً في منطقة المنصورية، وعملية توسيع طاقة محطة كساره، بجانب بناء مركز التحكم، الذي «سيؤمن استقراراً عالياً على الشبكة، وسيكون الهدر أقل بكثير». وهذا التأخير غير المبرر في إتمام بناء محطات التحويل وشبكات نقل التوتر العالي يرفع كلفة الطاقة الموزعة ويبقي على سياسة التقنين.
وربما كان التأخير في بناء شبكات الربط الكهربائي يقصد منه إكمال التعاقد لبناء محطات توليد جديدة، ينتفي مبرر بنائها مع اكتمال بنية الربط الثماني. ولإتمام عملية تخصيص جزئي أو كلي لقطاع الطاقة بأسعار متدنية جداً بسبب الخسائر الكبيرة لمؤسسة كهرباء لبنان. وقد نصح خبراء البنك الدولي بعدم تخصيص هذا القطاع، إذ إن تخصيصه سيرفع كلفة إنتاج الكيلووات إلى ثلاثة سنتات على الأقل.

خطورة مقايضة الدين الخارجي بملكية المشروعات الوطنية

تنطوي عملية مقايضة الديون الخارجية بحقوق ملكية في المشروعات العامة على عدة مخاطر من أبرزها:

ـ ان تحويل الأرباح والفوائد والدخول والتوزيعات التي يجنيها الملاك الجدد ـ خاصة الأجانب ـ ستؤثر في الأجل المتوسط على زيادة العجز في ميزان المدفوعات، رغم ما يكون في الأجل القصير من تخفيض عبء الدين من خلال إلغاء دفع الفوائد والأقساط المستحقة عن الديون التي ستقايض بحقوق الملكية.

ـ يصبح للأجانب المستثمرين نصيب في الدخل المحلي المخفض، وهو يتضاعف مع زيادة تحويل الديون إلى حقوق ملكية، وسيظل مستمرا ما دامت المشاريع بقيت مملوكة للأجانب.

ـ إتاحة الفرصة للهيمنة الاقتصادية عبر الشركات متعددة الجنسية من خلال امتلاكها للمشروعات المحلية، ويكون ذلك غالبا في ضوء امتيازات وضمانات سيتضرر منها البلد مثل حرية تحديد الأسعار والأجور، ونوعية التقنية المستخدمة، والإعفاءات الجمركية والضريبية، الأمر الذي يتعارض مع السياسات القومية.

ـ تحويل الدين الخارجي إلى أصول إنتاجية سيدفع البنك المركزي إلى التوسع لإصدار النقود لمواجهة طلب تحويل الدين الخارجي إلى نقد محلي، مما يسهم في زيادة التضخم وارتفاع الأسعار، ويذكر في هذا الصدد أن تحويل 5% من الدين المستحق في أربع دول في أميركيا اللاتينية قد أدى إلى زيادة عرض النقود المحلية بنسب تتراوح بين 33 و59%.

مراعاة المصلحة العامة

لابد من وضع ترتيبات معقولة ومناسبة تمنع المؤسسة المنقولة إلى القطاع الخاص من الاصطدام بالمصلحة العامة، ولذلك نجد بعض الحكومات تختار سياسة الاحتفاظ بالأغلبية في ملكية المؤسسات.

وعند إتمام عمليات البيع بالكامل ينبغي توفير الإطار السياسي المناسب لنقل الملكية، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بنسبة الأسهم المطروحة للمستثمرين المحليين مقابل التي تطرح للمستثمرين الأجانب.

تجنب القرارات غير المدروسة

من الخطأ أن يتم البيع أو نقل ملكية المؤسسات العامة دون دراسات وافية، فكثيرا ما أدت القرارات الارتجالية وغير الشورية إلى بيع المؤسسات بأقل من سعرها في السوق إلى مجموعة من أصدقاء الحكومة، وكان ذلك فتحا لباب من الفساد والرشاوى.

التدرج والانتقائية

التدرج في إتمام عملية الخصخصة يفضي إلى نتائج إيجابية، وفي المقابل التسرع يؤدي إلى كثير من الفشل في تحقيق الهدف المعلن من الخصخصة، لذلك نجد أن بريطانيا التي يضرب بها المثل في تجربة الخصخصة كانت انتقائية ومتدرجة، ولم تتعد عمليات الخصخصة أصابع اليد خلال حكومة المحافظين التي تبنت هذه السياسة في عهد رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر، في الوقت الذي بيعت كل المؤسسات العامة بلا حدود وفي أي وقت في دول الاتحاد السوفييتي السابق، وحسب تعبير أحد السياسيين في هذه البلاد فإن عمليات البيع والخصخصة كانت تتم كل 3 أو 4 ساعات. بينما نجد أن التجربة الصينية في الخصخصة كانت متدرجة وانتقائية في آن واحد.

دور الخصخصة كسياسة اقتصادية للإصلاح المالي

لا ينكر دور الخصخصة إذا توخيت شروط نجاحها في تقليل عدم التوازن المالي الذي تعاني منه معظم الدول النامية. ويمكن أن تدلنا أرقام العائدات المالية من عمليات الخصخصة، على أن العديد من الدول بدأت تجني ثمار الخصخصة في الفترة من 1990 ـ 1996، ومثال ذلك البرازيل التي حققت 22.4 مليار دولار، والأرجنتين 16.3 مليارا، والمكسيك 24.9 مليارا كنتيجة لعملية الخصخصة. وكذلك الاقتصادات الصغيرة مثل بيرو التي حققت مليار دولار، والفلبين 3.7 مليارات،

وپولندا 3.8 مليارات. إن عملية التخصيص في ضوء الدروس المستفادة لابد منها لإطلاق المبادرة الفردية في مجتمعات الدول النامية، ليس على الصعيد الاقتصادي فقط، وإنما لتشمل النواحي الاجتماعية والسياسية، وبغير إزالة القيود أمام إطلاق المبادرات الفردية والخاصة التي في مجموعها تشكل المبادرات الجماعية. ولا سبيل لهذه المجتمعات في الوصول إلى مراقي التحضر، إلا عندما تسود قيم العدل والمساواة والحرية.

المبررات الاقتصادية للخصخصة:

1- خفض الإنفاق الحكومي:

يعد الهدف من خفض الإنفاق الحكومي أحد المتطلبات الأساسية لهيكلية الاقتصاد في المدى البعيد, وتنبع أهمية خفض الإنفاق الحكومي, من أن معظم الدول النامية تعاني عجزاً في ميزانها التجاري وفي ميزان مدفوعاتها، مما أدى إلى تفاقم الديون الخارجية بوتيرة متزايدة, وفي مثل هذه الحالة فإن تبرير عملية الخصخصة بخفض الإنفاق الحكومي يعتبر مقبولاً, كذلك فإن الإيرادات العامة في الدول منخفضة الدخل غير مناسبة من الناحية الهيكلية لمقابلة احتياجات التنمية، وبما أن مصادر التمويل الخارجية قد جفت وأصبح العجز في الميزانية غير محتمل, فإنه على الدولة وضع أولوياتها بصورة صحيحة والحد من الإنفاق على المجالات التي لا يعتبر وجودها فيها ضرورياٍ, وبدلاً من أداء عدة أشياء بكفاءة منخفضة فإنه على الدولة الاتجاه نحو عمل نشاط محدد بكفاءة عالية.

وما تجدر الإشارة إليه, أن بعض الأدبيات تشير إلى أنه في الغالب على المدى القصير تذهب الوفورات التي تحققها الدول النامية في إنفاقها العام لخدمة الديون, ولا يتوقع أن تؤدي عائدات عملية الخصخصة إلى زيادة الإنفاق على المجالات ذات الأولوية في المدى القريب.

