مقالات

الإنماء يولد الإنتماء

شعار

لايمكن بناء وطن قوي وفعال يمتلك قوة تأثير في المحيط والعالم بدون وضع سياسة تنموية مُتقدمة يتم تطبيقهاعلى مختلف الصعد.

وقد لمسنا من خلال الواقع اللبناني المُعاش، أن المواطن في لبنان يعي تماماً أن البلد بحاجة الى تنمية حقيقية في مختلف الميادين تتخطى الكلام الانشائي، الى الارادة والفعل.

فالتنمية حقٌ للمواطن على الدولة التي لازالت مُقصّرة بعشرات الدرجات في هذا المجال بشكل خاص، لذلك نجدأن لإنتماءإلى الوطن وإلى الدولة  منقوصاً. وسيبقى الامر كذلك ما لم تتغير الذهنية الحاكمة التي لم تستطع أن تكون على مستوى تطلعات المواطنين.

أن الدورالذي ينبغي أن نأخذه جميعاً على عاتقنا  اليوم، هوالعمل والمشاركة الايجابية الفعّالة من أجل تعزيز حضور وطن قادرعلى التأثيرفي المحيط والعالم، ورفع شعارالتنمية- المقرون بالعمل- التي ينبغي أن تؤدي إلى رفاهية حقيقية يستحقها المواطن اللبناني الذي لا زال يعاني حتى اللحظة من الاهمال المُتكرّر.

وسوف يواجه وطننا لبنان محن اضافية عديدة إذابقي الوضع على ما هو عليه من هدر وفساد وطائفية بغيضة، وممارسات سياسية خاطئة!!

ان احتضان هذاالوطن لسبع عشرة طائفة..يشكل غنى ثقافياً ، وهو الاقدر على أن يكون مسرحاً لحوار الحضارات والثقافات اذا توفرت له الظروف المناسبة. وبهذاالتناغم  بين الطوائف والعيش المشترك، رغم كل العقبات، يتميزلبنان عن سائرالبلدان ..لبنان كا ن  جوهرة العرب وصلة الوصل بين الشرق والغرب.. وعلينا أن نعيد له حضوره ودوره الطبيعي، كمنارة للفكر وينبوع الابداع والمبدعين.

فلأجل وطننا..ولكي لانصحو يوما نجد اننا قدخسرناه…ها نحن نرفع شعار “التنمية المستدامة” لكل الوطن.

ان الوطن بحاجةالى أشخاص يملكون القدرة على التأثير في من حولهم، والى اصحاب الرأي واصحاب الفكر الذين ليس لهم مصلحة وهدف سوى رفعة شأنه واستقراره. لبنان بحاجة الى قادة يسكنونه قلوبهم ويحملون همومه وهمومه شعبه، ويسعون ليكون وطنا لجميع ابنائه فعلاً لا قولاً.

وقبل الدخول بالخطة الاصلاحية الشاملة والواسعة لإصلاح حالة الهدروالفساد وتقنين الطائفية والحد من الممارسات السياسيةالخاطئة، نلقي  الضوء قليلا على الواقع الراهن والحلول التي نراها قد تكون منقذة للوطن….

الكهرباء

تنمية البنى التحتية:

وضع الكهرباء في لبنان مأساة حقيقية! فمنذ اتفاق الطائف وحتى يومنا هذا، يعاني المواطن من التقنين المجحف ..و يُحمّل هذاالقطاع الدولة وميزانيتها أعباء كبيرة. ولا بد لنا من  أن نبحث عن حل جذري ليرتاح المواطن والدولة من هذاالعبء الذي يؤثرعلى مختلف القطاعات.

أما المياه التي تعد بترول العالم مستقبليا والتي تتناحرالشعوب للسيطرةعليها، نراها تذهب هدرا بينما يمكننا الاستفادة منها في مجالات مختلفة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر: توليد الطاقة الكهرمائية التي تخفف كثيرا من الأعباء على المواطن والدولة.