2- زيادة الكفاءة الاقتصادية:

يعتبر رفع الكفاءة الاقتصادية عن طريق خصخصة مؤسسات القطاع العام، الهدف الأساسي لبرامج الإصلاح, هذا وإن الكفاءة الاقتصادية تتكون من الكفاءة الإنتاجية وكفاءة عملية الخصخصة، وتتحقق كفاءة تخصيص الموارد عندما تعكس الأسعار النسبية للموارد قيمتها الحقيقية, أو قيمة الندرة لتلك الموارد أو قيمة الفرص البديلة لها, ويعتمد هدف الكفاءة الإنتاجية على مقدرة المؤسسات على إنتاج نفس الكمية بأدنى حد ممكن من التكاليف, أو بإنتاج كمية أكبر من المنتج بنفس التكاليف. واستناداً إلى ذلك، فإن هدف رفع الكفاءة الاقتصادية يعتمد على المكتسبات المتعلقة بالكفاءة الإنتاجية, ويعتقد مؤيدو الخصخصة, أن المؤسسات العامة تتميز بعدم كفاءة أكبر في عملياتها الداخلية, إذا ما قورنت بالمؤسسات الخاصة وذلك يرجع إلى عدة أسباب, منها أن المؤسسة العامة غالباً ما تكون محمية من المنافسة، مما يؤدي إلى استخدام المدخلات بصورة لا تؤدي إلى تحقيق الحد الأعلى من الإنتاج, ويعتقد المؤيدون أيضاً أن المؤسسة العامة غالباً ما تتوصل إلى رأس المال بصورة مدعومة, مما يؤدي إلى استخدامه بصورة لا تعكس تكلفته الحقيقية. وترى مدرسة حقوق الملكية, أن حافز الإدارة لتعظيم الربحية وتقليل التكلفة يكون ضعيفاً في حالة الملكية العامة, وذلك لأن البيروقراطية وغياب حملة الأسهم الذين يكون لديهم مصلحة في تعظيم الأرباح, يقلل الضغط على الإدارة في السعي لتحقيق كفاءة الأداء وتحقيق الحد الأعلى من الربحية.

وتقول وجهة نظر أخرى في أدبيات الخصخصة، إن عدم كفاءة القطاع العام يرجع في الحقيقة إلى عدة أسباب لا علاقة لها بالمسببات الاقتصادية, فكما هو معلوم أن للمؤسسات العامة أهدافاً اجتماعية, غالباً ما يتضارب تحقيقها مع أهداف الكفاءة الاقتصادية، فمثلاً في الغالب ما يتضخم هيكل المؤسسات العامة بهدف خلق فرص للعمالة. وفي هذه الحالة فهي تساهم في إعادة توزيع الدخل بصورة أفضل وفي تحقيق مستوى أفضل من الرفاهية الاجتماعية، وللأسباب نفسها فإن المؤسسات العامة لا تعتمد الأسس التجارية في عملها, بأن تقوم بتقديم الخدمة أو السلعة بأثمان لا تعكس تكاليفها الفعلية، كذلك فإن إدارة مؤسسات القطاع العام تعاني من الروتين والبيروقراطية, مما قد يكون السبب الحقيقي وراء عدم كفاءتها.

وكما تقول الأدبيات, فإن للخصخصة مدلولات هامة فيما يتعلق بالكفاءة التوزيعية للموارد, والتي يمكن تحقيقها حينما تعكس الأسعار النسبية للموارد قيمتها الحقيقية, غير أن البعض يرى أن الشرط الأساسي لتحقيق التوزيع الأمثل للموارد تحت ظل الخصخصة, هو حرية حركة المنشآت بحيث تخرج من القطاعات ذات العائد الضعيف إلى القطاعات الأكثر ربحية, وتجد بعض الأدبيات صعوبة في تقبل الاعتقاد السائد, بأن كفاءة توزيع الموارد سوف تتحسن بتطبيق الخصخصة، حيث تعتبر الكفاءة التوزيعية أحد مهام هيكل السوق وليس شكل الملكية. ويرى هؤلاء أن درجة التنافس في القطاع المهني لها واقع إيجابي أكثر من الخصخصة وبالتالي فإن زيادة درجة المنافسة بالتقليل من المؤسسات الاحتكارية, يصبح هدفاً هاماً في سبيل تحقيق مكتسبات الكفاءة الكلية, وبطريقة أكثر وضوحاً فإن تحويل المؤسسات الاحتكارية العامة إلى مؤسسات احتكارية خاصة لن يؤدي إلى تحسين في الكفاءة التوزيعية.

الطاقة الشمسية

أشكال وأنواع الخصخصة:

تأخذ عملية الخصخصة أشكالاً مختلفة حسب الظروف الخاصة التي تمر بها الدول المعنية ، وحسب المرحلة التي قطعتها في عملية إعادة الهيكلة ، ومستوى المقاومة التي تبديها القوى المناهضة للخصخصة ، ومن هذه الأشكال :

أ ) تخصيص الإدارة:

و ينطوي هذا النوع من أشكال الخصخصة بأفضلية القطاع الخاص, والعجز أو القصور في الإدارة العامة ويعد هذا الشكل مرحلة تمهيدية وأولية للخصخصة، ضمن اعتبارات محلية متعلقة بقدرة القطاع الخاص على شراء الأصول والموقف العام من مسألة نقل الملكية وتتضمن عملية تخصيص الإدارة:

1-     عقود الإدارة:

وهي العقود التي تبرمها الحكومة أو الجهة مع المؤسسات والأفراد المحليين والأجانب لإدارة المنشأة العامة، لقاء أجور محددة أو نسبة من العائدات، أو حصة من رأس مال المنشأة, ولا تعد الإدارة في هذه الحالة مسؤولة عن المخاطر التجارية أو عن التدهور في قيمة أصول المنشأة, إلا إذا تم النص في العقد على ذلك. وكثيراً ما تلجأ الدول النامية لمثل هذا النوع من أشكال الخصخصة, وذلك لإدارة بعض المنشآت الإستراتيجية مثل الفنادق الكبرى وبعض المنشآت الصناعية المتطورة, نتيجة افتقاد الجهاز الإداري المحلي أو عدم توفر الكفاءات الضرورية لإنجاح عمل مثل هذه الشركات أو المنشآت.

2– التأجير:

وتتيح عقود التأجير استثمار الموارد والأصول من قبل القطاع الخاص، لقاء رسوم أو أجور محددة من قبل الدولة، وفي هذه الحالة قد يطالب المستأجر بتخفيض عدد العاملين، واستبدال عناصر الإدارة العامة بعناصره, حيث إنه معني بتحقيق معدلات من الريعية مناسبة، وتخفيض تكاليفه، والمحافظة على أصول المنشأة وفي بعض الحالات, تأخذ عملية التأجير طابع (التأجير التمويلي أو الامتياز ) الذي يتيح للمستثمر إدارة واستثمار المشروع لمدة زمنية محددة، تعود ملكيته بعد ذلك للدولة، وفي العديد من الحالات يتم التعاقد على التأجير لفترات زمنية طويلة نسبياً بغرض جعل فكرة نقل الملكية مقبولاً.

ب) البيع الجزئي:

تلجأ بعض الحكومات إلى بيع جزء من أسهم أو حصة من المنشآت العامة، كخطوة تمهيدية نحو نقل الملكية إلى القطاع الخاص بشكل كامل، ويكون الغرض أحياناً إقامة قطاع مشترك، ومشاركة القطاع الخاص في الإدارة. كما تطرح أحياناً أسباب مالية, بغرض زيادة رأس المال أو التوسع بشكل عام مبرراً لهذه العملية، ويأخذ البيع الجزئي طابع المرحلة الانتقالية للخصخصة, من خلال احتفاظ الدولة بجزء من الأسهم أو بأسهم خاصة (الأسهم الذهبية ) للمحافظة على إمكانية التدخل في مجلس الإدارة، وتوجيه الاستثمارات أو الرقابة على عمل المنشأة بعد تخصيصها. وعادة ما تلجأ الدولة إلى هذا الأسلوب في القطاعات الهامة والأساسية، مثل تدخل المملكة المتحدة في توجيه الاستثمارات والعمل في قطاع الكهرباء بعد تخصيصه من خلال السهم الذهبي الذي احتفظت به. 

ج) نقل الملكية إلى الإدارة والعمال:

هناك ثلاثة أساليب لتمليك العاملين في رأسمال المنشأة هي: اختيار الأسهم وخطط مشاركة العاملين في رأس مال الشركة، وتمويل أعضاء الإدارة في شراء أسهم المنشأة بالاقتراض.

– اختيار الأسهم: ويقصد به إصدار المنشأة لوثيقة باسم كل عضو من أعضاء الإدارة, وتعطيه الحق في شراء حصة من أسهم رأسمال المنشأة, في تاريخ لاحق وبسعر يحدد في الوثيقة عادة يكون أقل من أسعار الأسهم المطروحة للاكتتاب.

– خطة مشاركة العاملين في ملكية المنشأة: وفيها تقوم وحدة تنظيمية مختصة نيابة عن العاملين (قد تكون نقابة العمال) بالحصول على قرض طويل الأجل بهدف استخدام حصيلته لتمويل شراء جزء من الأسهم العادية, أو حصة في رأسمال الشركة التي يعملون فيها. ويتم تسديد خدمة القرض ( أقساط وفوائد ) من التوزيعات التي تتولد عن الأسهم المشتراة.

– شراء الإدارة أو العاملين أسهم المنشأة بأموال مقترضة: فيتم ذلك بشكل ينتهي إلى أن تكون نسبة القروض إلى حقوق الملكية 1/5 بل ولم تتجاوز نسبة حقوق الملكية في رأس المال في بعض الحالات 2%, وفي الحالات التي تنتهي الشركة بأن تكون مملوكة لعدد محدود من المساهمين, فحينئذٍ تتحول من شركة مساهمة إلى شركة خاصة يديرها ملاكها الجدد.

د) – الاكتتاب:

وهنا يكون اكتتاب عام على المنشآت المطروحة للخصخصة من قبل المواطنين بشكل عام، وذلك من منطلق توسيع قاعدة الملكية، وإتاحة فرص متكافئة للجميع, في الحصول على أسهم الشركات من منطلق توسيع قاعدة الملكية، وإتاحة فرص متكافئة للجميع في الحصول على أسهم الشركات المطروحة للخصخصة. وقد تم اختيار هذه الطريقة في دول أوروبا الشرقية نتيجة عدم وجود سوق مالية متطورة, بالإضافة إلى ضعف رأس المال الخاص بشكل عام في هذه الدول.

هـ) البيع الكلي المباشر:

تعد عملية البيع المباشر أكثر الطرق انتشاراً واستخداماً لنقل الملكية, حيث شكلت خلال السنوات الماضية حوالي 80% من إجمالي المعاملات خلال السنوات ( 1988 – 1993 ) ونحو 58 % من إجمالي الإيرادات وشكلت هذه الطريقة أيضا 86 % من إجمالي المعاملات عام 1994, وتأخذ عملية البيع المباشر عدة أشكال من أهمها

1-استدراج العروض, وتستخدم هذه الطريقة في بيع المنشآت الهامة والإستراتيجية, والتي تطلب إدارتها مواصفات خاصة وقدرات تمويلية, وخبرات في المجال الذي تعمل فيه، إلا أن هذه الطريقة تفتقد للشفافية الكافية، وتؤدي إلى ضياع جزء هام من الموارد وتمركز الثروة.

2-المزاد العلني: وتتيح هذه الطريقة فرصة أكبر من الشفافية, إلا أنها تمنع أشكال التواطؤ بين المشتركين لتخفيض قيمة الأصول.

3-البيع عن طريق السوق المالية: وذلك عن طريق طرح أسهم المنشأة المراد بيعها في السوق المالية، وتتطلب هذه الطريقة وجود سوق مالية نشطة وشفافية عالية في تقييم أوضاع المنشآت المطروحة للبيع، إلا أن أغلب الدول النامية تفتقر إلى أسواق مالية واسعة نشطة وشفافية عالية في تقييم أوضاع المنشآت المطروحة للبيع.

4-البيع بالتراضي: ويتم اللجوء إلى هذه الطريقة عند بيع منشآت إستراتيجية وهامة, في قطاع الخدمات العامة، أو الصناعات الإستراتيجية, حيث أهلية المستثمر الجديد وقدرته على التطوير والتحديث شرط أساسي في عملية نقل الملكية.  وفي هذه الحالة, يتم اختيار مستثمر استراتيجي محلي أو أجنبي وفق شروط ومواصفات محددة, وغالباً ما يكون ذلك على حساب قيمة الأصول المطروحة للبيع، وعلى حساب الشفافية المطلوبة في هذه العملية.

5- بيع الأصول المحلية لقاء الديون الخارجية, وذلك بهدف التخلص من الأعباء المترتبة على الديون الخارجية، ولكن حق المستثمر الجديد في إخراج الأرباح وحصيلة بيع هذه الأصول, من شأنه أن يشكل ضغطاً على حصيلة القطع الأجنبي، لا تقل بل يمكن أن تزيد عن تحويلات خدمة الدين الخارجي، عدا ما يحمله ذلك من خطر زيادة نفوذ رأس المال الأجنبي في الاقتصاد الوطني.

اسباب تشجيع مشاركة القطاع الخاص

ان خصخصة قطاع الطاقة الكهربائية عملية متطورة وتتغير تشريعاتها بحسب البيئة الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد. الا ان الطلب السريع على الكهرباء، ونقص التمويل اللازم والمتوافر لدى الحكومات، يخلقان آفاقاً واسعة لاستثمار القطاع الخاص في قطاع الطاقة الكهربائية، ويزرعان بذور التغيير في تركيبة المؤسسات الحكومية وتشغليها، بهدف:

فصل انشطة الطاقة الكهربائية

“اثبتت التجارب العالمية اهمية جدوى فصل نشاطات وظائف الطاقة الكهربائية الثلاث (التوليد والنقل والتوزيع)، عند التوجه الى خصخصة القطاع مع المحافظة على تأمين تغذية المشتركين بالطاقة بالسعر الافضل، كما ان الظروف الاقتصادية والاهداف السياسية وظروف العمل والعوائق الادارية، مجتمعة، تحدد كيفية اعادة تنظيم الشركة المعروضة للخصخصة، والخطوات الواجب اتخاذها لتحضيرها للبيع، وتنظيم عملية البيع والمفاوضات التي ترافقها من اجل تحقيق الفوائد الاقتصادية المطلوبة” .

ان الدروس المستفادة من نموذج بريطانيا وويلز في خصخصة قطاع الكهرباء تؤكد جدوى فصل وظائف قطاع الكهرباء الثلاث (التوليد والنقل والتوزيع) عن بعضها البعض. وقد قامت عدة دول أخيرا بفصل الوظائف الثلاث، نذكر منها الارجنتين واوكرانيا وبولونيا وبوليفيا والبيرو والمجر وبلدان نامية اخرى .

ففي الارجنتين اثنتان وعشرون شركة توزيع اساسية. وتعتبر وظيفة النقل احتكاراً طبيعياً، على خلاف وظيفة التوليد. اما التوزيع، فيعتبر احتكاراً طبيعياً، فقط في منطقة معينة. كما انه لا يسمح لاي منتج في وظيفة التوليد بالسيطرة على اكثر من عشرة في المئة من قدراته.

في المملكة الاردنية الهاشمية، اقر آخر قانون للكهرباء (قانون 13 لعام 1999) السماح باعادة هيكلة شركة الكهرباء الوطنية وتحويلها ثلاث شركات للتوليد والنقل والتوزيع، ومن ثم خصخصة النشاطات المتعلقة بالتوليد والتوزيع.