ويعاني المواطن اللبناني   أيضا من الطرقات الوعرة، ومن الحفريات والمطبات، وأزمة الصرف الصحي، والحل يكون  بوضع دراسة جدية  تسعى الى تنفيذ اصلاح جذري…فعلى كل الوزارات المعنية أن تعد برنامجا واقعياً، صالح للتنفيذ بأقصى سرعة ممكنة ،ينهي هذه الأزمات ولانريد “إستراتجية” الترقيع..

التنمية البشرية

التنمية البشرية:

يعتبرالشباب ثروة هامة وهائلة من ثروات المجتمع، وهذه الثروة تحتاج إلى من يوجهها الى الوجهة الصحيحة، لتعود على نفسها وعلى الوطن بالفائدة..

من هنا نجد حاجة ماسة لتنمية الامكانيات والقدرات، وخلق مجالات جديدة تتوافق مع كافة حاجات وطاقات الشباب الذين يشكلون عماد الوطن.

ولكي نبدأ بطريقة مدروسة وصحيحة، يجب البدء بمحوالأمية في لبنان بكافة  أبعادها، لأن نسبة الأمية فيه مرتفعة جدا  قياساً الى الدول المتقدمة! ومن  واجبينا أن نعمل على أن يكون التعليم مجاني للجميع، حتى سن معينة، لكي يستعيد لبنان موقع المتقدم في المجال الثقافي والحضاري

وواجبنا جميعاً العمل على تننمية شخصيات الشباب المبدع ومساعدته على البقاء في لبنان، وذلك بإشراكهم في عمليةصنع القرار. فمن حق المواطن  أن يُشرك في صنع القرار… ولا بد من خلق فرص عمل عديدة تحد من الهجرة وبذلك نقوي التنميةالإقتصادية عبر تزويد القطاعات كافة بطاقات شابة قادرة على ضخ أفكار متقدمة تساهم في عملية التنمية.. وعندها يبدأ الشاب بتأسيس ذاته وينخرط بالمجتمع أكثر فأكثر، وتفتح المجالات أمامه ليستثمرطاقاته في وطنه ومجتمعه.

الهجرة

التنمية الاقتصادية:

التنمية الاقتصادية بنظري مرتبطة بالبيئة والانسان وبمشاريع التنمية الإقتصادية إذا أهملت البيئة والإنسان تؤدي إلى كارثة يصعب معالجتها فهناك أموال كثيرة تدفع في الوطن ولكن ليس في مكانها فلبنان يحتاج لتقوية صناعته وزراعته وذلك يخلق فرص عمل ونهوض إقتصادي جيد ويكون ذلك عبر تقديم قروض ميسرة للصناعيين والزراعيين .وأود أن أؤكد أن الطبقة الأهم في لبنان هي الطبقة الوسطى التي تنعزل عن سوق العمل وتتدهور وتنهار بإنهيار الإقتصاد اللبناني بأجمعه. و علينا إنشاء مركز دراسات لدراسة حاجات السوق المحلي وتنظيم سوق العمل وتوجيه طلابنا إلى إختصاصات مهنية وحرفية، الوطن بحاجة إليها فمثلاً لبنان بحاجة اليوم إلى ٦٠٠٠ ممرض وممرضة..ونكون بذلك وصفنا حلاً لمشكلات البطالة والهجرة معاً، فالهجرة مأساة للشعب اللبناني ،انّها هجرة الأدمغة واليد العاملة،وبالتالي تنعكس سلبا على الإقتصاد والثقافة اللبنانية..وللأسف،لم يقدم الخبراء الاقتصاديون وسائل فعالة للخروج من هذه المشاكل..

الإنتخاب بطريقة صحيحة

التنمية السياسية:

أولا يجب تطبيق مبدأ فصل السلطات لكي نتمكن من المساءلة و المحاسبة و لكي نكون في دولة ديمقراطية فعلا إن أردنا ذلك…وللأسف،لا تلعب السلطات اليوم الدور المطلوب منها…

ثانيا،تخفيف الهدر الموجود في مختلف قطاعات الدولة من موظف الفئة خامسة الى موظف الفئة الأولى وما يفيد هو تطبيق سياسة مراقبة فعالة وإحداث المكننة في دوائر الدولة ورفع الغطاء السياسي عن الجميع وتطبيق اللامركزية الإدارية و تفعيل ديوان المحاسبة و التفتيش المركزي لمراقبة ومحاسبة السارقين بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى…

و يجب إختيار الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الفحوصات التي تجري في مجلس الخدمة المدنية و ذلك لكي نحصل على إنتاجية أكير.

و لبنان يجب أن يكون دولة محايدة في السياسة الخارجية لأنه لا يمكن أن يكون دولة تابعة أو منعزلة. فذلك يولد الإستقرار والإستقرار يولد الإزدهار الإقتصادي وهذا ما نحتاج إليه.

و لكي نبدأ بحياة سياسية بناءة و قادرة على التغيير يجب تطبيق قانون إنتخاب المحافظة مع النسبية فهو الأمثل لأنه يساعد على إزالة الأرستقراطية السياسية جزئيا ويمثل المواطن تمثيلا أفضل ويساعد على تخفيف التشنج الطائفي ويؤدي الى نوع من اللحمة بين اللبنانيين، ويتيح دخول وجوه جديدة ومثقفة الي البرلمان اللبناني.

و أيضاً للشباب دور في ترشيح النظم والقيم الملائمة لحماية الوطن. يظهر إلتزام الشباب بقضايا الوطن من خلال مشاركات الشباب في الحياة السياسية عبرالمشاركة بالإنتخابات و ذلك يعزز الديمقراطية….

واخيرا إنني مع العدالة دائما ومحاكمة من يرتكب جرما في هذا الوطن لمنع اي جرم مستقبلي ان يحصل. .

إهدن لبنان

التنمية البيئية :

أ- إن المياه مستقبلا سوف تكون بترول العالم..ويحق لبلد كلبنان غني بالمياه أن توضع له سياسة تنموية مائية… كإتباع سياسة بناء السدود و تصريف المياه بشكل موضوعي لكي يتمكن المواطن من الإستفادة منها .

ج- البيئه رأس مال السياحه المستدام فوطننا لبنان يتميز بخضرته و جباله و بحره و بالمحافظه على هذه المميزات الربانيه للبنان نزيد الدخل الوطني للسياحة …

و علينا عدم إتباع سياسة التصحر فدول الصحراء تتبع إستراتجية التشجير فالمطلوب أن نحافظ على هذه الطبيعه للحد من الجرائم البيئيه بعدم إعطاء تراخيص للكسارات و الإهتمام بهذه الثروة الطبيعية.

و لا نريد إضافة ميزة جديدة ولكنها سيئه على طبيعتنا وهي جبال النفايات بل علينا التخلص من هذه الكارثة، بأن تتبع الدولة خطة لإعادة تأهيل النفايات بتدوير الورق والمعادن و الزجاج و معالجته بالطمر الصحي او الحريق الشديد لتوليد الطاقة.

على شاطئ البحر المتوسط وطن لنا يستحق أن يكون من خيرة الأوطان، و لبنائه نحتاج الى تضافر قدرات جميع أبنائه، و حيث يشكل الشباب الطاقة البشرية الإنسانية لتحقيق تنمية بشرية مستدامة، فالتنمية هي العملية التي تحقق النموّ أو الزيادة في أحد القطاعات الإقتصادية.

و أخيرا ، إنني أرى أن المواطن اللبناني من خلال إنماء مناطقه و وطنه يتنامى داخله حس الإنتماء إلى الوطن أولا  و ليس إلى طائفة أو مذهب أو حزب أو تيار..