في المملكة العربية السعودية، بناء على التعديدات التشريعية الاخيرة (عام 1999)، فصلت شركة الكهرباء الوطنية الى ثلاثة شركات: شركة توليد الكهرباء الوطنية، شركة توزيع الكهرباء، وشركة الكهرباء الوطنية العائدة اليها نشاطا النقل والتحكم.

اما قانون تنظيم قطاع الكهرباء في لبنان، فقد لحظ، في المادة الثالثة منه، “مبدأ استقلالية كل من نشاطات الانتاج والنقل والتوزيع للكهرباء وظيفياً وادارياً ومالياً” كما لحظ، في المادة الرابعة منه، “تأسيس شركة مغفلة واحدة او اكثر (…) تعرف كل منها بـ”شركة مخصخصة”، يكون موضوعها القيام بكل نشاطات الانتاج والتوزيع او ببعضها…”. اما المادة الخامسة من القانون المذكور فقد اقرت “للحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وخلال مهلة اقصاها سنتان من تاريخه انشاء اية شركة مخصخصة، ان تبيع نسبة لا تتجاوز الاربعين في المئة (40%) من اسهم كل شركة مخصخصة من مستثمر في القطاع الخاص…”.

اهمية المنافسة

اشارت دراسة تحليلية لـ15 استثماراً للقطاع الخاص في بنى تحتية، منها توليد الطاقة الكهربائية، الى ثلاث نتائج”:

أ- ان الاستثمار في هذا المجال ليس احتكاراً طبيعياً، اذ يمكن ادخال المنافسة في نقاط البيع، وذلك بالسماح للمستثمرين من القطاع الخاص بالمنافسة وفق شروط عادلة;

ب- حققت الخصخصة ارباحاً اقتصادية بتكلفة اقل وزيادة سريعة في تغطية رأس المال واستنزاف اقل لموازنة الحكومة;

ت- كانت حال المستهلكين افضل بكثير قبل الخصخصة في حال تحول الاحتكار الى القطاع الخاص، بدلاً مما كان في يد القطاع العام. وهذا يشير الى اهمية تشكيل هيئات التنظيم المستقلة بعد الخصخصة (4).

وقد تبين من الدروس المستخلصة من نماذج:

1- الارجنتين وتشيلي: وجوب وضع حدود لحجم المنتجين لضمان المنافسة. وباعتبار ان وظيفة التوليد هي نشاط تنافسي، فقد قسمت هذه الوظيفة 24 وحدة عمل وبيعت الى القطاع الخاص، في حين اعتبرت وظيفة النقل احتكاراً طبيعياً وشركات التوزيع الاثنتان والعشرون احتكاراً طبيعياً، كل في منطقة معينة. اما في تشيلي، فقد ربط سعر الطاقة المنظم بسعر السوق، لكي ينتفع صغار المستهلكين بتحسين الكفايات الناتجة من المنافسة (5).

2- انكلترا وويلز: فسح المجال للمنافسة على صعيدي البيع بالجملة والمفرق، اذ تم فصل توليد الطاقة عن النقل، وتمت خصخصة القطاع (عام 1990)، ووضعت ضوابط لتشجيع المنافسة والحد من استغلال المحتكرين، الامر الذي ادى الى تنزيل النفقات الحقيقية لوحدة الطاقة (كيلواط ساعة) بنسبة نحو 50%، في حين انخفضت اسعار تجمع الطاقة Pool Prices)) بنسبة 20% (6).

3- في العديد من الدول الاخرى (تشيلي، النروج، فنلندا، هولندا…)، التي اتبعت النموذج الانكليزي، نجحت الخصخصة، وبخاصة في مجال المنافسة.

ولم يغفل قانون تنظيم قطاع الكهرباء في لبنان اهمية المنافسة، فلحظ في المادة الثانية عشرة – الفقرة الرابعة منه: “تأمين المنافسة في قطاع الكهرباء وتشجيعها ومراقبة التعرفات غير التنافسية وضبطها وتأمين شفافية السوق”.

العناصر المهمة الاخرى وتوضيحات

في ما يتعلق بالعناصر المهمة الاخرى وتحديداً تحسين كفاية التشغيل، واستقلال تنظيم القطاع، والاجراءات التجارية الشفافة، والتسعير العادل للكهرباء”، فقد ركز عليها ايضاً قانون تنظيم الكهرباء في لبنان، وبالتالي لن نتطرق اليها بالتفصيل، باعتبارها مسلمات تقع ضمن مهمات هيئة تنظيم قطاع الكهرباء وصلاحياتها (المادة الثانية عشرة) الذي اقر القانون المذكور انشاءها (المادة السابعة)، ومنحها الشخصية المعنوية والاستقلال الفني والاداري والمالي.

وعليه، لا بد في هذا المجال من بعض التوضيح والتحذير. فاذا كان لخصخصة قطاع الكهرباء فوائد عديدة جمة تختلف بحجمها ونتائجها من بلد الى بلد، فان للخصخصة مساوئ تختلف بحجمها ونتائجها ايضاً من بلد الى بلد. ولعل هيمنة الشركات العملاقة العالمية ورأس المال الخارجي وعدم قدرة الشركات ورأس المال المحلي على المنافسة، هما ابرز هذه المساوئ. اضف الى ذلك، الخشية من ضعف دور الجهاز المنظم وفاعلية الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء (Regulatory Body)، وبالتالي دور الدولة بحيث ننتقل من احتكار القطاع العام الى احتكار القطاع الخاص الذي يسعى بشتى الوسائل وراء اقصى المكاسب. والبعض يخشى من ان يكون تحرر الدول النامية من الاستعمار السياسي هو في طور التبدل نحو الاستعمار الاقتصادي من خلال مشاركة الشركات ورأس المال الخارجي (5).

خطوات متوجبة بعد صدور قانون تنظيم الكهرباء

أستطيع التأكيد ان قانون تنظيم الكهرباء الجديد في لبنان تضمن العناصر المبدئية الاساسية الضرورية لعصرنة القطاع الكهربائي. ولكن النجاح المستقبلي يكمن في كيفية تطبيق احكام القانون المذكور، وفي ملائمة الخطوات اللاحقة للواقع الكهربائي غير التقليدي الناشئ والمستمر منذ ما بعد عام 1975 وبخاصة ان وظيفة التوزيع تشكل اساس الداء والدواء.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتمكن الدولة من الضبط والمراقبة والاشراف الفعلي على عمل القطاع الخاص في القطاع الكهربائي، وبخاصة وظيفة التوزيع، حيث معظم الاهدار الفني وغير الفني والمالي، وحيث لها من تجربتها غير المرضية مع الامتيازات التي كانت قائمة او التي لا تزال قائمة؟

في وظيفة التوزيع هذه، يقتضي استيعاب الفرق بين شبكة التوزيع كانشاءات وتجهيزات، وادارة الطاقة المنقولة على هذه الشبكة، اي تسويق التيار للمستهلك واسترداد قيمته. فبالاضافة الى خفض الخسارة الفنية وتحسين الكفاية التقنية، فأن النجاح الاساسي يكمن في الاداء الاداري وضبط توزيع الطاقة وخفض الخسارات غير الفنية وتحصيل الفواتير. وبعكس وظيفة التوليد، فان طبيعة استثمار شبكة التوزيع في منطقة ما هي محض احتكارية وغير تنافسية. وهذا يعني انه يمكن فقط – في حال مشاركة القطاع الخاص – تقسيم لبنان مناطق عدة واجراء مناقصة تنافسية وفق دفتر شروط نموذجي ومدروس ومنح افضل العارضين امتياز توزيع الطاقة في كل منطقة وللمدة المحددة في دفتر الشروط. يبقى ان تقوم الهيئة الوطنية المشرفة (Regulatory Boody) بدورها ومهمتها الرقابية والاشرافية، والا انتقلت وظيفة التوزيع من احتكار القطاع العام الى احتكار القطاع الخاص ودفع المواطن العبء مضاعفا.