من هنا أرى أن نرفع شعار “الانماء يولد النتماء” ليبقى  لبنان وطنا لكل ابنائه…

عشتم ودمتم وعاش ودام لبنان

دراسة حول أهمية اللامركزية الإدارية في لبنان

اللامركزية الإدارية في لبنان

إننا كلبنانيين نفتقر جميعنا إلى مزيد من التضامن ، و إلى مزيد من الأصالة ، و الإنسجام في السلوك في القضايا العامة. فاللامركزية الإدارية  هي ممكن أن تكون حل و ذلك عبر  توزيع السلطة جغرافيا و عبر إنشاء حالة من الإنماء المتوازن و إشراك المجتمع المحلي في تحديد حاجاته و أولوياته.

فعانت اللامركزية الإدارية في المجال الثقافي اللبناني إما تقليصا لها ، بوصفها مجرد تقسيم جديد للمحافظات و الأقضية ، و إما توسيعا لمفهومها لتستوعب الإصلاح برمته. فهي ليست مجرد تقسيم إداري، و ليست كل الإصلاح كذلك.

فمثلت اللامركزية الإدارية إتجاها عالميا واسعا منذ أوائل السبعينات . فقد أدركت حكومات عدة في كل أنحاء أوروبا و آسيا و أميركا ، أن إدارة الموارد و توفير الخدمات و تقنين المشاركة السياسية هي من الإتساع بحيث لا يمكن أن تتولاها جهة مركزية واحدة. و إنه يمكن بل ينبغي، أن تدار المهام الحكومية و العمليات السياسية من مستويات مختلفة. وقد قامت بلدان عدة، كفرنسا و إسبانيا و إيطاليا و بريطانيا و هولندا و بلجيكا و ألمانيا، بإعادة هيكلة بناها الإدارية المحلية و منحتها سلطات أوسع ، و هو ما فعلته أيضا الولايات المتحدة و كندا و المكسيك و الهند و نيجيريا و البرازيل و غيرها.

فهذا الإتجاه العالمي نحو اللامركزية الإدارية ما هو إلا إجراء تصحيحي للمركزية المفرطة التي رافقت مراحل بناء الدولة الحديثة في القرن التاسع عشر و أوائل القرن عشرين.

فالسجال بين المركزية الإدارية و اللامركزية مستقل تماما عن المفاضلة بين الدول الموحدة و الدول الفدرالية التي شغلت بناة الأمم في القرن التاسع عشر و أوائل القرن عشرين. فمسألة الدولة الموحدة أو الفدرالية هي مسألة سياسية مرتبطة بالسيادة السياسية و أسس المجتمع السياسي.

فاللامركزية الإدارية تقوم في جوهرها على عدم إتخاذ كل القرارات و الأعمال المتعلقة بالشؤون العامة من قبل السياسيين و البيروقراطيين في العاصمة و على توزع السلطات و الصلاحيات على كل أنحاء البلاد.

فلا بد من الإشارة إلى الإختلاف المهم بين اللامركزية الإدارية و اللاحصرية الإدارية. فاللاحصرية الإدارية هي عنصر موجود حتى في المؤسسات الشديدة المركزية، كالجيش على سبيل المثال، و هو مصطلح يطلق على التفويض المباشر للسلطة .

و بخلاف اللاحصرية تدل اللامركزية على التنازل عن بعض السلطات لمؤسسات محلية تمارس هذه السلطات بوساطة مسؤولين محليين منخبين. فممكن أن تكون جغرافية أو قطاعية ، و الصورة الأكثر شيوعا لها تتمثل بيتقسيم البلاد إلى مقاطعات جغرافية _ إدارية مثل : البلديات و الأقضية و المحافظات في لبنان.

فهي لا تنفصل جغرافيا فقط بل تنفصل هيكليا عن الحكومة المركزية و تحول إلى مؤسسات وطنية عامة أخرى. فعلى سبيل المثال لا ينتخب في بعض البلدات في الولايات المتحدة رئيس البلدية و أعضاء المجلس البلدي فحسب، بل ناظر محاسبتها و قائد شرطتها و رئيس قضائها و رئيس إطفائيتها و المدعي العام و أعضاء المجلس التعليمي و المفتش العام و غيرهم.