اما وظيفة التوليد حيث المعامل محصورة في بقعة معينة والانتاج يتطلب استثمارات كبيرة ويخضع لسوق تنافسية حادة تفرض مستوى رفيعا من الاداء التقني والاداري، فمشاركة القطاع الخاص، ولا سيما الاستثمار الخارجي، رهن باطار استثماري سليم وتنظيمات مقبولة وضمانات تنافسية شفافة ومطمئنة (5).

وقد سبق ان اشرنا الى وظيفة القطاع المتبقية، اي النقل (ومعها التحكم بشبكة النقل). فطبيعة هذه الوظيفة هي ايضا احتكارية وستبقى في يد القطاع العام، اي مؤسسة كهرباء لبنان. ويشترط هنا عصرنة الادارة فيها، ولا سيما تعجيل انشاء المركز الوطني للتحكم (National Control Center NCC) وتركيزه وبالاخص في ضوء الربط الاقليمي لشبكات النقل الكهربائي.

في ضوء التوضيحات والتفصيلات اعلاه، ما هي الاجراءات التسلسلية المطلوبة؟:

1- تشكيل الهيئة الوطنية لتنظيم القطاع دون تأخير، ومباشرة العمل بدءا بمتابعة اصدار المراسيم الخاصة بها، ولا سيما مرسوم النظام الداخلي للهيئة والانظمة الادارية والمالية وانظمة العاملين لديها وكيفية تمويلها واسس الترخيص وخلافه، وذلك وفق احكام قانون تنظيم قطاع الكهرباء. وفي هذا المجال يمكن الهيئة متابعة الخطى المتخذة من وزارة الطاقة والمياه والتعاقد مع مكتب استشاري عالمي لوضع دراسة اعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان، ودقائق فصل وظائف القطاع الثلاث، ومتطلبات جذب اهتمام القطاع الخاص (المحلي والخارجي) بالمشاركة، ونوع هذه المشاركة وحجمها.

2- وفي اطار فصل وظائف القطاع الثلاث واولوية معالجة وظيفة التوزيع اولا، وضمان سلامة هذه العملية ونجاحها قبل خصخصة اي من وظيفة التوليد، تقسيم لبنان مناطق عدة واجراء مناقصة تنافسية وفق دفتر شروط نموذجي ومدروس، ومنح افضل العارضين امتياز توزيع الطاقة في كل منطقة وللمدة المحددة في دفتر الشروط.

ولا بد في هذا المجال، من ضرورة تشجيع مشاركة القطاع الخاص المحلي، وبخاصة في وظيفة التوزيع، لسببين رئيسيين.

– سهولة استيعاب التقنيات المطلوبة في وظيفة التوزيع من القطاع الخاص المحلي، وتوافر الخبرة الادارية الاستثمارية محليا (المثبت في امتيازي جبيل وزحلة)، وتمكن افضل المؤسسات المحلية من فهم واقع التوزيع الكهربائي في لبنان وخصوصياته وتعقيداته، والتغلب على معوقات نجاحه.

ب – من تجربة الازمة المالية في شرق آسيا، لم تتأثر المشروعات الكهربائية الخاصة المملوكة من مستثمرين محليين كثيرا بعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية، مثل مشروعات ماليزيا وتايلاند، وبالتالي تقليص تعريض المشروعات الكهربائية للخطر بسبب عدم المواءمة بين الايرادات بالعملة المحلية والالتزامات (6).

3- وبشكل متواز مع وظيفة التوزيع، تلزيم “المركز الوطني للتحكم (National Control Center)، بعقدين منفصلين، ولكن متزامنين:

* العقد الاول، من خلال شراء جهاز محاكاة للتحكم (Simuulator) والتدرب عليه لاكتساب خبرة سريعة في ادارة شبكة النقل الكهربائي.

* والعقد الثاني، شراء المركز الوطني للتحكم وتركيزه ووضعه قيد الاستثمار.

4- وفي انتظار نتائج مشاركة القطاع الخاص في وظيفة التوزيع (وفق ثانيا اعلاه)، يكتفي بأن تكون مشاركة القطاع الخاص في وظيفة التوليد في حدود تلزيم التشغيل والصيانة لمعامل التوليد الحراري الكبرى (البداوي والزهراني وربما الزوق).

سابعا – مقاربة الخطوات المتوجبة بالخطوات المتخذة

من المفترض، على اثر صدور قانون تنظيم الكهرباء الجديد، ان تحدد الحكومة وتعجل الخطوات اللاحقة لتنفيذ احكام القانون المذكور، وتضع برنامجا زمنيا لآليات التنفيذ وتعلنه على الملأ، بدءا باصدار مراسيم انشاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء وتعيين اعضائها. الا ان هذا الامر لم يتم حتى تاريخه، وبقيت المداولات في هذا الشأن في اطار المجلس الاعلى للخصخصة الذي حافظ على سرية تلك المداولات.

وقد فاجأ المهتمين بالموضوع اعلان، باللغة الانكليزية، صادر عن المجلس الاعلى للخصخصة (نشرت نسخة منه في عدد “النهار” الصادر بتاريخ 15 تشرين الاول 2002)، اشارت فيه الحكومة اللبنانية الى صدور قانون تنظيم قطاع الكهرباء وما ورد فيه في شأن مشاركة القطاع الخاص وانها، من اجل ان تطلق في سنة 2003 مناقصة عالمية تبعا لذلك، طرحت – في ما طرحت – رغبتها في تسلم “تصاريح اهتمام (Expressions of interest)” من شركات قادرة ومستثمرين مؤهلين لاختيار (ترجمة حرفية):

“- مشغل من ذوي الخبرة او اكثر في قطاع الطاقة، كل يعمل منفردا او بمشاركة مستثمرين آخرين، على الا يتجاوز حصوله، في مرحلة اولى، على نسبة 40% من القطاع مع تولي الادارة، لكل من الشركة او الشركات المنشأة حديثا والتي ستحول اليها كل ممتلكات ونشاطات التوليد والتوزيع أو جزء منها.

– مشغل من ذوي الخبرة لادارة شبكة النقل، التي ستبقى بملكية الدولة.

ان المشغلين القادرين والمستثمرين الآخرين يمكن ان يصرحوا عن اهتمامهم بهذه الخصخصة، اما منفردين او كمجموعة (التي يجب الا تشمل اكثر من مشغل واحد)… “.

ان مضمون الاعلان المذكور يشوبه بعض الغموض ويمكن أن يفسر بطرق متعددة، كما ان الاعلان استبق انشاء هيئة تنظيم القطاع وأجاز المجلس الاعلى للخصخصة لنفسه ان يكون بديلاً منها.