فجوهر اللامركزية الإدارية لا يتعلق بإضعاف السلطة المركزية بل بتقوية السلطات المحلية، و الحصيلة النهائية ليست مجرد إعادة توزيع سلطات الحكم بل زيادة في السلطات الحكومية ككل. لنأخذ المصرف التجاري كنموذج: إن إنشاء و تعزيز فروع محلية لأي مصرف قد يؤديان إلى خفض نسبي لموقع المركز الرئيسي للمصرف، إلا أنه يقوي المصرف ككل.

فاللامركزية لا تنحصر بالضرورة في القطاع الحكومي ، أي إنها لا تنحصر بإنتقال المسؤوليات و المهام من جهاز الحكم المركزي إلى السلطات المحلية ، بل إنها يمكن أن تمثل أيضا إبتعاد بعض من السلطة من الحكومة بإتجاه المجتمع المدني و القطاع الخاص.

فهنا أود التكلم عن بعض مشاكل المركزية:

–          إن مركزية الإدارة و صنع القرار تبعد المواطن من السياسات و من الدولة نفسها. فلا تتسنى له الفرصة في إبداء رأيه في أعمال الحكومة أو السياسات التي تتبناها و تعمل على تحقيقها فهو ينتخب فقط البرلمان .

–          المركزية المفرطة تقلص من عملية المساءلة و قدرة المواطنين على تحديد ما هي مسؤوليات المسؤولين و محاسبتهم عليها إلى الحد الذي يجعلها تكاد تختفي كليا.

–          في النظام الإداري الشديد المركزية الذي يتخذ القرار ات كافة، تكون السياسات و البرامج الحكومية نتيجة المساومات بين حفنة من السياسيين و ليست الحاجات و المطالب  المحلية.

–          من المنظار المالي من المرجح أن يواجه النظام الشديد المركزية الذي يعتمد بشكل كلي على الضرائب الوطنية الموحدة و على الإنفاق الموحد ، صعوبات هائلة في تحصيل الإيرادات ، و يعود ذلك إلى عدة أسباب: الضرائب المجباة تذهب إلى الحكم المركزي في  حين أن المواطن العادي لا يملك أي رأي في سبل إنفاقها. ثانيا، الأموال المحصلة ليست مرصودة لمشاريع معينة و لمناطق معينة.

–          من المنظار التنموي، فإنه من المرجح أن تكون السياسات التي تنبع من المساومات و ليس من الإستجابة إلى الحاجات و الأولويات الحقيقية للبلاد خاطئة في جوهرها و وجهتها.

–          من المرجح أن تنمو العقلية الإتكالية بحيث يفقد المواطنون روح المبادرة سياسيا و إجتماعيا و يزداد تدريجا إعتمادهم على الدولة في توفير كل شيء من الطرق و الكهرباء و المدارس و المستشفيات و الماء إلى فرص العمل و الإزدهار الإقتصادي.

أما فوائد اللامركزية الإدارية :

–          اللامركزية الإدارية تؤدي إلى تركيز إهتمام الموظفين العامين على مطالب الشعب الحقيقية و ليس على إملاءات النخبة الحاكمة المركزية و أوامرها.

–          تساعد اللامركزية على تقريب القرارات العامة من الناس و تبعدهم من السياسيين و يعود ذلك إلى سببين:

الأول ، في ما يتعلق بالشؤون المحلية ، سيكون الأهالي قادرين على فهم القضايا التي تكون مطروحة للمناقشة. و الثاني الأهالي ليسوا بعيدين أو غائبين عن الساحة السياسية المحلية كما هي الحال غالبا على المستوى الوطني العام.

–          اللامركزية هي وسيلة لزيادة مساءلة الشعب للحكومة و ذلك لثلاثة أسباب هي :

أولا، من السهل على المستوى المحلي تحديد الأشخاص المسؤولين عن الأداء الإداري و ذلك بخلاف الحكومة المركزية بحجمها الواسع و بنيتها المعقدة. ثانيا ، إن تحقيق الشفافية في الإدارة أمر سهل على مستوى الحكم المحلي و بالتالي يمكن الأهالي أن يعرفوا بشكل دقيق كل ما يتعلق بعمل الإدارة، و خصوصا ما هي الأعمال التي تقوم بها أو لا تقوم بها.

–          تمتاز الشؤون المطروحة على المستوى الإداري المحلي ببساطتها و قابليتها للفهم من قبل الأهالي ، و بالتالي فإنه من المرجح أن يختار الأهالي مسؤوليهم المحليين بناء على إدراكهم الواضح لأولوياتهم و مصالحهم.

–          أما على الصعيد النمو الإقتصادي فإن اللامركزية تنحو إلى تشجيع النمو المتوازن و المتكافىء، و يعود ذلك إلى أن اللامركزية تعطي الشعب دورا أكبر كثيرا في عملية صنع القرار من النظام المركزي، و تتطلب توافقا وطنيا على خطط التنمية الوطنية أكثر إتساعا مما تطلبه الأنظمة المركزية التي يصنع القرار فيها بعض النخب في العاصمة.

–          تسمح اللامركزية بإعتماد برنامج للتنمية الوطنية أكثر عقلانية و صقلا. و يعود ذلك نظرا إلى إختلاف الحاجات و الفرص بإختلاف المناطق.

–          تساهم اللامركزية الإدارية بالطبع في عدم تمركز رأس المال و الإستثمار في العاصمة  و بالتالي تساعد على اللامركزية الإقتصادية.  و تساعد المقاربة المتنوعة للتنمية  على التنافس بين المناطق لتأمين إستثمارات و فرص عمل.

–          اللامركزية الإدارية تتفادى مشكلة الجمود الإداري ، إذ أن وجود هيئة واحدة في البلاد لصنع القرار يجعل من عملية صنع القرار عملية بطيئة جدا وقد تتعطل تماما أحيانا.

–          كما ساجل العديد  من المنظرين السياسيين، فإن الإدارة المحلية تساهم بشكل متكامل في تثقيف و تكوين المواطنين ديمقراطيين قادرين و فاعلين ، فهي تعطيهم المعلومات و الخبرات المتعلقة بالشؤون العامة في مستوى يمكنهم في فهمها و التفاعل معها بسهولة.

–          على صعيد التمثيل الديمقراطي ، هو الآلية الرئيسية في الأنظمة الديمقراطية التحديثية التي تحافظ على دور الشعب في صنع القرار، يؤسس الحكم المحلي لنظام تمثيلي يتميز ببقائه على مسافة قريبة من الناخبين.

–          يعزز الحكم المحلي الإنسجام و التوافق الإجتماعي، فهو يتيح للسكان المحليين و ممثليهم فرصة إكتساب الخبرة في مجال حل الأزمات و الصراعات في إطار مجتمع محلي يمكن إدارته.

–          يحدد الحكم المحلي طابع العمل السياسي و ينحو إلى توجيهه بإتجاه المقاربات الأكثر هدوءا و عقلانية.

–          تنمي اللامركزية المساواة السياسية عبر توسيع هامش المشاركة السياسية في أنحاء البلاد كافة و مضاعفة الفرص و المستويات للناس من كل الأنواع للمساهمة في صنع القرار.

اللامركزية و اللاحصرية في جهاز الإداري اللبناني:

إن الهيكلية الإدارية في لبنان هي وريثة النظام العثماني و نظام الإنتداب الفرنسي و كلاهما شديد المركزية. و من الأسباب الرئيسية لعدم تطور الإدارة و لركودها في لبنان هو إستمرار الخلط بين اللامركزية الإدارية و المركزية السياسية، أي بين اللامركزية و الفدرالية. فمعاناة لبنان مع الفدرالية و مخاطر التفكك السياسي هي معاناة تاريخية و بنيوية.