هناك مجموعة من الاسئلة يجب توضيحها للراغبين في المشاركة ليكونوا على بينة من امرهم، ويتأكدوا من فهم وتقدير الخطوات الحكومية اللاحقة وتراتبيتها، وحدود صلاحياتهم ومسؤولياتهم، ومقدار الشفافية والوثوقية والضمانات التي ترعى اعمالهم، ومنها:

– ما هي خطط الحكومة وبرامجها في قطاع الكهرباء وفي كل من وظائفه الثلاث، اقله على المديين القصير والمتوسط، في ضوء قانون تنظيم الكهرباء الجديد؟

– ما مدى رغبة الحكومة في فصل نشاط وظيفتي التوليد والتوزيع؟

– هل ستعطى وظيفة التوزيع الاولوية زمنياً، ام ستسير جنباً الى جنب مع وظيفة التوليد؟

– ما هي حظوظ سداد الاموال المتوجبة عن كل كليو واط ساعة يتم توليده او نقله او توزيعه؟

– ما مقدار الدعم الحكومي الفعلي لجهة تطبيق الانظمة والقوانين المرعية؟

– ما هي امكانات الربح بالمقارنة مع فرص الاستثمار المتوافر؟

– هل سيسمح لمشغل واحد بامتلاك حتي نسبة 40% من وظيفتي التوليد والتوزيع؟ وماذا يبقى من عنصر المنافسة في حالة كهذه؟

– الى اي مدى سيسمح لهيئة تنظيم القطاع بالعمل باستقلال وشفافية وتقنية، بعيداً من الضغوط السياسية والطائفية والعائلية…؟ والى متى سيتأخر تعيينها واعداد المصادقة على المراسيم التنظيمية والتطبيقية بشأنها؟

– الى اي مدى سيشجع المستثمر المحلي بالمشاركة، وبخاصة في مجال التوزيع؟

وما لم تتم الاجابة بوضوح وعلانية عن تلك الاسئلة واخرى في السياق نفسه، فسيبقى السؤال الآتي يطرح نفسه دون جواب واضح:

“قطاع الكهرباء في لبنان، من احتكار القطاع العام الى احتكار القطاع الخاص”؟

يوجد في ملاك شركة كهرباﺀ لبنان 4800 عامل، 2000 منهم موظفون والباقون يعملون على الفاتورة من خلال متعهدين، ومتوسط أعمار الموظفين 52 سنة.

وتعد الكهرباء في لبنان عبءاً مالياً ضخماً يرهق الخزينة ويشكل جزءاً رئيساً من الاقتراض الإضافي للبنان الذي باتت العتمة فيه أمراً مألوفاً رغم المقومات الاقتصادية الأخرى كالسياحة التي تفرض تحركاً أكثر جدية لتأمين الطاقة على مدى 24 ساعة.

وطاقة لبنان الإنتاجية الاسمية هي في حدود 2000 ميغاواط سنوياً، والمطلوب 2200 ميغاواط، فيما الطاقة الفعلية تتراوح في الوقت الحالي بين 1600 و1700 ميغاواط.

وهناك 7 معامل حرارية هي الزوق والجية والزهراني وصور ودير عمار والحريشة وبعلبك، إضافة إلى معامل مائية هي الليطاني ونهر البارد والصفا.

وكانت الحكومة أعدت في يناير 2007 برنامج إصلاح شامل لقطاع الطاقة، لكن هذا البرنامج لم يبصر النور إلى اليوم.

ويرى البنك الدولي في دراسة له عن «الإنفاق العام على قطاع الكهرباء» أن هذه الإصلاحات، فيما لو طبقت، ستخفض الدعم لهذا القطاع إلى أقل من 1 بالمئة ابتداء من 2010.

ويوضح البنك من خلال الدراسة أن الدعم المطلوب هو لتغطية العجز في العائدات غير الكافية والناتج من التعرفة المنخفضة، والجباية المتدنية للفواتير، إضافة إلى الاستمرار في استخدام الفيول أويل على الرغم من أن المعملين الرئيسين، أي دير عمار والزهراني، مصممان للعمل على الغاز الطبيعي، فضلاً عن التكلفة العالية على صعيد التشغيل والإدارة، وعدم كفاية الصيانة المنتظمة وقطع الغيار، ويضاف إلى ذلك الخسائر الفنية العالية جداً، وهو ما يسبب ارتفاعاً في تكلفة توليد الطاقة.

وتخلص دراسة البنك الدولي إلى أن القطاع يعاني أزمة عميقة، ويسبب نزيفاً هائلاً في أموال الحكومة، كما يرتب ضعف التغذية بالتيار الكهربائي من جانب مؤسسة كهرباء لبنان خسائر على الصناعة تقدر بنحو 400 مليون دولار.

الهدر الفني

إن الهدر الفني يقدر بـ15 بالمئة، وغير الفني (السرقات والتعديات) 20 بالمئة، و«المشكلة تتعلق بالهدر الفني الذي يتطلب مؤازرة أمنية لوقف التعديات».

فنسبة الجباية تبلغ 90 بالمئة للطاقة المفوترة (الصادرة قيمتها عن طريق الفواتير).

و عجز المؤسسة، إن موازنة العام 2009 قدرت العجز بقيمة 1.4 مليون دولار على أساس سعر برميل النفط 54 دولاراً، وهذا يعني أن العجز سيتخطى الملياري دولار العام 2009.

وكشف أن المؤسسة بصدد التحضير لموازنة العام 2010، لافتاً إلى أن العجز الكبير مرده إلى تكلفة الإنتاج العالي.

ويذكر أن مؤسسة كهرباء لبنان تتولى أمور إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية على كافة الأراضي اللبنانية، كما تقوم بشراء كميات من الطاقة من مصادر محلية، مثل المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وشركة نهر إبراهيم وشركة البارد، وهذه المصادر تمتلك معامل تعمل على إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام المياه المتساقطة.

وتجدر الإشارة إلى هذه المعامل معظمها صغير، وتتحكم كميات المياه المخزنة بكميات الإنتاج التي تقل كثيراً خلال فصل الصيف.

معامل الإنتاج

يوجد في لبنان معامل عدة لإنتاج الطاقة الكهربائية المطلوبة، وتبلغ قدرتها المجهزة 2038 ميغاواط، وتقسم إلى نوعين: الأول المعامل الحرارية، وهي التي تستخدم المحروقات، مثل الفيول أويل، والديزل أويل، أو الغاز أويل لتوليد الطاقة الكهربائية، ويوجد في لبنان 7 معامل حرارية لإنتاج الطاقة، هي الزوق ويضم أربع مجموعات قدرتها المجهزة مجتمعة 607 ميغاواط، والجية الذي يضم 5 مجموعات بطاقة مجهزة تبلغ 346 ميغاواط، وصور الذي يضم مجموعتين بطاقة مجهزة إجمالية تبلغ 70 ميغاواط، وبعلبك الذي يضم مجموعتين بطاقة مجهزة إجمالية تبلغ 70 ميغاواط، والزهراني ويضم 3 مجموعات بطاقة مجهزة إجمالية تبلغ 435 ميغاواط، ودير عمار الذي يضم 3 مجموعات بطاقة مجهزة 435 ميغاواط، والحريشة الذي يضم مجموعة واحدة بطاقة مجهزة 75 ميغاواط.

وأما المعامل المائية فهي التي تستخدم المياه بهدف توليد الطاقة الكهربائية، وتصل قدرتها المجهزة الإجمالية إلى نحو 220.6 ميغاواط، وهي معامل الليطاني، وهي عبارة عن ثلاثة معامل تابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، طاقة الأول 108 ميغاواط، والثاني 48 ميغاواط، والثالث 34 ميغاواط، ومعامل شركة نهر البارد، وهي عبارة عن معملين صغيرين، طاقة الأول 13.5 ميغاواط، والثاني 3.7 ميغاواط، إضافة إلى معمل الصفا بطاقة 13.4 ميغاواط.

وتستخدم مؤسسة كهرباء لبنان وسيلتين لنقل الطاقة المنتجة من معامل الإنتاج، وهي الخطوط الهوائية والكابلات المطمورة.

وتقسم الخطوط الهوائية حسب التوتر الذي تنقله إلى ثلاثة أنواع، مجموع طولها 1336 كيلومتراً، وهي خطوط نقل التوتر العالي 220 كيلوفولط، بطول 290 كيلومتراً، وخطوط نقل التوتر العالي 150 كيلوفولط، بطول 292 كيلومتراً، وخطوط نقل التوتر العالي 66 كيلوفولط بطول 754 كيلومتراً.