فالإدارة في لبنان تقوم على مستويين :

–          مستوى الحكومة المركزية الوطنية و مستوى البلديات المحلية. و تمارس الحكومة المركزية سلطتها بصورة مباشرة من العاصمة و عبر الوزارات المركزية المتمركزة فيها التي لها فروع في المحافظات الخمس ، و كذلك تبسط الحكومة المركزية سلطتها عبر المحافظين المعينين الذين يمثلون الحكومة المركزية في مناطقهم و ينسقون أعمال الوزارات المختلفة في محافظاتهم، إضافة إلى القائمقامين المعينين الذين يمثلون الحكومة و المحافظين في الأقضية، و حتى على مستوى القرية أو المحلة فهناك المختار و هو منتخب و ليس معينا إلا أنه يخضع أيضا للسلطة المركزية و يمثلها في المعاملات المحلية.

الإدارة المحلية في وجهها المركزي :

المحافظات :

–          مقسم لبنان اليوم إلى ثمان محافظات و يدير شؤون كل محافظة المحافظ الذي يعين من حملة الإجازة في الحقوق أو ما يعادلها         ، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء و يعد من موظفي الفئة الأولى و يتعين عليه أن يقيم في مركز المحافظة.

و يؤدي المحافظ دورا مهما في نطاق المحافظة شبيها بالدور الذي يؤديه المحافظ في فرنسا. فهو يمثل جميع الوزارات ، ما عدا وزارتي العدل و الدفاع الوطني، و بالتالي هو يدير أجهزة الوزارات في المحافظة ، و هو الرئيس الأعلى لجميع موظفي الدولة في محافظته، و بوساطته يجب أن تتم المخابرات بين الإدارة المركزية في العاصمة و بين دوائرها في الأقاليم، كما يعد الرئيس المباشر لقائمقامي الأقضية التابعة له.

الأقضية:

–          الأقضية هي الحلقة الثانية ، على المستوى الإقليمي للإدارة المركزية و هي تشبه إلى حد بعيد الدوائر في فرنسا. و تتوزع الأقضية في نطاق المحافظات على 24 قضاء هي التالية :

–          أقضية صيدا و صور و جزين في محافظة لبنان الجنوبي.

–          أقضية النبطية و مرجعيون و بنت جبيل و حاصبيا في محافظة النبطية.

–          أقضية بعبدا و المتن و كسروان و جبيل و الشوف و عاليه في محافظة جبل لبنان.

–          أقضية طرابلس و عكار و زغرتا و بشري والبترون و الكورة في محافظة لبنان الشمالي.

–          أقضية زحلة و بعلبك و راشيا و البقاع الغربي و الهرمل في محافظة البقاع.

–          قضاء بيروت في محافظة بيروت.

و يدير شؤوون القضاء موظف يدعى القائمقام، يعين مب بين خريجي المعهد الوطني للإدارة و الإنماء، أو من بين موظفي الفئة الثالثة على الأقل في الإدارات العامة الذين يحملون إجازة الحقوق، و أمضوا سنتين على الأقل في الخدمة من الفئة المذكورة بعد نيلهم الإجازة في الحقوق.

المختارية:

–          تمتد إدارة الدولة على المستوى المحلي أيضا إلى القرى و المدن. و هي تقوم إلى جانب البلديات ، و ضمن إطارها و حتى من دون وجود البلديات أحيانا، عن طريق المختار و المجالس الإختيارية.

البلديات:

–          تقوم الإدارة المحلية أو الإدارة اللامركزية في لبنان على مستوى واحد هو البلدية. و البلدية هي الخلية الإجتماعية الأساسية في البلاد، في حين أن التقسيمات الإدارية الأخرى كالمحافظات و الأقضية ، هي تقسيمات مجردة ترتبط بجهاز الدولة المركزي، و لا تعكس واقعا إجتماعيا معينا كما هي البلديات.

صلاحيات المجلس البلدي:

–          إن مسألة تحديد إختصاصات المجالس البلدية هي من مشكلات الكبيرة التي عاناها التشريع الإداري و تطرق إلى معالجتها الفقه الإداري، و ذلك للصعوبة اللامتناهية في تحديد إختصاصات المجالس البلدية و التمييز بينها و بين إختصاصات السلطة المركزية، أي في تعيين المعيار الفاصل بين ما يعد من المرافق العامة المحلية و ما يعد المرافق العامة الوطنية.

رئيس البلدية أو السلطة التنفيذية:

–          يتولى السلطة التنفيذية في البلدية، رئيس المجلس البلدي، يعاونه جهاز إداري يتألف من العاملين في البلدية من إداريين و فنيين و عمال متعاقدين.

ينتخب رئيس المجلس و كذلك نائب الرئيس بالتصويت العام المباشر و لمدة ست سنوات ، مع أعضاء المجلس البلدي.

مقدار ما يحققه النظام البلدي في لبنان من لا مركزية إدارية:

إن اللامركزية الإدارية تقوم على أسس و معايير ثلاث ، يمكن في ضوئها الحكم على نظام قانوني ما ، فيما إذا كان نظاما لا مركزيا أم لا ، و درجة اللامركزية محققة فيه . و هذه العناصر هي الشؤون المحلية و السلطات المحلية و الوصاية الإدارية. فما هو مقدار توافر هذه العناصر في قانون البلديات اللبناني الحالي؟

فالقانون رأى  أن الشؤون المحلية ، التي تتميز عن الشؤون الوطنية محصورة ضمن إطار القرى و المدن. و ليس كل القرى و المدن و إنما تلك التي يزيد عدد أهاليها المقيدين في سجلات الأحوال الشخصية.

بالنسبة إلى سلطة الوصاية:

تقوم اللامركزية الإدارية على عنصر أساسي، مهم و من دونه تفقد معناها و محتواها، و هو عنصر الإستقلال الذاتي للجماعات المحلية. و الإستقلال هنا يبلور في تمكن المجالس المحلية من إتخاذ قراراتها ، في حدود ما سنه القانون من صلاحيات بمعزل عن الدولة، دون أي تدخل أو تأثير من قبلها، و بشكل يؤمن لها حريتها و إستقلالها.

و في النهاية أريد التكلم عن الموازنة و الضريبة:

إن الدستور اللبناني كرس مركزية فرض الضرائب و أناط هذا الحق بممثلي الشعب اللبناني:

” تفرض الضرائب العمومية و لا يجوز إحداث ضريبة ما أو جبايتها في الجمهورية إلا بموجب قانون شامل تطبق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية من دون إستثناء كما أنه لا يجوز تعديل الضريبة أو إلغائها إلا بقانون.

فالضريبة تتمتع بشمولية و تطبق على جميع المواطنين و المقيمين على الأرضي اللبنانية من دون إستثناء. و الضريبة تفترض أن الإستقلال المالي للإدارة المحلية يقتضي توافر الشروط التالية:

حرية تحديد الواردات، فرض ضرائب جديدة، أو على الأقل حرية تحديد معدلات الضرائب أو مبالغها و حرية الإقتراض، حرية تحديد النفقات المحلية، و حرية إعداد و إقرار الموازنة و تنفيذها.

ففي الدول الموحدة، كفرنسا و بريطانيا و لبنان، فليس لها نظام مالي موحد. ففي حين تقرر الإدارة المركزية، في بعض هذه الدول ، الضريبة و تكون واردات الإدارات المحلية علاوات على الضرائب المركزية ، نجد السلطة المركزية ، في بعضها الآخر تكتفي بتحديد مطارح الضرائب التي يمكن الإدارت المحلية فرضها، على أن يكون لها حرية في تحديد معدلاتها و مبالغها ضمن حدود معينة ترسمها الإدارة المركزية.