وأما الكابلات المطمورة فتقسم أيضاً حسب التوتر الذي تنقله إلى ثلاثة أنواع، هي كابلات نقل التوتر العالي 220 كيلوفولط بطول 60 كيلومتراً، وكابلات نقل التوتر العالي 150 كيلوفولط بطول 39 كيلومتراً، وكابلات نقل التوتر العالي 66 كيلوفولط بطول 180 كيلومتراً، وكابلات نقل التوتر العالي 150 كيلوفولط بطول 39 كيلومتراً.

رفعت وزيرة المال ريا الحسن في الآونة الاخيرة مشروع موازنة 2010 إلى مجلس الوزراء، الذي ينتظر منه أن يباشر يوم الأربعاء المقبل بمناقشة أرقام مشروع القانون بمواده المئة والتسع والعشرين، واذا كان المشروع قد خلا من زيادة الضريبة على القيمة المضافة، إلا أنه يفتح الباب واسعاً أمام الخصخصة، بحسب ما أعلنته الحسن نفسها في تقريرها المرفق مع المشروع، مع فارق بسيط تمثل بتلطيف العبارة عبر القول “باشراك القطاع الخاص في معالجة قطاع الخدمات من اجل تأمين الايرادات اللازمة لخزينة الدولة”، وهو ما ورد صراحة تحت عنوان خيارات “التمويل” في المشروع الجديد للموازنة، الذي تضمن البند الثاني منه خيارا قضى بـ” إشراك القطاع الخاص، وخاصة في قطاع الاتصالات، وقطاع الكهرباء حيث الحاجة الملحة تفوق 1500 ميغاواط، وكذلك قطاع النقل إن لناحية تطوير شبكة الطرقات وتأهيلها والنهوض بالنقل العام وسكة الحديد وتطوير المرافئ وسواها…”، ويضيف البند “إن الحكومة عازمة على إقرار مشاريع القوانين التي تخوّل الدولة القيام بعملية التشركة لبعض القطاعات، ولا سيما قطاع الكهرباء وإشراك القطاع الخاص في مشاريع التنمية”.

قوم وفد رفيع من وزارة الطاقة والمياه اللبنانية بزيارة دولة الكويت مساء اليوم، في سياق الجولات على عدد من الدول العربية طلبا للمساعدة في تخفيض كلفة الوقود المستخدم في انتاج الطاقة الكهربائية في لبنان، التي باتت تستنزف الخزينة العامة.
وقال وزير المال اللبناني محمد شطح ان الدولة باتت عاجزة عن تغطية عجز مؤسسة الكهرباء، معلنا ان قيمة هذا العجز ستتراوح بين 2400 و2800 مليار ليرة لبنانية في العام 2009، اي ما يعادل 1592 و1857 مليون دولار، واعتبر ان هذا الرقم «يفوق، في كل المقاييس، أي رقم آخر في أي دولة تعاني عجزا في الكهرباء». والمعروف ان الدولة اللبنانية تعاني من عجز هائل في موازنتها العامة يبلغ حــــوالي 3،4 مليارات دولار في هذا العام، مما ساهم في رفع التقديرات لاجمالي الدين العام المصرّح عنه رسميا الى 46 مليار دولار في نهاية العام الجاري، بحسب الوزير شطح، اي ما يوازي 190 في المائة من اجمالي الناتج المحلي.
عقود نفطية مع الكويت
ويرتبط لبنان بعقود «من دولة الى دولة” مع كل من الكويت والجزائر لتأمين حاجات الكهرباء من الفيول اويل والمازوت المستخدمين في انتاج الطاقة الكهربائية، ويتم تنفيذ العقد مع الكويت عبر شركة نفط الكويت التي تشكو غالبا من التأخير في فتح الاعتمادات المالية لقاء وارداتها من الوقود الى مؤسسة الكهرباء، وتضطر ناقلاتها الى الانتظار لمدة اسابيع في عرض البحر قبالة السواحل اللبنانية بانتظار فتح هذه الاعتمادات قبل تفريغ حمولاتها، وهذا يؤدي الى تكبيد الخزينة العامة اللبنانية اكلاف اضافية ناجمة عن غرامات التأخير المنصوص عليها في العقد، والتي تقدّر بحوالي 30 الف دولار عن كل يوم.
أخطر الأزمات
وتُعتبر ازمة القطاع الكهربائي في لبنان من اخطر الازمات التي يواجهها هذا البلد، نظرا لانعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية البالغة، اذ ان تقديرات السلطات الرسمية تفيد بان الخزينة العامة انفقت اكثر من 10 مليارات دولار في السنوات الـ 15 الماضية، لاعادة تجهيز البنية التحتية للقطاع، وتمويل عجز مؤسسة الكهرباء التي تعود ملكيتها للدولة بالكامل.. الا ان هذا الانفاق لم يؤد الى معالجة الازمة حيث لا يحصل المواطنون والمؤسسات على تغذية كهربائية مستقرة، كما ان معدّل التغذية يقل عن 15 ساعة يوميا في معظم المناطق، ما عدا العاصمة التي تحصل على تغذية بمعدّل 21 ساعة يوميا.
عجز كهربائي
ويبلغ الفارق بين الانتاج الكهربائي والطلب الاستهلاكي حوالي 500 ميغاوات حاليا، ويتوقع ان يبلغ اكثر من 1000 ميغاوات في السنوات القليلة المقبلة، في حين ان الحكومة تدعم سعر الكهرباء للمواطنين والمؤسسات، اذ تتبنى تعرفة ثابتة تم وضعها على اساس سعر لبرميل النفط لا يتجاوز 25 دولارا، وعلى الرغم من ذلك فان جباية الفواتير تقتصر على 50 في المائة من الانتاج الموزّع بفعل ارتفاع الهدر الفني على الشبكة (15 %) والتعديات وسرقة التيار (35 % تقريبا).
امام هذا الواقع تطرح بعض الجهات اللبنانية خيار خصخصة القطاع كمخرج ضروري من الازمة المستفحلة، الا ان البنك الدولي تحفّظ في دراسة له على هذا الخيار، مشيرا الى انه اعدّ نموذجا ماليا يؤكّد ان كلفة انتاج الكهرباء عبر استثمارات القطاع الخاص سترتفع بمعدّل يتراوح بين 1.6 و3 سنتات على كل كيلووات واحد بالمقارنة مع الانتاج عبر استثمارت القطاع العام، وهذا من دون احتساب كلفة هوامش الارباح والضمانات التي سيطلبها القطاع الخاص.
لكن دراسة البنك الدولي اظهرت ان المؤسسات تتكبد اكلافا اضافية بقيمة 400 مليون دولار لتأمين الطاقة من مصادر بديلة، كما ان الاسر تتكبد اضافة بنسبة 25 في المائة على ميزانياتها من جراء استمداد الطاقة عبر المولّدات الخاصة.
خيارات وزير الطاقة

فهناك  خيارات عدّة للمعالجة، أبرزها:
الخيار الأول:

الإبقاء على ملكية قطاع الكهرباء بيد الدولة وإدارة مؤسسة كهرباء لبنان من قبلها، مشيرا إلى أن هذا الحل هو الأمثل نظريا، إذ يحفظ للدولة حقوقها، ويحافظ على مصلحة المواطنين عبر حمايتهم من تحويل مرفق الكهرباء إلى قطاع خاص احتكاري، غير أن اعتماد هذا الحل له محاذير، لأنه بموجب الخبرة القائمة في القطاع العام في لبنان، يشكل هذا الخيار استمرارا للوضع الحالي.
الخيار الثاني:

خصخصة قطاع الكهرباء بشكل كامل، وبيعه كليا إلى مستثمرين من القطاع الخاص ليصبح قطاعا حرا ومستقلا، معتبرا أن هذا الحل يبدو كأنه الدواء الشافي لما يعانيه هذا القطاع، وهو الأسهل نظريا بالنسبة إلى الدولة إذ يريحها من مسؤولية قطاع الكهرباء ومشاكله، لكنه، مع الأسف، لا يمكن إيجاد مستثمر يقبل بهذا المشروع، إلا إذا أمنت له الدولة مردودا مضمونا لكامل استثماره، وذلك طيلة مدة هذا الاستثمار.، ويخلص الى القول: «إذا، ما الفائدة من هذه الخصخصة ما دامت الدولة ستتحمل خطر الاستثمار، مما سيمنعها من شراء الطاقة من مصدر آخر بكلفة أقل، إذا وجد، والمستثمر يقطف ثماره!»
الخيار الثالث:

الإبقاء على ملكية قطاع الكهرباء بيد الدولة وشركة مؤسسة كهرباء لبنان.
موقف ضد الخصخصة الكاملة

و من ناحية أخرى، فإن هذا الخيار يجنب البلاد خطورة الخوض في مغامرة تخصيص هذا المرفق، لأن خصخصة هذا القطاع بحال الإحباط التي نعانيها كون كلفة الإنتاج لدينا هي إضعاف المعدل المعمول به عالميا، محتمل أن يكون لغير مصلحة البلد على المدى الطويل، خصوصا أنه من المتوقع أن تصل، في المستقبل القريب، ذروة الطلب على الكهرباء في لبنان إلى 20 مليار كيلوات/ ساعة في السنة، فكل 1 سنت إضافي على سعر الكيلووات/ساعة، سينعكس إلى 200 مليون دولار ربحا إضافيا للمستثمر في السنة، وذلك على حساب مصلحة المواطن والخزينة».

و لكي نتمكن من تحقيق نتيجة سريعة و فعالة يجب على الحكومة أن تأخذ بعض القرارات و منها:
1-   القرار الأول هو إقرار مشروع إنشاء معمل أو معملين بطاقة 1500 ميغاوات ليس المهم المنطقة في طرابلس أو سلعاتا أو الجية شرط أن تبدأ الدراسة والتلزيم من الآن، إضافة إلى استثمارات جديدة في إنشاء وتوسعة بعض محطات النقل من الضاحية الجنوبية والبحصاص في طرابلس والمارينا في ضبية إضافة إلى وسط بيروت الذي يحتاج محطة للأسواق الجديدة بطاقة تصل إلى 13 ميغاوات. هذه المشاريع إذا بدأت اليوم تحتاج إلى سنتين أو سنتين ونصف لإعطاء نتائجها وتوفير الطاقة اللازمة لسد النقص. حتى مشروع الوزير طابوريان بشراء مولدات وهو خطوة مرحلية، فإن تنفيذه يحتاج إلى 18 شهراً بالحد الأدنى أي سنة ونصف السنة ولا يؤمن كل الحاجة. وهذه الخطوة تحتاج إلى تمويل بقيمة 2,5 إلى 3 مليارات دولار بالحد الأدنى.
2-   القرار الثاني يتعلق بالوضع المالي للمؤسسة، وخصوصاً موضوع التعرفة وارتباطها بكلفة الإنتاج لوقف العجز والخسائر في المؤسسة التي ترهق المواطن والخزينة وتكلف الدولة عجزاً سنوياً يتراوح بين 800 مليون ومليار دولار وفقاً لموازنات السنوات الأخيرة وتبعاً لتطورات أسعار النفط. وهذه الخطوة تحتاج إلى قرار سياسي باعتبار أن أحداً من المرجعيات السياسية لا يستطيع تحمل قرار زيادة التعرفة، على الرغم من أن المواطن يدفع فاتورة ثانية إلى المولدات الخاصة بواقع 50 و60 دولاراً على الخمسة أمبيرات أي ما يوازي خمسة أضعاف سعر تعرفة الكهرباء ولا أحد يعترض. بينما تعديل التعرفة لن يصل إلى هذه الزيادة أو حتى نصفها لقاء تأمين الكهرباء لمدة 24 ساعة يومياً. تبقى الإشارة الأخيرة وهي أن كل الدراسات المحلية والدولية تضمنت إشارة إلى ضرورة إعادة النظر بالتعرفة على اعتبار أن التعرفة الحالية موضوعة على سعر برميل نفط بحدود الـ20 دولاراً (بين 18 و25 دولاراً منذ الثمانينيات). وهناك موضوع إزالة التعليقات والسرقات على الشبكات الذي يؤدي إلى هدر بالعائدات بشكل كبير بسبب الخلافات السياسية ما يزيد التعليق وتخريب المحطات في المناطق البعيدة عن سلطة الدولة، وحتى الواقعة ضمن السلطة باعتبار أن المناطق تغار من بعضها في التخلف عن الدفع وزيادة التعديات.
3-  القرار الثالث وهو الأهم يتعلق بتعزيز الجهاز البشري لمؤسسة الكهرباء وتفعيل الإدارة. فالاستثمارات الكبيرة الجدية والقائمة تحتاج إلى جهاز بشري يحميها ويحافظ على تطويرها وعائداتها من جهة، ويمنع التعديات عليها من جهة ثانية. وهذا القرار يحتاج إلى استعادة هيبة الدولة المفقودة في العديد من المناطق، ما يؤدي إلى سرقات الأسلاك وخطوط التوتر العالي والدخول إلى المحطات وفرض أوامر على العاملين بالتغذية لمناطق على حساب أخرى، في ظل أنظمة التقنين القاسية التي يعيشها المواطن والمشترك في كل المناطق تقريباً، بما فيها العاصمة بيروت، بينما الجهاز في المؤسسة عاجز عن تنفيذ محضر مخالفة أو غرامة على ألاف المخالفين من أصل المليون ومئة ألف مشترك في مؤسسة كهرباء لبنان. تبقى النقطة الأخطر وهي أن العناصر الكفوءة في مؤسسة كهرباء لبنان، إما أنها تغادر المؤسسة الى فرص أفضل أو أنها تطلب إجازات غير مدفوعة لتعمل بالقطاع الخاص وهذا سبب هزالة الصيانة في أجهزة كهرباء لبنان.
هذه قرارات تحتاج لخطوات وقرارات سياسية قبل أي شيء آخر. إذ من دون تفاهم الحد الأدنى لا يمكن لجهاز المؤسسة إزالة التعديات وتحسين الجباية في المناطق المتعددة. مع العلم بأن إزالة التعديات وتحسين الجباية و تخفيف الهدر من 40 إلى 15 في المئة، يزيد الإيرادات حوالى 200 مليار ليرة، أي حوالى 135 مليون دولار وهي تحل جزءاً من العجز. أما وصول الغاز من مصر والمنتظر منذ سنوات فإنه يساهم في تخفيض كلفة الإنتاج في معمل البداوي بحوالى 100 مليار ليرة، هذا إذا وصل باعتبار أن عمليات التجهيز وتشغيل المعمل على الغاز انتهت منذ نيسان من العام 2005، على أساس انتظار وصول الغاز من سوريا التي تعرضت هي نفسها لنقص في الغاز وعدم توافر كميات للتصدير. المهم أن الغاز يوفر بعض النفقات ويخفف قليلاً من العجز، لكنه لا يؤمن طاقة إضافية لسد النقص.

أخيرا ، الخصخصة لا يمكن أن نطبقها بسهولة ، فهناك عوامل عدة علينا أن نتبعها ، و لا يمكن للدولة اللبنانية أن تتبنى الخصخصة من دون إستراتيجية تجعلها تنافسية و أقل كلفة على المواطن اللبناني و ذو إنتاجية أفضل.

و دور المراقبة و المحاسبة و المساءلة مهمين جدا فعلينا تبني الهيئة الناظمة للخصخصة  لأجل حماية الخصخصة و حماية حقوق المواطن. و الخصخصة يجب أن تكون بعيدة عن السياسة ، فالمناقصات يجب أن تكون حسب العروض الأفضل و ليس حسب تقاسم المغانم فيما بين السياسيين.